أيُّها العرب.. أيُها الفلسطينيون.. ويا أيَتُها الشُّعوب المضحوك على ذقونها، والمغلوبة على أمرها:
استعينوا على قضاءِ حوائجكم بالأمريكان؛ وامتَثِلوا واسمعوا وأطيعوا، وإيَّاكُم أنْ تقرؤُوا أيَّاً من المبادىءِ المُحرَّكة للسياسات الدَّاخليَّة الفدراليَّة – الاتِّحاديَّة – الأمريكيَّة؛ المُحرِّكة والموجِّهة بدورها للسياسات والاستراتيجيَّات الخارجيَّة الأمريكيَّة!!.
إيَّاكم أنْ تقرؤُوا " نحو دبلوماسيَّة أمريكيَّة جديدة في القرن الحادي والعشرين " لـ " هنري كيسنجر " أو أنْ تُعيدو قراءَة " ذا كوماندرز – أو القادة " لـ " بوب وورد " أو " عاصفة الصَّحراء " لـ " إيريك لورو و لبيار سالينجر " أو انْ تُعيدوا قراءَةً ولو نقديَّة لـ " لعبة الأمم " لمايلز كوبلاند " أو أن تفحصوا دلالات مبدأ الرئيس الأمريكي الخامس " مونرو " أو دلالات مُتلازمة " روزفلتْ " أو دلالات سلوك إدارة " دونالد ترامب " وارتباطاتها المنهجيَّة بسابِقاتِها، وضعوا كل تلك المبادىء المُحرِّكة في سلَّةِ المُهملات !!.
إيَّاكُم أنْ تقرءَوا" مدائح الثروة والذَهب وطرائق السطو والنَّهب في " ثروة الأمم " لـ " آدم سميث "أو أنْ تقرءَوا " البريغماتيَّة " لـ " ولْيَمْ جيمس" أو أنْ تقرءَوا" اعترافات قاتل اقتصادي " لـ " جون بيركنز".. وإيَّاكم أنْ تقرءَوا الوقائع، أو أنْ تستخلِصوا العِبَرْ!
واستعينوا على قضاءِ حوائجِكُم بالأمريكان؛ إذا أردْتُم العيش بهدوء، وإذا أردُّتُم ألَّا تُحارِبوا حروبَ المُناكَفاتِ والكلام أو ألَّا تُحارَبوا، أو أنْ تُهادِنوا أو تُصالِحوا، وإذا أردْتُم الحصول على وصفة للهدوء المؤقَّتْ أو الطَّويل على الحدود في الجنوب أو في الشَّمال، في المياهِ أو فوق الرِّمال!
استعينوا على قضاءِ حوائجِكُم بالأمريكان في إبرام الصَّفقات السياسيَّة والاقتصاديَّة، وفي إعادة هيكلة اقتصاداتِكم ومجتمعاتِكم وثقافات الاستهلاك المحموم لدى شعوبِكُم ومجتمعاتِكُم كي تتلاءَمَ مع منطق الامتثال التَّام لشروط الاقتراض من البنك الدَّولي ومن صندوق النَّقد الدَّولي، ولشروط الحصول على مِنَحٍ إضافيَّةٍ – مدفوعة الأثمان سياسيَّاً وأخلاقيِّاً – واستعينوا بالأمريكان لاستيفاءِ شروط إعادة جدْوَلَةِ الدُّيون بفوائد مُضاعفة إضافيَّة تزيد في مجاميعها المُتراكمة، ومع الزَّمن ومع كل دورة إعادة جدولة عن أصل مبلغ الدَّيْن !!.. واستعينوا على قضاءِ حوائجِكُم بالأمريكان في الشِّدَةِ والرَّخاءْ، وفي تحقيق وتطبيق أركان وشروط الدُّخول في الدِّين الجديد، دين أنماط الاستهلاك والحداثة وما بعد الحداثة، واتِّباعِ دين نبيِّ العولمة الجديد وأنصاره وحوارييه من الشَّرِكات متعددة الجنسيَّات العابرة للقارَّات والثَّقافات، وادخلوا في دين منظمة التِّجارة العالميَّة أفواجاً، أفواجاً وطوفوا بالبيت الأبيض العتيق!
ومرَّةً تلْوَ مرَّةٍ؛ استعينوا على قضاءِ حوائجكم بالأمريكان.. ولا تُصابوا بالضِّيقِ وبخيبةِ الأمل وأنتم تقرؤون – إذا قرأتُم – أو وأنتم تُحاولون الاطلاع على ما يُكتب في الفكر الاستراتيجي الأمريكي، من قِبَلِ الاستراتيجيين الأمريكيين أنفُسِهِم، ولا ينبغي أنْ تلوموهم، بل لوموا أنْفُسَكُم، فأولئك إنَّما يكتبون لمجتمعاتِهم ولنُخَبِهم ولقرَّائهم وهم يكتبون بمنتهى الصَّراحة، ويمكن فحص صحَّة ما يكتبون عنهم وعنَّا، وعن خططهم وكيف تنجح في بلوغ غاياتها، بأداةِ فحصٍ بسيطة، وذلك من خلال مقارنة ما يكتبون بما يجري من الوقائع والشواهد التَّاريخيَّة وباستخدام قرينة المجريات والسِّياقات والأمثلة الواقعيَّة، وبمنحى بالأحداثِ التي تجري في طولِ بلادنا العربية وعرضها !!.
ولماذا نلومهم على يكتبون وعلى ما يفعلون، وهم إنَّما يريدون تحقيق مصالحهم في بيئة الغباء العربي، وهم صُرَحاءُ واضحون فيما يكتبون وفيما يسلكون من مسالك ودروب منهجيَّة لتحقيق مآرِبِهم إلى الحدِّ الَّذي يبعث على الاستغراب؛ من كونِهم لا يهتمُّونَ أقرأنا أم لم نقرأ، رأينا أم لم نَرَ !!. ولِمَ الغرابة إذاً؛ِ إذا كانوا يكتبون بِلُغَتِهِمْ الأم للعالم، ولُغَتُهم إمبراطوريَّة عالميَّة متوَّجة، وأقرانهم من الإسرائيليين يكتبون بالُّلغة العبريَّة لجمهورهم، ويتمُّ ترجمة ذلك إلى - لُغَتِنا الأم - اللغة العربية، دون أَيِّ قيود، وتُتاحُ قراءَة ذلك لأمَّةٍ كاملةِ العدد ناقصة الإرادة ملثومة مشتتة الوعي مضياعَة للفرص فاقدة للخيارات، ونُخَبُها - قبل جُمْهُورِها - لا تَعْبَأ بقراءَةِ ما يكتبه الآخرون من أمريكيين وإسرائيليين عن نواياهم وخططهم المنهجيَّة، بل على العكس من ذلك؛ يتم الاستعانة ببعض تلك النُخب على قضاءِ حوائج ومصالح الأمريكان عبر الاستعانة بهم في قضاءِ حوائج قبائلنا وعشائرنا السياسيَّة !!.