الحدث - فرح المصري
حفر هنا.. ورقع هناك.. ومطبات تملأ المكان.. هذا هو حال معظم الشوارع الداخلية في محافظات الضفة الغربية، فما أن يبدأ فصل الشتاء حتى تكشف كافة عيوب الشوارع التي وإن أعيد ترميمها لا تستمر سوى بضع أشهر لتظهر عيوبها مرة أخرى، وبين وزارة الأشغال العامة والإسكان والبلديات والمقاولين يضيع المواطن في حقه بشارع بلا شوائب.
وتكشف مياه الأمطار هشاشة البنى التحتية في الطرق، التي تملؤها الحفر، وتغرقها مياه الأمطار، الأمر الذي ينعكس سلبا على حركة السيارات في الطرق، ويحدث أضرار كبيرة بالمركبات والمشاة على حد سواء.
وحول إمكانية القضاء على هذه الظاهرة في فلسطين، يرجح الكثيرون الأسباب إلى سوء الإدارة وغياب الرقابة والمحاسبة السببان الرئيسيان في تفاقم الظاهرة، حيث يقوم به البعض مجرد ترميم للمشاكل التي تعاني منها الطرق بطرق عشوائية وليست مهنية، الأمر الذي يقضي على المشكلة بشكل مؤقت وليس دائم.
وعن هذا الموضوع، رأى المهندس المدني، والمحاضر في جامعة بيرزيت فيصل عوض الله: "أن المشكلة الأساسية في الطرق، تكمن بالدرجة الأولى في سوء الإدارة والرقابة على المقاولين الذين يعملون في الطرق، حيث يوجد لدينا خلل واضح في تصميم الشوارع، وفي كيفية تصريف المياه، وعندما يكون هناك كميات كبيرة من الأمطار تفوق استيعاب "العبارات" المسؤولة عن تصريف المياه، سيؤدي ذلك إلى إفاضتها وإحداث ضرر في الشوارع".
وتابع عوض الله لـ"الحدث": "أن عملية إعادة تأهيل الطرق، يتم بطريقة غير مهنية، حيث يتم تجاهل المشاكل الموجودة بالأساس، ويتم ترميم هذه الشوارع بطرق عشوائية، من دون مراعاة الطرق الواجب اتباعها للقضاء على المشاكل وصيانة الطرق بشكل متتابع".
وأشار إلى ضرورة محاسبة المسؤولين عن التقصير، فسوء إدارة ورقابة الطرق يؤدي إلى زيادة الحوادث المرورية وحدوث أضرار على المشاة، وهناك أموال مخصصة لتطوير الطرق وتجميلها وصيانتها بشكل دوري، لكن سوء المحاسبة يقف عقبة أمام ذلك".
ونوه إلى أن حمولة الشاحنات والقاطرات التي تحمل بضائع زائدة، تؤدي إلى إحداث أضرار كبيرة في الشوارع، والأضرار التي تحدثها في الشوارع تفوق أضرار أكثر من 500 ألف سيارة صغيرة.
من جهته، يقول عضو مجلس بلدية رام لله عمر عساف: "إن عدة أسباب تقف وراء حدوث أضرار كبيرة بالطرق نتيجة المنخفضات الجوية، فهطول الأمطار بكميات كبيرة وبفترات زمنية قصيرة نسبيا، يفوق قدرة الطرق الاستيعابية على تصريف هذه المياه، وعادة ما يبنى استيعاب الطرق على تجربة فترات طويلة نسبيا، وهناك حالات طارئة تتجاوز النسبة المعينة للأمطار ما يحدث أضرار بالطرق".
وأرجع السبب الآخر، إلى افتقار الطرق للمواصفات المطلوبة والدقيقة عند إنشائها لضمان صمودها أمام المنخفضات الجوية ولفترات زمنية طويلة، وغياب متابعة الطرق وصيانتها بشكل دوري وفعال للحؤول دون إحداث أضرار كبيرة بها".
وعن دور بلدية رام لله في هذا الموضوع، أكد عساف أن البلدية ومنذ أربعة سنين تأخذ هذه العوامل أجمع في عين الاعتبار، وتسعى لتطوير قدرة الطرق على استيعاب أكبر قدر ممكن من الأمطار، عن طريق تحسين البنية التحتية للطرق وتصريف هذه المياه بشكل أفضل من السابق".
من ناحيته، قال المهندس رائد النجار الذي يعمل في إحدى شركات مقاولات الطرق: "إن تنفيذ التصاميم الخاصة بالطرق يكون سيء جدا، وغير مطابق للمواصفات المطلوبة للطرق، ما يؤدي إلى نقص قنوات تصريف المياه، وبالتالي حدوث مشاكل في الطرق الداخلية، إضافة إلى أن الطرق الرئيسية بحاجة إلى طبقات حقيقة؛ خاصة المناطق الساحلية بحاجة إلى طبقات تأسيسية قوية لتسهيل تثبيت الطبقات العلوية للطريق.
وأشار إلى أن عدم وجود حديد الحماية على جوانب الطرق، وعدم وضع باطون على أطراف الطريق لحماية الطبقات من الإنجراف بسبب الأمطار والسيول، يؤدي إلى تآكل الإسفلت فيما بعد.
وحمل النجار وزارة الأشغال العامة والإسكان، المسؤولية الكاملة عن الأضرار في الطرق، لأنها برأيه المالكة الأولى للطرق وهي المسؤولة عن استلام المشاريع من كل المؤسسات الأجنبية والعربية في فلسطين، لذلك عليها مسؤولية متابعة تصاميم الطرق منذ بدايتها، ويجب عليها دراسة أي مشروع قبل تنفيذه، لينعكس المشروع مع الواقع، فنحن لا نهدف لعمل مشاريع ستتأكل بعد سنتين.
من جهته، قال مدير عام الطرق في وزارة الأشغال العامة والإسكان إسلام جابر: "إن الوزارة تخصص مشرف ومهندس مقيم عن كل محافظة ليتابع مع المقاول الذي يعمل في الطرق خلال كامل فترة عمله لضمان جودة العمل"، مبينا أن المشاريع التي تأتي من الدول المانحة مثل "USAID" نضع مشرف من الوزارة لضبط الجودة.
ونفى وجود أي تقصير من قبل الوزارة في موضوع مشاكل الشوارع، سواء من جهة الإدارة العامة للطرق، أو الإدارة العامة للإشراف والمتابعة الفنية، مشيرا إلى أن مهندسي الوزارة وطواقمها موجودون دائما على رؤوس المشاريع".
ولم يقدم جابر أي تفسير واضح عن أسباب تدمير الشوارع مع كل منخفض جوي، بالرغم من أن الوزارة تراقب على عمل المقاولين بحسب تأكيده، فيما أن المقاولين يؤكدون أن الوزارة بصفتها مسؤولة عن تنظيم الشوارع وهندستها من تتحمل أي خطأ قد يقع لاحقا.