في أوهام السلام، لا يمكن أن تصل إلى نتيجة مرضية؛ إنك فقط تصلُ إلى المتاهة المستمرة التي يقوم بتخليقها الطرفُ الأقوى.
في بدايات الصراع العربي-الإسرائيلي، كان الاصطفافُ العربي شبه كامل ضد قيام دولة إسرائيل، أما في نهايات الصراع العربي- الإسرائيلي، وبدايته صراعاً فلسطينياً- إسرائيلياً خالصا، فإن مفهوم الاصطفاف اليوم هو ضد قيام دولة فلسطين.
وليس طرد الرئيس عباس، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وإغلاق مكتب المنظمة في واشنطن سوى طرد لهذه الفكرة.
ومنهجية الطرد هي منهجية ثابتة في ذهنية الاحتلال الإحلالي، وفي ذهنية القوى الاستعمارية، والقوى ما بعد-استعمارية التي ترى في نفسها مركزا للجذب وللطرد في السياسة الدولية، فهي تهمش أو تجذب إلى مركزها ما يخدم مصالحها في لحظة ما وتطرده في لحظة تالية، وهو ما أدى في سياق ما بعد الاستعمار إلى خلق نخب، عرفها الكاتب الألماني جون غاتونغ بالنخب الجسرية، وقد تبدأ هذه النخب في مكانٍ ما في الهامش الوطني، لكنها سرعان ما تصل إلى المركز، وتقوم بعملية التصفية للقضايا الوطنية.
وفي معارضتي للنموذج المشهور لجابريل ألموند وسندي فاربا، عن ثلاثية الثقافة السياسية المتمثلة في ثقافة المشاركة، وثقافة الخضوع، وثقافة العزلة، فإنها تتمثل على الصعيد الدولي بثلاثية مقابلة هي ثقافة التحييد، وثقافة الإزاحة، وثقافة الاستبدال أو الطرد.
وهي تثبيتٌ لمقولةِ، وتخرجون منها كما دخلتموها أول مرة، أي بواقعية صفرية.