دُعِيتُ لِلْتَحَدُثِ فِي مُؤتَمَرٍ لِمُنْتَدى سَيِّدَاتِ الأَعْمَال لِلإضَاءَةِ عَلى قِصَص نَجاحٍ بِسواعدَ نَسَويةٍ بِعنوان "النِّساءُ الْقُدوة: صَوْت النَّجَاح". تَوقفتُ كثيراً عند ثِيمَةِ قَصَصِ النَّجاح. هلْ هِيَ فِعلاً كَذلكْ؟ القَصَصُ كَثيرةٌ وَمُتَبَاينةٌ وَلَيست كُلُ قِصةٍ نَاجِحَةٍ بِقصة نجَاحٍ. فِي الْمُحصلة، انْتَهَيتُ إِلَى حَمْل عُصَارة عِبَر مَسيري وَإنْجَازاتِي الْمِهَنيَّة عِوَضاً عَن التَّحَدُثِ عَن القصةِ مِن منظارِ النَّجَاح.
لَمْ تَكنْ رِحْلةٌ هينةً، وَبِالْمُنَاسَبةِ مَا زَالت كَذَلك، لكنَّها ثَرِيةٌ بِالمَعَارِفِ وَالدُّرُوسِ الْتِي سَأُوردُ مِنها خَمسَ عِبَر تُعَبِرُ عنها خَمسِ كَلِمَات لا تبارح رأَسيَّ كُلَمَا وَاجهتُ تَحَدياً جديداً وَتُسَاعدني فِي الْوَقتِ ذَاته عَلَى تَخَطِيه وَجَعلَه إِنْجَازاً ودَرساً فِي مَسِيرِي.
التَّغْيِير
هَذِه الْكَلِمةُ الصَّعْبَةُ فِي نُطقِها وَالأَصْعب تَحْقِيقها تجعلنا لا نقدم على الكثير من الأُمورِ خَوفاً مِن تَبِعَاتِهَا وَخِشْيةَ خَدْشِ رُوتِين حَيَاتِنا أَو دَائِرة أَمْنِنَا الْمُقَدَسة.
بِالنسبةِ لِي، كَانَ التَّغييرُ جذرياً. لَقد تَطَلبَ الأَمرُ قَفزةً مِن عملٍ آمنٍ وظيفياً إِلى عَملٍ مليءٍ بِالْمَخَاطِر. لو أَطلتُ التَّحْسِيبَ آنذاك لَما وَصلْتُ حَتماً لقيادةِ شَرِكة أَثْبتت نَفسها في عالم التَّدريب والترجمة. وبَالرَّغمِ مِن ذلك، مَا زلتُ أجدُ صعوبةً فِي تقبلِ التَّغييرِ بالرَّغمِ مِن قَنَاعتي التَّامَة بأنه يَجلِب الأَفْضَل، حَتى وإِن كانَ قرارٌ خاطئ، فَقِيمةُ التَّعلم تَبقى أَسْمَى بكثيرٍ مِن لِذةِ النَّجَاح.
وَعَن التَّغييرِ يُعَلِمُني مَسْيري أَنه بِحَاجةٍ لِقلبٍ شُجاعٍ يُؤمنُ بِمَا يُقدِم عَليه.
التَّشْبِيك
وَهُو مَوضوعٌ شَائكٌ بِالأَخصِ فِي مجتمعٍ تَحكُمه الْعَاداتُ والتَّقالِيُد لَا المبادئُ وَالْقِيم. لَمْ يكنْ مَفْهُومُ التَّشبِيكِ مُكْتَملاً لَدي، بحكمِ تَجْرُبَتِي الْمُتَواضِعة كُنت أرى التشبيكَ يكمنُ فِي مَتَانةِ الْواسَطةِ الْتِي يَحْظَى بِهَا الْمَرءُ فِي عَالَمِ الأَعْمَالِ، وَلَكن قد تغيّر هذا المفهوم ليحاكيَّ مَهَارةَ بناءِ الْعَلاقاتِ مِن خِلالِ نهجٍ عَلميِّ يهدفُ لبناءِ مُجتمعاتٍ مِهنيةٍ احترافية. ولَا يستقيمُ التَّشبيكُ دونَ أَرضيةٍ مِن الْعَلاقَات الإِنْسَانِيَّة القائمةِ على مَصالحٍ أطرافها مُجتمعين لَا مُنفردين.
وأما فِي هَذا؛ فَيُعلِمُني مَسِيري أَن التَّشْبِيكَ فنُ نِسجِ الْعَلاقاتِ الْهَادِفة.
الْهَدف
فِي بِدايةِ الْمشوَار لَمْ يَكُن هَدفي وَوِجْهَتي وضاحين عَلى عَكس وُضوحِ أَهْدافي وَقَابِلِيَتهَا لِلقِياسِ كَمُعَلِمة، فَضْلًا عن ارتباطِ رِسَالةِ التَّعلِيم بِمَا أؤمِنُ بِه، وَلكن وبعد دخولي إِلَى عَالمِ الأعمالِ شعرت كما لو أضعتُ تلك البوصلة، وأصبحتُ فِي بَحثٍ دائمٍ عَمَّا أريدُ تحقيقَه. أما اليوم لا أجد ضَيراً بأن تَكُون الْبِدَايَاتُ مَسوقة بدافعٍ أو مُحركٍ إِلَى أَن نَتَمَكنَ مِن بَلورةِ أَهْدَافِنا.
وَعَن الأَهْدَاف يُعلِمُني مَسيري أَنها وَعَلَى صُعُوبَةِ تَحْدِيدِهَا فِي الْبِدَاياتِ فإنها تَرُد لِمَسَاعِينَا الْمِهَنيَّة رُوحهَا.
الْقَرَار
كَلِمَة ذَات وَقْع كَبِير وَيَزْدادُ وَقعها ثقلاً إذا كان على امرأةٍ أن تَكُونَ سيدةَ قرَارها؛ لِأَن الْقرارَ مَقْرون بِالتَّمَردِ إِذَا مَا غاير الْفِكر الْسائد وَهُنَا تَحْتَاجُ الْمَرأةُ جُهوداً عَظيمةً لإِقْنَاع مُحِيطِها بِقُدرَتِهَا عَلى اتِخَاذِ قَرَارَاتِهَا سَواء أكَان فِي بِيئَات الأَعْمَالِ أَو خَارِجها؛ مِمَّا يَتَطَلبُ الْحِكْمَةَ لِبناءِ قَاعِدةً مِن الثِّقةِ بِرجَاحةِ قرَارَتِها.
وَعْن اتِخَاذِ الْقَرار يُعلمُني مَسِيري أَن صَانِعَ الْقرَارِ يَتَعلَمُ صُنْعَه بِيَديه.
الْمَعْرِفَة قُوَّة
الْقَولُ غيرُ الْفِعل! يَا لَيتَنا نَعْلم مَا تَحْملُ هَذِه الْمَقُولَةُ مِن مَعَانٍ! لَو نْعلم كَمْ الْقُوَّة التِي نَكْتَسِبُهَا أَينمَا حَلَلْنَا فَقَط بِتَسَلُحِنَا بِالْمَعرفةِ. لِذا قَد أَخْذَتُ عَلَى عَاتِقي تَعمِيق مَعارِفي بِكُلِ مَا يَرْتَبِطُ بِه عَمَلي، والْمَال، وَالأَرْقَام، وَأَسْرَار الْمِهنَة، وَمَفهُوم التِّجَارة، وَالتَّخْطِيط الاسْترَاتِيجي، وَفَن التَّعَامُل مَع الْمَشُورَة، وَكَيفِية إِيجَاد أَهل الْخِبْرة. وَبِالرَّغمِ مِن كَثْرَةِ مَا احْتَجته مِن مَعارِف مِن أَجْل الْمُضِي قُدماً، إلَّا أَن هَذا النَّوع مِن التَّعلُم يَبقى مُتعةً بِالنِّسبةِ لِي. فِي طَرِيقِي تَعلمتُ الكثيرَ، وَكل مَا تَعْلمته تَمكنتُ من تَطْبِيقه وَتَوظِيفه فِي مَوَاقِف مُختَلفة، وَهَذا مَا يُعززُ مَفهومَ الْقُوَّة فِي الْمَعرِفة.
وعَن ارتِبَاط الْمَعرفَةِ بِالقُوَّةِ تُذكرني مَسيرَتي دائماً أَن مَن لَم يَسعى للْمَعرِفَة كَان يئوساً.
بَأَيْدِينَا نَبْنِي سُقُوفَ أَحْلَامِنَا بَمَا نَرِث مِن صُورٍ نَمطيةٍ عن شَخصٍ نَاجحٍ مِن وِجهةِ نَظرِ الْمُجْتَمع، وَلكن النجاحَ الْحَقِيقي يكمنُ فِي الرِّضا الدَّاخِلي الذي يَصْحَبُه تخطيطٌ لِمُستقبلٍ لَطالمَا كَان مُجَرد حُلم.