الحدث - سجود عاصي
بعد الإغلاق الأخير الذي أقره وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان لحاجز كرم أبو سالم التجاري الوحيد مع قطاع غزة؛ قدرت خسائر الإغلاق على مدار شهر بأكثر من 30 مليون دولار أمريكي، الأمر الذي فاقم من الأزمة الاقتصادية ليصل بها إلى مستوى جديد من التدهور.
بالأمس، كتب الصحفي الإسرائيلي في موقع واللا العبري أمير بحبوط في تغريدة له على حسابه في تويتر، أن "مصادر خاصة في القيادة الجنوبية تتحدث عن نية وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إغلاق حاجز كرم أبو سالم التجاري بحلول نهاية الشهر الحالي".
وفي اتصال مع "الحدث"، قال رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار جمال الخضري، إن المعابر وجدت لتبقى مفتوحة وأمر فتحها أو إغلاقها لا يجب أن يكون مرهونا بالوضع السياسي أبدا، مع الإشارة إلى أن الاحتلال ما زال يحظر عددا من المواد والسلع من الدخول إلى قطاع غزة.
فيما قال الخبير والمحلل الاقتصادي ماهر الطباع لـ "الحدث"، إن كافة الجهات حذرت مسبقا من أن القطاع يمر بحالة من الموت السريري، ولكن الاقتصاد في قطاع غزة اليوم يمكن وصفه بأنه في الرمق الأخير، ففي الإغلاق الأخير لمعبر كرم أبو سالم، أغلقت العديد من المصانع أبوابها وسرحت آلاف العاملين بسبب عدم توفر المواد الخام للإنتاج وكذلك القيود المفروضة على الاستيراد والتصدير من وإلى غزة.
وكان ليبرمان قد هدد مسبقا، أن استمرار البلالين الحارقة والطائرات الورقية لن يجعل الحياة في غزة تعود إلى طبيعتها، وفي الوقت الحالي تستمر غزة بابتكار أساليب وطرق جديدة في التظاهر ضد الاحتلال الإسرائيلي على الحدود كان آخرها تشكيل وحدتي الإرباك الليلي ووحدات سحاب.
يذكر، أن ليبرمان كان قد قرر منتصف أغسطس الماضي إعادة فتح حاجز كرم أبو سالم والعودة إلى وضع ما قبل الإغلاق في 10 يوليو 2018 أي مرور السلع باستثناء تلك التي يدعي الاحتلال بأنها "سلع ذات استخدام مزدوج" ومعظمها مواد خام تستخدم في الصناعة، وأرجع فتح المعبر حينها إلى "استمرار الهدوء على الحدود مع قطاع غزة".
ويشار إلى أن تقريرا للبنك الدولي صدر اليوم الثلاثاء، كشف أن الاقتصاد في قطاع غزة آخذ في الانهيار الشديد تحت وطأة الحصار المستمر منذ أكثر من عشر سنوات، وذلك على نحو لم تعد معه تدفقات المعونة كافية لتحفيز النمو، مما أوصل اقتصاد غزة إلى وضع مثير للقلق.
وبين التقرير، أن معدل البطالة في قطاع غزة وصل إلى أكثر من 70%، مشيرا إلى أن معدل النمو في القطاع بلغ سالب 6% في الربع الأول من عام 2018، بذلك فإن المؤشرات تنبئ بمزيد من التدهور والانهيار.
وبحسب تقرير البنك الدولي، فإن الأسباب لا تتمثل فقط بالحصار المفروض على القطاع من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وإنما بقرار السلطة الفلسطينية الذي يتمثل بخفض المدفوعات الشهرية إلى القطاع بمقدار 30 مليون دولار، والتقليص التدريجي لبرنامج معونات الحكومة الأمريكية الذي يتراوح بين 50 مليون و60 مليون دولار سنويا، وتخفيضات لبرامج وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
وحول تقرير البنك الدولي، أكد الخضري أن الأرقام الواردة فيه لا تبتعد عن الحقيقة والواقع بشيء، فلطالما "حذرنا من مزيد من التدهور في الأوضاع في قطاع غزة في ظل الحصار والعقوبات المفروضة عليه"، مؤكدا أن الوضع لن يتحسن أبدا بدون رفع الحصار عن قطاع غزة بالكامل، لأنه المسبب الرئيسي للتدهور الاقتصادي في القطاع، مشددا أن رفع الحصار هو الخطوة الأولى لتحسين اقتصاد غزة.
وحول النمو الاقتصادي السليم في الاقتصاد في قطاع غزة، أشار الخضري إلى أن قطاع غزة لن يستغرق أكثر من ثلاث سنوات ليتجاوز التدهور ويعيد بناء نفسه من جديد، مع التأكيد أن الآثار الاقتصادية السيئة لن تتلاشى قبل إزالة الحصار ورفع العقوبات، كما ويحتاج الأمر إلى الاستثمار الجدي والفاعل وخلق فرص عمل لدى الشباب التي هي الفئة الغالبة على سكان قطاع غزة.
وفي ذات السياق، أكد الخبير الاقتصادي الطباع، أنه لا يوجد أي خطوات عملية من شأنها أن تنقذ اقتصاد القطاع في الوقت الحالي، وفي حال وجد أي حل فهو لا يمكن أن يطبق بدون رفع الحصار عن غزة وتحقيق المصالحة الفلسطينية حتى تتمكن الحياة في غزة من العودة إلى طبيعتها، وهذا الأمر يحتاج إلى عدة سنوات بحسب الطباع.
وحول تقرير البنك الدولي، طالب الطباع المؤسسات الدولية بالتوقف عن إصدار التقارير التي غالبا ما تأخذ صدى إعلاميا فقط، ودعاها إلى الضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل وقف سياساته الموجهة ضد غزة وسكانها.