حدث الساعة
أصدرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" تقرير تقصي حقائق حول وفاة المواطن وليد الدهيني (30 عاماً) في نظارة مباحث مركز شرطة رفح في قطاع غزة بتاريخ 20/6/2018، وتعرض الهيئة في تقريرها نتائج متابعاتها لحادثة الوفاة والتحقيقات التي تمت من قبل الجهات ذات العلاقة.
ويأتي إصدار تقصي الحقائق هذا ضمن اختصاص الهيئة في متابعة ضمانات متطلبات صيانة حقوق الإنسان في عمل مختلف الدوائر والأجهزة الرسمية في فلسطين وأيضا ضمن متابعة الهيئة لأوضاع مراكز الاحتجاز التابعة لمختلف الأجهزة الامنية. وبهدف الوقوف على الأسباب الحقيقية التي أدت إلى وفاة المواطن الدهيني، إثر ادعاء إقدامه على الانتحار داخل نظارة مباحث مركز شرطة رفح، والعثور عليه مشنوقاً بواسطة حبل مربوطة في شباك داخل النظارة.
ويستعرض التقرير متابعات الهيئة لهذه الحادثة وصولاً إلى إصدار التقرير، حيث شملت متابعات الهيئة الالتقاء بذوي المتوفى في محافظة رفح عدة مرات وحصولهم على وكالة لمتابعة الحادثة والتحقيق فيها.
فقد تم التوجه إلى مكان وقوع حادثة الوفاة ومعاينته، وحضور تشريح جثة المواطن، والالتقاء بعدد من النزلاء في نظارة رفح، كما اجتمع ممثلو الهيئة بعدد من الجهات الرسمية في قطاع غزة كمراقب عام وزارة الداخلية والنائب العام في قطاع غزة، واطلعوا على التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في الموضوع، وحصلت الهيئة على تقارير الطب الشرعي وأيضا اصدر الطبيب الخاص الذي انتدبته الهيئة تقريره المستقل حول نتائج التشريح
واستناداً إلى تلك المتابعات والمعلومات والإفادات، خلص تقرير الهيئة إلى أن حادثة وفاة المواطن الدهيني، هي ناتجة عن قيام الموقوف الدهيني بفعل أدى إلى إنهاء حياته بنفسه، ولم يثبت للهيئة أية ادلة تناقض الرواية الرسمية حول أن سبب الوفاة هو الانتحار. لكن في ذات الوقت لم يثبت للهيئة أي أدلة او مؤشرات أو قرائن تشير إلى وجود نية أو توجهات مسبقة لدى المواطن الدهيني بالانتحار.
وعليه فإن التفسير المحتمل هو أن وفاة المواطن قد تكون ناجمة عن قيام المواطن بتصرف بغرض لفت الأنظار نحوه، أو الاحتجاج على الاستمرار في توقيفه بعد أن كان قد تهيأ نفسيا للإفراج، بحيث أراد أن يظهر لساجنيه أنه يحاول الانتحار، لكن هذه المحاولة أدت بالفعل إلى وفاته، حيث كما أشار الطبيب المشارك في تشريح الجثة ان الوفاة كانت سريعة جدا بسبب الضغط الذي أثاره الحبل على العصب العاشر (منطقة خلف الاذن) النازل من الدماغ مغذياً القلب، الأمر الذي تسبب في توقف القلب مباشرة ووفاة المواطن. أي من المحتمل ان المواطن قد أقدم على إنهاء حياته عن غير قصد.
كما أشار التقرير إلى أنه ثبت للهيئة تعرض المواطن للتعذيب أثناء احتجازه لدى دائرة مكافحة المخدرات في مركز شرطة رفح، وذلك قبل نقله إلى دائرة المباحث العامة، إلا أن ذلك التعذيب لم يكن السبب المباشر في وفاته.
و ترى الهيئة أن التقصير والإهمال في اتخاذ التدابير الواجبة للحماية والسلامة والتفتيش والرقابة على المحتجز الدهيني، أسهم بشكل كبير في تمكينه من إنهاء حياته، وشددت خلال تقريرها على أن غياب المساءلة والمحاسبة لكبار المسؤولين والقيادات في الحوادث السابقة المشابهة، شكّل أحد الأسباب الرئيسة لتكرار مثل تلك الحوادث، لافتةً إلى ضعف الدور الرقابي من قبل الجهات المكلفة قانونياً بالرقابة على مراكز الاحتجاز(النيابة والقضاء).
وطالبت الهيئة بنشر نتائج التحقيقات التي أجرتها الجهات الرسمية، بما يُعزز شفافية التحقيق والحق في الحصول على المعلومات، الأمر الذي من شأنه الاسهام في ايجاد نظام المساءلة الفاعلة بما يضمن محاسبة المقصرين، مؤكدة على ضرورة وضع جهاز الشرطة في قطاع غزة الأمان الشخصي للنزلاء على سلم أولوياته، وتعزيز وسائل الحماية للنظارات، كونها تعتمد على الوسائل التقليدية في الحراسة الشخصية، والعمل على إعادة تأهيل وصيانة تلك النظارات من حيث البنية التحتية، ومعالجة أوضاعها الصحية والبيئية، وذلك لحين إنشاء مراكز للإصلاح والتأهيل تتوفر فيها جميع معايير الأمان والسلامة.
وأوصى التقرير بمساءلة ومحاسبة ضباط وقيادة المباحث العامة حول التقصير والإهمال في أداء الواجب الوظيفي، وعدم توفير الحماية الكافية للمواطن الدهيني، ومطالباً وزارة الداخلية في غزة بصرف تعويض مالي لذوي الضحية، تتناسب وحجم الفاجعة وتتوازى مع التعويضات المتعارف عليها في مثل تلك الحالات. وشدد على ضرورة قيام الجهات الرقابية المكلفة بالرقابة على مراكز الاحتجاز بدورها الرقابي بفعالية، بما يضمن السلامة والأمن واحترام القانون، وتحديداً التفتيش القضائي على تلك النظارات.
ومن الجدير ذكره، أن حادثة وفاة المواطن الدهيني ليست الأولى من نوعها، فبتاريخ 25/4/2017 لقي المواطن محمد عاشور بربخ مصرعه إثر انتحاره داخل مركز تأهيل وإصلاح المحافظة الوسطى بعد العثور عليه داخل غرفته، التي يتشارك فيها مع عدد من النزلاء. وبتاريخ 19/9/2017، أقدم المواطن خليل إبراهيم أبو حرب على الانتحار من الطابق الرابع لنيابة غزة الجزئية أثناء التحقيق معه، وبتاريخ 22/9/2017 توفي الطفل مصطفى سلمان في نظارة بيت لاهيا بعد أن أقدم على شنق نفسه.