الحدث- ريم أبو لبن
"ها أنا أنتظر أن يقول لي الأطباء ابنك توفي.. في أي لحظة قد يفارق الحياة.. ولا أحد يستجيب لي". جملة قالها الأب عبد الله طومان من قطاع غزة، وقد أسمع صداها بداخل من سبقوه، أي بمن أوقدوا جبروتهم وصبرهم للبحث عن علاج أو تحويلة طبية لمن يقف على ناصية المرض ويقول: "أريد أن أعيش".
قد يردد الطفل حمزة طومان البالغ من العمر(شهرين ونصف) ذات الجملة التي تمرر يومياً وبخلسة إلى معدته "المنتفخة" بشكل غير طبيعي والمليئة بالماء بعد أن أصيب منذ ولادته بمرض وراثي نادر يطلق عليه العلماء اسم (Wolman)، وهو مرهون بنقص أنزيم ليباز (Lipase) الداعم لعملية الهضم ومعالجة الدهون الغذائية، فإن انعدم الانزيم تراكمت الدهون بشكل طبيعي في الأنسجة والأعضاء مما يتسبب بظهور العديد من الأعراض منها (انتفاخ البطن، التقيؤ، تضخم الكبد والطحال".
"قد ينفجر بطن حمزة الممتلئ ويحدث النزيف، هو يرقد الآن في غرفة العناية المركزة لدى المستشفى، وفي أي لحظة قد يفارق الحياة... يشعر بالتعب الشديد". هذا ما أكده لـ"الحدث" د. محمد أبو سلمية وهو مدير مستشفى الرنتيسي في قطاع غزة.
أضاف واصفاً الحالة الصحية للطفل حمزة: "يعاني من تضخم في الكبد، واصفرار في الوجه، غير أن بطنه منتفخ جداً وتتجمع بداخله المياه".
وفي ذات السياق، أوضح د. أبو سلمية لـ"الحدث" بأن حمزة يحتاج إلى زراعة كبد، بجانب تزويده بدواء تبلغ كلفته قرابة 30 ألف دولار، وهذا الدواء تقوم "إسرائيل" بجلبه من أوروبا، وهو غير متوفر في فلسطين.
فيما أوضح تقرير طبي صادر عن مركز طبي في مدينة القدس بأن الطفل حمزة مصاب بمرض يوصف بـ (المميت والقاتل)، وهو مرض نادر ومن لم يحصل على علاج له لن يعيش لأكثر من عام واحد.
وجاء في التقرير: "الطفل حمزة جاء للمستشفى ولديه فشل في الكبد، ونقص للسكر في الدم، واضطرابات نزفية".
هل سينجو حمزة؟
(لم يكن حمزة وحده من تغلغل لجسده المرض الوراثي Wolman)؛ وإنما سبقه وبذات الحالة الصحية أخويه أنس (50 يوماً)، ومحمد (4 أشهر)، حيث توفيا قبل أن يكملا عامهما الأول ويمارسان مشاكساتهم التي قد تخفف عبئاً كبيراً على الوالدين، لاسيما وأن ابنته الصغيرة هي الأخرى قد نجت من ذاك المرض وبـ"قدرة إلهية" على حد وصف والدها. فهل سينجو حمزة؟
قال والده لـ"الحدث" واصفاً رحلته ما بين تحويلة طبية وأخرى: "منذ ولادة حمزة، حصلنا على تحويلة طبية إلى مستشفى "تل هاشومير"، فيما رقد حمزة نحو 15 يوماً في المستشفى، وخلال تواجده قام الأطباء بتشخيص حالته ومعرفة طبيعة مرضه، حيث لم يتمكن أطباء غزة من تشخيص حالته".
أضاف: "وجه مستشفى "تل هاشومير" كتاباً رسمياً لـ د. أميرة الهندي وهي مسؤولة دائرة التحويلات للعلاج بالخارج، وذلك بغية توفير تغطية مالية لعلاج ابني حمزة، ولكن وبعد مرور 5 أيام لم يصلهم الرد".
واستكمل حديثه: "المستشفى أبلغني بأنه لا رد حتى اللحظة، وسنضطر لإرجاع حمزة إلى غزة، وبعد مماطلات وضيق الوقت؛ أرسلت كتابا لكل من د. أميرة الهندي ووزير الصحة د. جواد عواد، حتى أناشدهم لمتابعة حالة حمزة، ولم يستجب لنا أحد منهما".
في ذات السياق، قال زكريا اللوح رئيس دائرة العلاج بالخارج: "الطفل حصل على تحويلة طبية إلى مستشفى "تل هاشومير" بتاريخ 2/7/2018، ورقد في المستشفى لمدة 3 أشهر تقريبا، وقد طلب المستشفى من والده إخضاع المريض لعلاج لم يجرب بعد في إسرائيل، ويتم إحضاره على حساب المريض ذاته".
أضاف: "وبدوره قام الوالد برفع كتاب لوزير الصحة يبلغه بأنه وبعد استشارات للمختصين تبين ومن خلال الدراسات والأبحاث التي أجريت بأنه لم يثبت بأن العلاج المطلوب مفيد بعد انقضاء عام على عمر المريض".
وأوضح اللوح بأن جرعة الدواء التي سيحصل عليها المريض تصل تكلفتها إلى 35 ألف شيقل لكل 2 ملغم. وختم حديثه بالقول: "إذا كيف سيعالج طالما لم يجرب الدواء من قبل ولم يثبت علمياً".
وقد أوضح والد الطفل بأنه وبعد عدة محاولات وإرسال الكتب، قام بإرسال مناشدة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، كما نشر فيديوهات مسجلة لابنه حمزة من داخل المستشفى وعبر مواقع التواصل الاجتماعي مطالباً بتوفير العلاج المناسب لابنه قبل أن يفقده كباقي أخوته.
قال: "عاد حمزة لغزة، ولم يحصل على العلاج المطلوب، وإذا لم يتوفر سوف يموت..."
أضاف: "أنتظر نبأ وفاة ابني… ما يحتاجه علبة دواء يعاير بـ 20 ملغرام، وتكلفتها قرابة 30 ألف دولار".
وزارة الصحة ماذا تقول ؟
" قضية الطفل حمزة سيتم متابعتها، وملفه في مكتب وزير الصحة د.جواد عواد ... وننتظر الرد". هذا ما أكده لـ"الحدث" الناطق باسم وزارة الصحة د. أسامة النجار.
قال النجار : " الملف يحتاج إلى متابعة دقيقة وخاصة ، لاسميا وأن العلاج المطلوب هو علاج مكلف وغير مجرب من قبل، ولم نتعرف على تجارب سابقة له".
أضاف : " نحن ننتظر رد مكتب وزير الصحة .."