الحدث- محمد غفري
كشفت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن مجموع الخسائر التي لحقت بقطاع الاتصالات في فلسطين جراء الشرائح الإسرائيلية تجاوزت المليار و300 مليون دولار.
وكشفت ورقة رسمية جرى توزيعها على هامش أعمال مؤتمر "إكسبوتك فلسطين 2018"، أن عدد الشرائح الإسرائيلية الفعالة في السوق الفلسطينية، بلغ 600 ألف شريحة، متوقعةً أن يرتفع الرقم إلى مليون بحلول 2020، بواقع حصة سوقية لشركات الاتصالات الإسرائيلية في السوق الفلسطينية تبلغ 17%.
وبحسب الوثيقة، فإن الفلسطينيين الحاملين للشرائح الإسرائيلية، يدفعون 355 مليون شيكل سنوياً، مقابل استخدامهم لها.
في المقابل، خسرت الخزينة الفلسطينية ما قيمته 116 مليون شيكل في 2017، على شكل ضرائب ورسوم نتيجة استخدام الشرائح الإسرائيلية.
هذه الخسائر الفادحة التي يتكبدها الاقتصاد الفلسطيني جراء الانتشار الواسع للشرائح الإسرائيلية، وضعهم أمام تحديات وصفت بالصعبة في سبيل القضاء على هذه الظاهرة.
وخلال إحدى جلسات مؤتمر "إكسبوتك فلسطين 2018"، يوم الثلاثاء 25 أيلول 2018، تحدث عدد من الشخصيات المتخصصة في قطاع الاتصالات حول آليات القضاء على ظاهرة انتشار الشرائح الإسرائيلية.
تجريم الاتجار بالشرائح الإسرائيلية
رئيس نيابة الجرائم الاقتصادية ياسر حماد، قال إنهم في النيابة العامة يقومون بشكل دائم بضبط أصحاب المحال التجارية والمروجين للشرائح الإسرائيلية.
وأكد حماد، أن هؤلاء مجرمون بحسب القانون، وفق قانون الجرائم الإلكترونية، وقانون الاتصالات السلكية واللاسلكية، بالإضافة إلى قانون حماية المستهلك.
وأضاف حماد، أن النيابة العامة تقوم بتوجيه ملف هؤلاء المجرمين إلى القضاء، وتعزيز الملف بالأدلة الكافية للإدانة.
وبحسب الأرقام التي أعلن عنها رئيس نيابة الجرائم الاقتصادية؛ فقد بلغ مجموع القضايا المسجلة لديهم منذ بداية العام 2017 وحتى موعد انعقاد الجلسة 44 قضية بشأن الشرائح الإسرائيلية والاتجار بها، عدا عن التحقيقات المفتوحة.
لكن حماد طالب بإجراء بعض التعديلات على النصوص القانونية الموجودة لاستحداث تهم جديدة، لأن هذه الجرائم متطورة، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، لذلك هم يطالبون بفرض العديد من النصوص لحماية هذا قطاع الاتصالات.
أما عن التحدي الأكبر الذي يواجه النيابة العامة في سبيل القضاء على هذه الظاهرة؛ هو أن القضية بشكل أساسي هي قضية سياسية، وفق ما تحدث حماد، موضحاً أن أغلب نقاط البيع للشرائح الإسرائيلية تنتشر في المناطق المصنفة "ج"، وبالتالي تعاني فرق الضابطة الجمركية وفرق حماية المستهلك من العمل في هذه المناطق.
منافسة تجارية
الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات الفلسطينية عمار العكر، قال إنهم في حالة منافسة مع الشركات الإسرائيلية منذ عشرين عاماً، ولكن ما يحصل لأول مرة أن تقوم الحكومة الإسرائيلية بالدفع للشركات الإسرائيلية حتى تغزو السوق الفلسطيني، وهو ما يحصل مع توافر الوضع السياسي العالمي الهادف لتجفيف موارد السلطة الفلسطينية، وهذه الموارد مبنية على قطاعات اقتصادية معروفة منها الاتصالات والبنوك وقطاع العقارات.
وأكد العكر أن المطلوب الآن هو خطوات عملية، وهم بدورهم سوف يعملون على محاربة هذه الشركات من ناحية تجارية، من حيث تصميم البرامج التسويقية المتخصصة لمحاربة الشركات الإسرائيلية.
لكن العكر طالب بوجود تحالف وتعاون كبير بينهم وبين وزارة الاتصالات والنيابة العامة والضابطة الجمركية لوضع جهد حقيقي يثمر إلى نتائج.
تشديد بالعقوبات وملاحقة التجار
العكر في كلمته، تحدث باستغراب عن القوانين الموجودة، والتي وصفها بأنها غير رادعة، حيث لا يعقل أن يوجد لدى تاجر 500 شريحة، وأن نقوم فقط بمصادرتها، وإنما يجب أن يقدم للمحاكمة وأن يجرم.
وطالب العكر باستغلال قانون مقاطعة منتجات المستوطنات لمعاقبة من يقوم بالترويج للشرائح الإسرائيلية، مؤكداً أن الاتصالات لن تسعى إلى معاقبة المواطن، ولكنها تطالب بمعاقبة من يحارب الاقتصاد الفلسطيني سواء كان وكيلا أو مروجا أو بائع خدمة، حتى يتم حماية واحد من أهم القطاعات الاقتصادية في فلسطين.
ولم يجد عمار العكر حرجاً عندما أعلن أن طواقم مجموعة الاتصالات تعمل على الإخبار عن هؤلاء المروجين لأن هذه مصلحة ويجب الحفاظ على اقتصادها.
كذلك طالب العكر بتحضير قوائم سوداء بأسماء التجار والمروجين المنتشرين في مناطق "ج"، حتى لا يتخذ من العمل في مناطق "ج" ذريعة، لأن من يعمل في مناطق "ج" لديه مصالح وملفات في مناطق "أ"، وبالإمكان ملاحقته.
إسرائيل لا تلتزم بالاتفاقيات واتصلات لردعها
بدوره تحدث سليمان الزهيري وكيل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عن الإطار القانوني الناظم للعلاقة مع الجانب الإسرائيلي وفق اتفاقية أوسلو، والذي ينص على أن أي شركة إسرائيلية تنوي العمل في المناطق الفلسطينية يجب عليها الحصول على التراخيص اللازمة، وفي المقابل أي شركة فلسطينية ترغب في العمل داخل الخط الأخضر يجب عليها أن تحصل على التراخيص الإسرائيلية.
لكن إسرائيل بحسب الزهيري لا تقيم أي وزن للاتفاقيات ولا القرارات الدولية، وجميع الممارسات الإسرائيلية تتم وفق سياسة القرصنة والعربدة وعلى أساس السيطرة التامة لجميع الموارد الطبيعية الفلسطينية ومنها الهواء والأثير الفلسطيني.
وعن جهود الوزارة للقضاء على الظاهرة، قال الزهيري إن الوزارة بدأت منذ اللحظة الأولى بمراسلة الاتحاد الدولي للاتصالات، وتم الالتقاء بممثلي الرباعية الدولية، والتقى وزير الاتصالات مع الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات في جنوب أفريقيا، عدا عن تقديم احتجاج رسمي للجانب الإسرائيلي.
نشر التوعية
وأضاف الزهيري، أن قطاع الاتصالات يحتاج لحشد كل الطاقات الفلسطينية للوقوف في وجه هذه الهجمة، وهذا يتطلب جهدا جماعيا في نشر التوعية والتربية على مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، لأن الملاحق القانونية أمر يحد من المشكلة ولكنه لا يكفي..
وطالب رئيس نيابة الجرائم الاقتصادية ياسر حماد أيضاً مجموعة الاتصالات بضرورة الاهتمام بنشر التوعية حول أهمية مقاطعة منتجات الاحتلال.
التفوق التقني
أما رائد عليان مدير عام شركة "كول يوو" لخدمات الانترنت، فقد تحدث عن أهمية مراجعة مستوى خدمات الإنترنت في الشركات الأرضية الفلسطينية، لأنها هي بالأساس التي تنافس الشركات الإسرائيلية، لأن المواطن إذا امتلك سرعة عالية في المنزل لن يمتلك الشرائح الإسرائيلية.
وطالب عليان بضرورة التفوق على الشركات الإسرائيلية، مشيراً إلى أن سرعة الإنترنت الموجودة في تل أبيب وغير موجودة في رام الله، سوف تصل قريباً إلى رام الله، ولكن التحدي هو كيف نتفوق عليها، وهذا يحتاج إلى متطلبات تقنية.
هذا ما دفعه للحديث حول حصر وزارة الاتصالات منذ العام 2010 سوق الاتصالات في خدمات ADSL وقد مر عشر سنين وحتى اليوم لم تجر عملية مراجعة لهذا الجانب، متسائلاً على سبيل المثال: متى سوف يصل إلينا الفايبر؟.
وفي هذا الجانب قال عمار العكر في كلمته، إن الشركات الإسرائيلية تتفوق تقنيا في بعض الجوانب، لكن خدمات الجيل الثالث لدى الفلسطينيين في الضفة الغربية تتفوق على خدمة الجيل الرابع لدى الإسرائيليين في الضفة الغربية وشرقي القدس.
الجدير بالذكر أن مؤتمر "إكسبوتك فلسطين"، هو فعالية سنوية ينظمها اتحاد أنظمة تكنولوجيا المعلومات، للتطرق إلى أحدث ما توصلت إليه صناعة التكنولوجيا حول العالم.