الحدث- ريم ابو لبن
هل الفلسطينيون ضد ربط العلاقة مع الأردن، هل حل الكونفدرالية هو حل خيالي، وهل مجرد الحديث عنها هو عبارة بالونات اختبار؟
المحلل السياسي، د. أحمد رفيق عوض، قال لـ "الحدث" إن "طرح موضوع الكونفدرالية الآن هو هروب من حل الدولتين، والقانون الدولي، وللتغطية على فشل اتفاقية أوسلو، وإشغال الفلسطينيين ببديل خيالي، وقذف القضية الفلسطينية بأحضان الأردن لكي يكون الحل عربياً، استكمالا وتجميلا لـ صفقة القرن".
قال: "نحن لسنا ضد ربط العلاقة بالأردن، ولكننا مع إقامة دولتنا الفلسطينية، وبعد إقامة الدولة قد يمكن الحديث عن إقامة أي علاقات مع الأردن بكافة أشكالها، ولكن الحديث اليوم عن الكونفدرالية هو تمرير لصفقة القرن".
المحلل السياسي عبد المجيد سويلم قال لـ"الحدث": "لم تطرح الكونفدرالية باعتبارها برنامجا سياسيا لربط علاقة ثلاثية ما بين الأطراف، لاسيما وأن الكونفدرالية قد طويت في التسعينات وقد فتحت اليوم للهروب من حل الدولتين".
أضاف: "الرئيس عباس وخلال لقائه بوفد إسرائيلي وأمريكي طرح عليه إنشاء دولة كونفدرالية مع الأردن، والرئيس أجاب: (هل نحن والأردن وحدنا، أم إسرائيل معنا؟)".
واستكمل حديثه معقباً على إجابة الرئيس: "لم تجب إسرائيل ولا الولايات المتحدة الأمريكية"... وعباس قد أظهر اعتراضه للأمر".
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نشرت أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد طرح عليه فكرة إنشاء دولة كونفدرالية مع الأردن، وجاء هذا خلال لقاء جمعه بنشطاء مع "اليسار الإسرائيلي"، وبحضور جاريد كوشنر، وهو صهر ومستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بجانب جيسون غرينبلات وهو المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي.
وبحسب الصحيفة العبرية، فإن عباس أكد أنه سيوافق على ذلك -في حالة واحدة فقط- هي إذا قبلت إسرائيل بأن تكون جزءًا من الكونفدرالية.
وفي ذات السياق، أكد الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة في بيان صادر عنه بأن فكرة الكونفدرالية موجودة على جدول أعمال القيادة الفلسطينية منذ العام 1984، وموقف القيادة منذ ذلك الحين -وإلى الآن- يؤكد أن حل الدولتين هو المدخل للعلاقة الخاصة مع الأردن".
وأضاف: "الكونفدرالية يقررها الشعبان "الفلسطيني والأردني".
أما حازم قاسم، الناطق باسم حركة "حماس" فقد أوضح في بيان صحفي للحركة بأن حديث الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن قبوله كونفدرالية مع الأردن وإسرائيل يساعد الاحتلال لكي يصبح جزءاً طبيعياً في المنطقة.
وفي ذات السياق علق النائب في البرلمان الأردني نبيل الغيشان قائلا: "الأردن يعرف وضعه وحجمه وهو لا يستطيع أن يقوم بكل شيء نيابة عن العرب والفلسطينيين، الأردن سيبقى معارضاً لكل الصفقات، ولكن إذا فوجئنا كما فوجئنا بأسلو؛ فإن الأردن حينها لن يستطيع أن يبقى ولن يكون ملكيا أكثر من الملك".
الشعب والحكومة لا يقبلان بـ كونفدرالية
"ربط الأردن بالضفة الغربية غير قابل للنقاش وغير ممكن". هذا ما قالته المتحدثة باسم الحكومة الأردنية جمانة غنيمات، موضحة في تصريحات لها بأن موقف الأردن من حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية ثابت وواضح.
من جانبه أكد النائب في البرلمان الأردني نبيل الغيشان لـ"الحدث" أنه "لا يوجد حديث عن كونفدرالية إطلاقا، وأي حديث في هذا الإطار هو سابق لأوانه، لاسيما وأنه مرتبط بشكل أساسي في قيام الدولة الفلسطينية".
أضاف: "لا الأردن ولا الحكومة ولا حتى الشعب يقبلون بالذهاب لاتحاد كونفدرالي أو فيدرالي من أجل حل مشكلة الاحتلال وليس حل مشكلة الشعب الفلسطيني، فأي حل قادم عليه أن يضمن حل وقوع الشعب والأراضي الفلسطينية تحت الاحتلال منذ عام 1948، وهنا قد تكون المسألة قابلة للنقاش فقط".
وعليه وحسب ما أوضح، فإن حل مشكلة اسرائيل عبر دمجها بالمنطقة هو أمر غير مقبول من الجانب الأردني على الأقل.
قال مؤكداً الموقف الأردن: "الأردن يعرف بأن أي سم -وحدة قياس- يقع غرب نهر الأردن هو ملك للشعب الفلسطيني، وعليه ليس لديه أي أطماع أو مصالح في أن يستولي على تلك المساحات، أو أن يذهب باتجاه وحدة لحل مشكلة إسرائيل، لاسيما وأن الأردن متضرر بشكل كبير لاعتبار بأن قيام الدولة الفلسطينية جزء من الاستراتيجية الأردنية".
وبالحديث عن تضرر الأردن نتيجة ازدياد عدد اللاجئين، ذكر الغيشان بأن المملكة قد وصلت مديونتها وخلال 10 سنوات ماضية إلى 40 مليار دولار أمريكي، معتبراً بأن هذا التسارع في المديونية سببه قرار سياسي غربي وبمعرفة إسرائيلية لكي يسهل الضغط عليها.
ماذا عن إسرائيل؟
النائب الغشيان قال إن: "الكونفدرالية لن تقبل بها إسرائيل اليوم، والدليل على هذا الأمر في لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس لوفد إسرائيلي ما آثار مسألة الكونفدرالية قال لهم ( أنا أوافق إذا وافقت إسرائيل)، وعليه فإن إسرائيل قد تجاوزت الأمر وتعتقد بأنها حققت أفضل ما يمكن لديها الآن".
وأضاف لـ "الحدث": "إسرائيل باتت على يقين تام بأن التناغم مع الإدارة الأمريكية الجديدة وهو يحصل لأول مرة في تاريخ علاقة الدولتين قد حقق لها الأفادة اليوم، لاسيما وأن الإدارة الأمريكية تقدم مشاريع إسرائيلية بل أنها تتقدم على الأطروحات الإسرائيلية، وهذا جاء في إعلان نقل السفارة والاعتراف بأن القدس عاصمة لإسرائيل وكذلك بوقف تمويل الأونروا، والسعي لشطب التعريف الدولي المعتمد للاجئ الفلسطيني".
وأشار الغيشان بأن هذه القضايا المطروحة قد تجاوزت مسألة الكونفدرالية، وإسرائيل ذاهبة باتجاه المشروع الصهيوني، غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعتقد بأنه وصل إلى نهايته بإنشاء دولة يهودية وعاصمتها القدس، بجانب سلطة فلسطينية مقطعة الأوصال وعاصمتها أبو ديس، ويبدو أن الإدارة الأمريكية ماضية في هذا المشروع حتى نهايته.
إذا فإن المقترح الأمريكي الذي عرض على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مؤخرًا، بإقامة كونفدراليّة بين الضفّة الغربية والأردن، هو مقترح إسرائيلي بالأساس.
وينص المقترح على أن تكون الضفة الغربية المحتلة (بدون القدس) تحت الرعاية الأمنية الأردنيّة، التي ستحمي حدود الكونفدراليّة الأردنيّة-الفلسطينيّة مع إسرائيل، على أن يعلن الاحتلال الإسرائيليّ ضمّ القدس المحتلة والمستوطنات إليه، ودون معرفة مصير غور الأردن، إن كان سيبقى تحت الاحتلال الإسرائيلي أو سيكون خاضعًا للكونفدراليّة المقترحة.
أمّا قطاع غزّة، فلن يكون جزءًا من الكونفدراليّة، وإنما سيتم إخضاعه لرعاية أمنيّة مصريّة، رغم أن كافة الاتفاقيّات الموقعة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، تعتبر غزة والضفة "وحدة واحدة".