الحدث الثقافي ــ محمد بدر
يعتبر الفن المعماري الفلسطيني من أهم الأدوات التي يمكن للفلسطيني من خلالها الدفاع عن تاريخه الحضاري، في مقابل الرواية الإسرائيلية التي تحاول إسكات صوت التاريخ الفلسطيني واتهامه بـ"الفراغ"، بالإضافة لكون المباني التاريخية ذات ارتباط مهم ببعض القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية؛ ما يساهم في إعادة قراءة بعض الأحداث التاريخية.
لقد كان قيام السلطة الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو سببا رئيسيا في تغير النظرة للمباني التاريخية في المدن الفلسطينية، وذلك تبعا للمتغيرات الإدارية والاقتصادية التي واكبت قيام السلطة، حيث كان لوجود الواقع الجديد أهمية في بناء الكثير من المؤسسات والمباني التي تتبع للقطاع العام والخاص.
في الأسابيع الأخيرة، نظم مجموعة من النشطاء في مدينة رام الله حملة احتجاجية ضد هدم المباني التاريخية في المدينة، متهمين البلدية بالتوغل في المباني التاريخية ونفيها من الحيز العام.
اليوم السبت، نظم مجموعة من النشطاء وقفة احتجاجية أمام مبنى بلدية رام الله، مطالبين بوقف سياسة هدم المباني التاريخية، مؤكدين على ضرورة دمج هذه المباني في الحيز العام وتطويرها بما يحافظ عليها كإرث مهم في تعريف المدينة ويحقق تمايزها.
وفي مقابلة مع الحدث، قال المهندس يوسف طه إن عمليات الهدم تزايدت بوتيرة متصاعدة في الآونة الأخيرة، مؤكدا على حقيقة أن هذه المباني بدأت بالتلاشي والاختفاء في معظم المدن الفلسطينية.
وأضاف طه: "الاحتجاج كان الوسيلة الأخيرة بعدما رفض مسؤولو البلدية التعاطي مع المطالبات بخصوص دمج هذه المباني في الحيز العام، والمتعارف عليه في جميع مدن العالم أن الإرث القديم يتم دمجه في الحيز العام بطريقة خلاقة".
من جانبها، اعتبرت المهندسة والناشطة سحر القواسمي أن هناك عدة عوامل مادية ومعنوية تحدد هوية كل مدينة، ومن أهم هذه العوامل المباني التاريخية، وأكدت القواسمي أنه "حتى في المدن الأوروبية والعواصم الأوروبية كباريس ولندن وغيرها من المدن، يتم الحفاظ على الطابع الأساسي للمدينة حتى في ظل الوجود الكثيف للعمران الحديث".
وأشارت القواسمة إلى أن الأزمة مع المباني التاريخية بدأت منذ توقيع اتفاقية أوسلو وتسهيل القروض؛ وهو الأمر الذي مكّن مجموعة كبيرة ومتزايدة من المستثمرين من البناء والاستثمار داخل المدن الفلسطينية، الأمر الذي خلق الحاجة إلى مزيد من الأراضي داخل المدن الفلسطينية، وهو ما انعكس على واقع المباني التاريخية.
وأوضحت القواسمة أن الحجة التي تساق في كل مرة عندما يتم هدم المباني التاريخية، بأن هناك حاجة للأراضي داخل المدن الفلسطينية من أجل استيعاب المؤسسات والمراكز الجديدة بما يحقق احتياجات المواطنين، مؤكدة أن هذه الحجة غير دقيقة؛ خاصة وأن هذا التطور العمراني لا يتناسب وحجم الخدمات الموجودة في المدينة.