الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

غزة لم تكن فقيرة إنها بوابة أفريقيا وأسيا

كتاب غزة| التاريخ الاجتماعي لـ د. أباهر السقا

2018-09-05 05:56:15 AM
غزة لم تكن فقيرة إنها بوابة أفريقيا وأسيا
أباهر السقا وسليم تماري - تصوير الحدث

 

الحدث الثقافي ــ محمد بدر

 

أطلق الكاتب والمختص في علم الاجتماع د. أباهر السقا كتابه "غزة: التاريخ الاجتماعي تحت الاستعمار البريطاني"، مساء أمس الثلاثاء في متحف محمود درويش في مدينة رام الله. 

ويرى السقا أن الكتاب يعيد الاعتبار لتاريخ غزة، مؤكدا على حقيقة أن الكتابة عن تاريخ غزة كانت تأتي في كتابة السياق التاريخي لفلسطين والمدن الفلسطينية، مشيرا إلى أن كتابه يحاول سدّ هذه الثغرة من خلال تسليط الضوء على تاريخ غزة الاجتماعي بشكل خاص ما بين عامي 1893 (تشكيل أول مجلس بلدي في غزة) و1948 (الاحتلال الإسرائيلي).

وبحسب ما قال الكاتب أثناء تقديمه للكتاب فإن مدينة غزة لم تكن فقيرة، ويورد السقا في كتابه كيف أن غزة كانت منذ القدم مدينة تجارية بامتياز لأنها كانت بوابة إفريقيا وآسيا.  ولأنها كانت تقع على تقاطع طرق تاريخية كان يسلكها التجار العرب منذ آلاف السنين. 

ويقع الكتاب في 325 صفحة ويقسمه السقا إلى ستة أقسام تتفرع منها فصول، ففي الفصل الأول من القسم الأول يتحدث الكاتب عن تاريخ المدينة بشكل مختصر وصولا لمرحلة "الانتداب"؛ والتي يصرّ أنها مرحلة "استعمار" وليس "انتداب"، مؤكدا على أن مصطلح "انتداب" يعطي نوعا من الشرعنة والقوننة المصطلحاتية لـ"الاستعمار"، وفي الفصل الثاني من هذا القسم يقدم الكاتب معلومات مختصرة عن تاريخ غزة القديم، ويشير كذلك إلى العلاقات الاجتماعية في غزة في الفترة العثمانية وكذلك إلى دور القنصل الفرنسي في غزة وصولا لنهاية الفترة العثمانية.

وفي الفصل الثالث من القسم الأول فيتحدث الكاتب عن التركيبة السوسيواقتصادية للجماعة المدنية في غزة، وفي الفصل الرابع من القسم الأول يتحدث عن مرحلة "الانتداب" وعن المعارك البريطانية للاستيلاء على غزة، والخطة الاستعمارية الفرنسية البريطانية لتقاسم الإدارة والأدوار في غزة، ويشير كذلك إلى النظام القضائي والإداري في هذه الفترة، ويقرأ أخيرا في هذا الفصل التركيبة الديمغرافية لسكان المدينة من خلال الإحصائيات السكانية.

ويتطرق الكاتب في الفصل الخامس من القسم الأول إلى الصراع الاجتماعي الذي يأخذ شكلا سياسيا، مدللا على حقيقة وشكل هذا الصراع من خلال محاولة السيطرة على البلدية، ويركز كذلك على شخصية فهمي الحسيني كحالة يمكن من خلالها استقراء الكثير من أشكال العلاقة والإدارة والصراع وكذلك التاريخ من ناحية معرفية. ويختم الكاتب القسم الأول من الكتاب بفصل سادس؛ يناقش فيه التشكيلات الاجتماعية العائلية المدنية ومسألة الوجاهة ومعاييرها والأعيان وإعادة إنتاج النفوذ الاجتماعي بألوان اجتماعية وسياسية أخرى ذات طبيعة مختلفة.

وفي القسم الثاني من الكتاب يناقش الكاتب ثنائية التخطيط الاستعماري والتخطيط الأهلي، ويشير في الفصل الأول إلى مشافي المدينة ومرافقها الصحية بشكل أساسي، وينتقل في الفصل الثاني للحديث عن التخطيط الحضري للمدينة ما بين التخطيط الاستعماري والأهلي، من خلال الحديث عن الإرث المعماري للمدينة والتغيرات الحضرية، وكذلك العمارة الإدارية الاستعمارية، ويبحث كذلك في هذا الفصل في التخطيط الحضري الأهلي وإنشاء حي الرمال وعملية تسمية الشوارع، وفي الفصل الثالث يقدم الكاتب معلومات عن البنى الخدماتية كالمياه والإنارة وكذلك منشآت المدينة كالميناء (ميناء غزة) والمطار ومحطة القطارات ووسائل النقل بشكل عام. وفي الفصل الرابع يناقش البنى الاقتصادية للمدينة ويشير بداية للتجارة ثم لحرفيي المدينة وصناعتها وأسواقها ونظامها الضريبي، مؤكدا على أن النظام الضريبي للمدينة يظهر أنها كانت في الترتيب الرابع من حيث الريع الضريبي، وهي علامة مهمة على أن غزة كانت تشهد حركة اقتصادية نشطة، على عكس ما هو متعارف عنها تقليديا ونمطيا بأنها مدينة فقيرة.

وفي القسم الثالث من الكتاب يتعرض الكاتب للبنى التعليمية والثقافية، ويناقش في فصله الأول مسألة التعليم رابطا إياها بالوجاهة الاجتماعية، وينتقل في الفصل الثاني للحديث عن البنى الثقافية كالصحافة والسينما واللهو والرقص والمؤسسات الرياضية ـ الاجتماعية.

أما القسم الرابع من الكتاب، فيناقش الحياة اليومية، وتأتي العادات الاجتماعية الغزية كموضوع للفصل الأول من القسم، ومن ثم ينتقل للحديث عن المواسم والمقامات، والعلاقات الاجتماعية المبنية على المصاهرة والزواج، وكذلك عن التدين. وفي الفصل الثاني يتعرض الكاتب للأنماط الاستهلاكية في الحقبة البريطانية؛ كأنماط اللباس، كما ويتحدث عن المقاهي، والمطبخ الغزي وعلاقته بهوية المدينة، وكذلك عن الحمّامات. وفي الفصل الثالث يحاول قراءة العلاقة الاجتماعية من خلال البعد الطائفي، وعلاقة الطوائف ببعضها البعض في مدينة غزة، مؤكدا على قوة العلاقة بين أبناء الطوائف، كما ويختم الفصل بالحديث عن علاقة المدينة بالمستعمر، وتغير طبيعة علاقة النخبة بالمستعمر من المهادنة للمواجهة.

وفي القسم الخامس والأخير، يختتم الكاتب بالحديث عن التاريخ الاجتماعي لمدينة غزة، بتكثيف الربط بين السياسي والاجتماعي، من خلال الحديث في فصل واحد عن الجمعية الإسلامية ــ المسيحية، والفعاليات الوطنية التي كانت تقام في المدينة، وعن نشأة الأحزاب والمؤسسات الأهلية، والحراكات الاحتجاجية ، ومشاركة مدينة غزة في إضراب 1936 وحضورها كذلك في ثورة 1936 ــ 1939، وعن النشاط السياسي في الثلاثينات والأربعينات ومشاركة المرأة، وأخيرا عن علاقة غزة بنظيراتها من المدن الفلسطينية.

وخلال تقديمه للكتاب، اعتبر الباحث في التاريخ الاجتماعي الفلسطيني سليم تماري، إن الكتاب يحوي على معلومات يمكن وصفها بالإضافات النوعية لتاريخ غزة الاجتماعي، مؤكدا على أن الكتاب يمكن اعتباره وثيقة تاريخية، ومع ذلك طالب تماري الكاتب بتوضيح بعض الاعتبارات التي على أساسها قام بتقسيم العائلات الغزية وكذلك توضيح حقيقة هذه التقسيمات بمزيد من التفاصيل.

من جانبه، انتقد المؤرخ الفلسطيني سميح حمودة تفسير الظواهر الاجتماعية من خلال أسس نظرية غربية، وانتقد كذلك "محاصرة" الكاتب للتاريخ ضمن جغرافيا غزة، مشددا على أن العلاقات الاجتماعية تمتد خارج السياق الجغرافي ولذلك يتوجب قراءتها في مدن ومناطق أخرى لفهم أعمق للتاريخ الاجتماعي.

وفي حديث مع الحدث، قال حمودة إن دراسة التاريخ الاجتماعي للمدن الفلسطينية وفي السياق الفلسطيني؛ مهم كون العائلات الفلسطينية وعلاقاتها يمكن اعتبارها وحدة تحليل للحالة السياسية في فترة "الانتداب"، وأكد حمودة على أن التاريخ الاجتماعي لفلسطين في فلسطين يكشف إخفاقاتنا في مجابهة المشروع الصهيوني إلى حد ما.

يُشار إلى أن الكتاب هو من إصدار مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ويأتي ضمن سلسلة المدن الفلسطينية، ويعتبر الكتاب السابع ضمن تلك السلسلة التي تتحدث عن تاريخ المدن الفلسطينية.

 

كتاب تاريخ غزة الاجتماعي للكاتب أباهر السقا وإصدار مؤسسة الدراسات الفلسطينية