عمل الرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية، من خلال لقاءاتهم وتصريحاتهم ومواقفهم وتحركاتهم، على توظيف كل عوامل القوة والطاقات الفلسطينية المتاحة في الوطن والشتات، واستثمار المؤسسات والمنظمات التي تم الانضمام لها بعد قبول المجتمع الدولي فلسطين عضو مراقب في الأمم المتحدة وفق قرار دولي صدر في نوفمبر 2012، وأهم تلك المؤسسات محكمتي الجنايات والعدل الدولية.
ولقد فهمت القيادة الفلسطينية مضمون وعمق الخطة الأمريكية، فعملت على حصارها من خلال تحشيد موقف دولي شامل وتم هذا بالفعل، وفضح سياسة واجراءات وقرارات ترامب وادارته التي وضعت تحقيق الأمن الاسرائيلي الشامل والمصالح الأمريكية فوق كل إعتبار، بل انقلبت على القانون الدولي كاملا، فكان الرد العملي الفلسطيني بمقاطعة هذه الادارة وحظر أي لقاءات معها، واعتبارها شريك كامل للاحتلال، فقدت الأهلية لقيادة مفاوضات ورعايتها منفردة.
إن الصمود الفلسطيني في وجه سياسة الأمر الواقع الأمريكي "خطة القرن" والمنسجمة مع الرؤية الإسرائيلية، واستبدال مرجعيات حل الصراع كما حددها القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، يستلزم غطاءً عربيا واسلاميا، وموقف دولي جامع لما سيطرحه الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية سبتمبر الحالي، ويطالب فيه بعزل الموقفين الإسرائيلي والأمريكي، وبناء مواقف دولية داعمة للحقوق الفلسطينية كما يكفلها القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وكما يتطلب تفهما وقبولا دولياً لما سيقرره المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، بعد عودة الرئيس من واشنطن، حيث سيترجم خطابه لقرارات متفق عليها سابقا ومنها تعليق او سحب الاعتراف بإسرائيل وطلب الحماية الدولة لفلسطين كدولة تحت الاحتلال، وإجراءات أخرى.
إن المفاوضات التي تدعو لها الادارة الأمريكية هي مفاوضات شكلية وزائفة في سياق إقليمي تفضي الى القفز عن حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة الدولة المستقلة الحرة ذات السيادة على حدود 76، وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين، ويتضح ذلك من نقل السفارة الأمريكية للقدس وتجفيف المساعدة السنوية الامريكية للأونروا واعداد قانون يقلص عدد اللاجئين الى اقل من 1%، واغلاق مكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن ومحاولة ايجاد وفرض شخصيات بديلة ترتبط بالرؤية الأمريكية والمشروع الصهيوني الأمريكي لإنهاء منظمة التحرير الفلسطينية وتصفية المشروع الوطني الفلسطيني والحيلولة دون قيام الدولة الفلسطينية وشرعنة الاستيطان الاحلال الاستعماري العنصري فوق الأرض الفلسطينية.