الحدث ــ محمد بدر
منذ 8 سنوات تدّعي الشرطة الإسرائيلية بأنها تبحث عن قاتل أحمد أبو زايد 34 عاما من مدينة اللد، ورغم أن المغدور كان على خلاف مع أشخاص بعينهم، خلافا واضحا، إلا أن الشرطة الإسرائيلية لم تعتقل أيا منهم ولم تخضع أيا منهم للاستجواب، وأبقت الشرطة الإسرائيلية الملف مفتوحا حتى اللحظة، بل على عكس ما هو متبع من قبل الأمن في التحقيق بجرائم القتل، اعتقلت اثنين من إخوته.
يكبر أبناء المغدور أبو زايد الستة، على عين أمهم ريم أبو زايد، كما تقول ريم للحدث، وما زالوا مؤمنين بتواطئ الشرطة الإسرائيلية في مقتل والدهم، بينما تحاول والدتهم صناعة مستقبلا لهم بعيدا عن التفكير بجريمة قتل والدهم، لكن شعور الفقدان لوحده كفيل بإعادة القضية لمحور تفكيرهم في كل مرة.
في فبراير الماضي، عرضت الشرطة الإسرائيلية تقريرا حول جرائم القتل في "إسرائيل"، بناء على طلب تقدمت به عضو الكنيست ورئيسة لجنة النهوض بالمرأة في الكنيست الإسرائيلي توما سليمان، ويتضح من التقرير أن جرائم القتل في أوساط الفلسطينيين في الداخل المحتل أعلى أربعة أضعاف منها في أوساط اليهود، ولعل كلمة السر في هذه النسبة المضاعفة ما يشير إليه التقرير بوضوح عن أن نسبة القضايا المفتوحة والتي لم يغلق التحقيق فيها في البلدات والقرى الفلسطينية في الداخل المحتل، هي 84%، مقابل 16% عند اليهود.
وحول تواطئ الشرطة الإسرائيلية، في جرائم القتل في الوسط الفلسطيني، في الداخل المحتل، قال عضو المكتب السياسي لحركة أبناء البلد لؤي الخطيب، للحدث، إن بعض الجرائم جرت في أماكن فيها كاميرات ويمكن الوصول للمجرمين بسهولة من خلال التحقيق في حال بدأت الشرطة بتحقيق جدي في الموضوع، مؤكدا أنه في كثير من الحالات لم تكلف الشرطة نفيها بفك الكاميرات لتحليل بياناتها.
وأضاف الخطيب: "في كفر قاسم يحدث الكثير من جرائم القتل، و98% من جرائم القتل ظلت ملفاتها مفتوحة ولم يتم تقديم القتلة للقضاء ولم ينتهي التحقيق في بعض القضايا منذ سنوات، في المقابل عندما نفذ شابان فلسطينيان عملية طعن على أساس قومي، قتل فيها مستوطن إسرائيلي، في كفر قاسم، بدأت الشرطة تحقيقا وفي أقل من أسبوع اعتقلت الشابين".
من جانبها، اعتبرت عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني الديمقراطي في الداخل المحتل، نيفين أبو رحمون، في حديث للحدث، أن هناك تقاعس ممنهج من قبل الشرطة الإسرائيلية في قضايا العنف في البلدات والمدن الفلسطينية، مشيرة إلى أن البلدات الفلسطينية التي يتواجد فيها مراكز للشرطة الإسرائيلية والأمن الإسرائيلي يزداد فيها العنف بشكل ملحوظ.
وشددت أبو رحمون على أن الشرطة الإسرائيلية هي بالنهاية شرطة تمرر مشاريع سياسية، مؤكدة على أن المشروع السياسي الإسرائيلي يحاول إبقاء البلدات الفلسطينية في الداخل المحتل بؤر عنف مستمرة، من أجل إرباك الأولويات الفلسطينية في الداخل المحتل، وحرف المجموع الفلسطيني عن قضيته الوطنية التحررية الأساسية.
وأضافت أبو رحمون: "العنف والجريمة في المجتمع الفلسطيني في الداخل هو مجزرة متواصلة، منذ بداية هذا العام هناك 33 ضحية! الشرطة الإسرائيلية متقاعسة جدًا، ولا توجد لديها أية خطة عملية لوقف هذا الدم السائل. لو كان ضحايا هذه الجرائم هم من اليهود لكان ردّ فعلها مختلفًا طبعًا. من الواضح لي أن التعويل على وضع حد لهذه المأساة مرهون بعملنا على ذاتنا كمجتمع فلسطينيّ، وبدورنا كقيادات سياسية ومجتمعية وتربوية.. علينا تعزيز الانتماء الوطني والتكافل المجتمعي، فالجريمة وجدت لها أرضًا خصبة في ظل الأسرلة والعدمية والفراغ الذي يعيشه أطفال وشباب ببلدات أصبحت بالأساس أحياء فقر مهمّشة".
الأسبوع الماضي، قتل ثلاثة شبان وأصيب ثلاثة ، في جرائم إطلاق نار بالطيرة وجسر الزرقاء في الداخل المحتل، فقد قتل الشاب محمود حجاج، ويبلغ من العمر 20 عاما وخطيبته ريما أبو خيط، وتبلغ من العمر 19 عاما، في جريمة إطلاق نار نفذت على مدخل مدينة الطيرة، وبعد ساعات من ارتكاب هذه الجريمة، نفذت جريمة أخرى في قرية جسر الزرقاء قتل فيها الشاب رداد فيصل، وأصيب ثلاثة آخرون. وخلال كتابة هذا التقرير، أعلن عن مقتل الشاب معاذ عبدالله الحلبي من كفر قاسم في أحد أحراش الداخل المحتل.