الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مصر تقود هدنة متدرجة تسميها إسرائيل تفاهمات والرئيس يتحفظ

2018-08-18 01:32:52 PM
مصر تقود هدنة متدرجة تسميها إسرائيل تفاهمات والرئيس يتحفظ

متابعة الحدث

حصلت مصر في الأيام القليلة الماضية على ما يمكن تسميته بالموافقة الأولية من قبل إسرائيل وحماس على دعم مساعيها لتثبيت وقف إطلاق النار، الذي تستند فيه على اتفاق العام 2014. باعتباره أرضية للوصول إلى هدنة طويلة الأمد تسعى إليها حماس، فيما تصر إسرائيل على وصفها بالتفاهمات.

وبين المساعي المصرية المتوافقة مع مساعي حركة حماس، وإصرار إسرائيل تحصيل كل النتائج الايجابية لصالحها دون مقابل، يتحفظ الرئيس عباس على كامل المسار لاعتقاد قيادة السلطة بأن ما يجري حوله الأمر لن يخرج عن كونه مسكن موضعي لحالة غزة وليس حلا للخروج بالأزمة إلى بر الأمان.

وفي السياق نجد محاولات الإدارة الأمريكية المتكررة تجاوز القيادة الفلسطينية وهو ما عبرت عنه التصريحات الأمريكية الأخيرة التي اشارت إلى ضرورة التوصل إلى تهدئة في القطاع سواء بمشاركة السلطة أو دونها.

مصادر فلسطينية مطلعة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن ثمة موافقة مبدئية من إسرائيل وحماس على حد سواء، لكن المشكلة الرئيسية التي تواجه مصر أنها تريد إنجاز اتفاق مصالحة قبل ذلك أو بالتوازي معه لضمان عودة السلطة إلى قطاع غزة، وهو الأمر الذي يبدو معقدا في ظل تمسك حركة فتح بتمكين شامل للحكومة قبل أي شيء، ورفضها أصلا مفاوضات التهدئة القائمة حاليا. ولم تشارك حركة فتح في المباحثات القائمة في القاهرة، على الرغم من طلب مصر ذلك.
ومارست مصر ضغوطا كبيرة على قيادة السلطة الفلسطينية، خصوصا الرئيس محمود عباس، لإرسال وفد من حركة فتح إلى القاهرة للمشاركة في الاجتماعات التي بدأت منذ أيام، وأكدت مصر أن أي ملفات لن تنجز دون إنهاء الانقسام وإعادة قطاع غزة تحت مسؤولية السلطة الفلسطينية.

وتكمن ملاحظات القيادة الفلسطينية في عدة نقاط واضحة تتلخص في التالي:
أولا: أقيمت المباحثات حول التهدئة في وقت اجتماعات (المجلس المركزي) ويعد مثل هذا الموقف رسالة سلبية.

ثانيا: أن مسار التفاوض لإنجاز التهدئة قطع شوطا طويلا دون الرجوع إلى الرئيس عباس.

ثالثا: رفض القيادة التسليم بأي عنوان فلسطيني غير عنوان "منظمة التحرير" وعليه فإنها تؤكد أن أي اتفاق يجب أن يكون منظمة التحرير وليس فصيلا أو فصائل مختلفة،

رابعا: قيادة المنظمة تنظر للأمر بوصفه شكل من اشكال المهرجانات التي تضم فصائل غير معروفة أو مؤثرة، ينحصر دورها في كونها محسوبة على حركة حماس.
خامسا: القيادة تعتقد أن اتفاق حول التهدئة يجب أن يتضمن اتفاقا لرفع الحصار وإعادة بناء المطار والميناء، وهذا لن يتم دون وجود حكومة فلسطينية.

وبالعودة إلى كل جولات المصالحة السابقة سنجد أن الإشكالات الأساسية المختلف عليها بين حركة حماس والسلطة وتشير إلى إصرار الرئيس عباس على المصالحة الكاملة التي تشمل تسليم غزة للسلطة مع «سلاح واحد» و«قانون واحد. لم تضع لها مصر أي خطط واضحة للخروج بحلول فعالة لها، وتتمحور هذه القضايا في مسائل مهمة؛ منها مسألة حكومة الوحدة، والعقوبات، ومصير موظفي حماس العسكريين، وعقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، والأجهزة الأمنية، ودوائر المالية، والقضاء، والأراضي.
وفي حين تصر فتح على تمكين الحكومة الحالية قبل أي شيء، تريد حماس حكومة وحدة على أساس الشراكة في كل شيء، ورفع العقوبات، والانتقال لملف منظمة التحرير.
على الأرض أعلن أحد قادة حركة حماس عن قرب التوصل لاتفاق تهدئة مع إسرائيل، مشيرا إلى أن يوم أمس الجمعة شهد نوعا من الهدوء لإعطاء فرصة لإنجاح الجهود المصرية والأممية للتوصل للتهدئة. وهو ما أكده خليل الحية نائب رئيس حركة حماس في قطاع غزة قائلا: «باعتقادي نعم نحن قريبون من اتفاق» للتهدئة مع إسرائيل.

موضحاً أن المباحثات في القاهرة «تجري بشكل جيد»، لافتا إلى أن «المباحثات التي تجري مع الفصائل ومع مصر والأمم المتحدة قطعت شوطا كبيرا في موضوع التفاهمات (التهدئة) مع الاحتلال في إعادة الاعتبار إلى تفاهمات 2014 وإمكانية إعادة الهدوء». وترفض إسرائيل تسمية ما يجري حتى الآن بأنه «اتفاق.

إلا أن الحكومة الإسرائيلية لم تزل تصر على أن ما يجري الحديث عنه هو التزام من طرف واحد قدمته حماس لإسرائيل عبر الوسطاء، وأن «إسرائيل تعده التزاما ينسجم مع سياستها المبنية على قاعدة (الهدوء يقابل بهدوء). وليست هناك مدة زمنية محددة من طرفنا ولا وثائق نوقع عليها». الأمر الذي أكده الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية، وورد على لسان أكثر من جهة إسرائيلية ومنها يعقوب عامي درور، رئيس مجلس الأمن القومي السابق والمقرب من نتنياهو والذي قال: إن «ما يتم مع حماس لا يمكن تسميته اتفاق تهدئة؛ بل تفاهمات عبر طرف ثالث لا يوجد فيها حتى نظام تنفيذ محدد. بالنسبة لإسرائيل مصر هي العنوان».

الإشكال في الأمر أن مساعي الأطراف المختلفة بما فيها الوسطاء "مصر، وقطر" يهدف الوصول إلى صيغة بعينها لن تخدم في المقام الأول والأهم سوى إسرائيل، وإن القت بظلالها الايجابية على حال قطاع غزة وسكانه، فضلا عن خدمة الطرح الأمريكي المسمى بـ "صفقة القرن" خاصة إن أدى أي اتفاق قادم إلى فصل القطاع سواء بشكل مباشر أو متدحرج. وهو ما يصب تماما في رؤية القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، وخاصة بوصفها الأمر بأنه لن يكون في أفضل حالاته أكثر من مسكن قابل للانفجار من جديد ما لم تحدد كل مساراته مسبقا وبشكل دقيق لابد أن يخرج من تحت عباءة المنظمة بوصفها الممثل الشرعي المعترف به دوليا، والممثل الوحيد لكافة أطياف الشعب الفلسطيني أينما وجد.