تثق أحيانا بعض النساء ببعض الرجال تحت مسمى الحب وعنوان "الزواج"، فتبوح له بيومياتها وخصوصيات عائلتها، وأحيانا يحدث أن تخبره بأسرار تخصها هي شخصيا أو تخص أحد أفراد عائلتها أو صديقاتها، وبعد مرور الوقت يحدث أن يتم الزواج فعلا، وبنفس هذه النسبة وأعلى يحصل أن يذهب كل منهما في حال سبيله، كما ويحصل ولو بنِسَب قليلة أن يتم استغلال المحادثات والصور والأسرار وبدء مشوار الابتزاز من قبل طرف لآخر، وغالبا ما يكون الرجل من باب أننا مجتمعات محافظة من جهة، وذكورية جدا من جهة أخرى، فأي خطأ للفتاة وإن كان الخطأ الأول قد يصبح الأخير.
وتلجأ الفتيات المعرضات للابتزاز في معظم الأوقات للخضوع إلى المُبتز والانصياع لطلباته وهي في غالبيتها مالية، وقد تكون أحيانا بهدف الإسقاط في مستنقع المخدرات أو الإسقاط الأمني، ولربما تكون لأهداف أخرى، وبعد نفاذ كل ما تملكه المعرضات للابتزاز يتوجهون نحو السرقة لمرات متكررة وسرقة أقرب المقربين منهم، أو إلى الانتحار كما حدث مؤخرا في المجتمع الفلسطيني.
نعم أخطأت بعض الفتيات بمنح الثقة لمن لا يستحقوها وباحت بما لا يجب البوح به، نعم وربما بالغت في استئمان من اعتقدته شريكا مستقبليا أو صديقا جديرا بالاحترام والفضفضة، ومرات تخطئ النساء في اختيار الصديقات وفي توزيع حسن الظن بالجميع.
في الحقيقة ليس الابتزاز مقتصرا على النساء فقط كونهن الضلع الأضعف، بل حتى الذكور خاصةً من المراهقين والصبية يتعرضون لذلك عبر الانترنت والألعاب الالكترونية، والفيديوهات من قبل أصحاب السوء، وأيضا لا ينحصر الابتزاز على البسطاء وقليلي التجربة الحياتية، فحتى أصحاب المناصب وبعض النخب قد يتم ابتزازهم من خلال مكالمات مسجلة أو فيديوهات منها الأخلاقي ومنها السياسي الوطني ومنها استغلال لأخطاء لفظية وغيرها.
وما سبق يشير إلى أن الابتزاز قد يطال الكل ولأهداف عديدة منها المالية وأخرى بهدف الحصول على وظيفة وامتيازات وغيرها بهدف الإسقاط الأمني والأخلاقي، و...الخ.
وبعد وصول بعض الحالات إلى القتل والعنف والمشاكل والانتحار والفضائح، تحركت أخيرا الأجهزة الأمنية بإصدار تعميمات تطلب فيها من المواطنين التوجه إلى وحدة الجرائم الإلكترونية في مراكز الشرطة والمباحث وإلى جهات الاختصاص وتحرير شكاوى ضد مَن يبتزونهم على أن يتم ذلك بمنتهى السرية حفاظا على خصوصيات الناس وعدم المساس بسمعتهم، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح بأن لا يواجه الابتزاز بتلبية طلبات الابتزازيين، أو قتل النفس، بل بالقانون والقضاء، لذلك توجب أيضا شرح وتوضيح النصوص القانونية التي توضح عقوبة من يمارس الابتزاز، وأصبح غاية في الضرورة أن يتم تغليظ عقوبات الابتزاز، فليس كل المخطئين يستحقون إنهاء حيواتهم بل إنهم يستحقون فرصة جديدة في خضم الحياة، ومن منا أصلا لا يخطئ، إن الجميع يخطئون والفرق بين الأخطاء هو حجمها وسريتها، فهناك أخطاء يتم كشفها وأخرى يتم معالجتها بصمت وغيرها تبقى طَي الكتمان.
وعلينا أن نتذكر أن جزءً ممن تم ابتزازهم لم يخطئوا أصلا بل تم خداعهم، ولا يتوجب علينا معاقبة الناس على حسن نواياهم، ولكن لزاما علينا أن ننشر الوعي لدى شاباتنا وشبابنا بالمحافظة على أنفسهم جيدا وعدم منح الثقة المطلقة لكل الناس وأن يحتاطوا دائما، ويجب علينا تعزيز ثقافة المصارحة بين الأهل والأبناء لتدارك أي خطر مقبل، وَمِمَّا لا شك فيه أن رفع مستوى الإدراك فيما يخص التعاطي مع مواقع التواصل الاجتماعي أصبح أمرا ملحاً، وأيضا لزم علينا نشر الوعي بالقوانين والعقوبات وتثقيف الناس بعدم الخوف مهما بلغت خطورة المادة التي سيستغلها المبتز، ويجب على الجهات المسؤولية تعزيز ثقة المواطن بسيادة القانون وهيبته حتى يلجأ الجميع له وهم على ثقة أنه سيحميهم وينصفهم.