الحدث ــ محمد بدر
نشرت صحيفة يديعوت أحرنوت تقريرا حول خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قالت فيه إن القيادات السياسية والاقتصادية والنخب الثقافية في الولايات المتحدة والعالم، ما زالت تحاول هضم خطاب الرئيس ترامب، أمس، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي أكد من خلاله على رفض مبدأ العولمة ونقل الصلاحيات من الدول ذات السيادة إلى الهيئات الدولية، ودعا الدول إلى تبني مفهوم "الوطنية" وأن لا يُسمح لأحد بتحديد مصير الآخرين.
المنتقدون لترامب اعتبروا أن هذا التجديف خطير ويضرّ في مفهوم التعاون الدولي. وفكرة الأمم المتحدة ــ التي يرفضها ترامب اليوم ــ نشأت لتجنب أهوال الحروب العالمية؛ خاصة بعد الحرب العالمية الثالثة. في حين، يرى أنصاره أن ترامب أظهر شجاعة في توصيف العالم لقادته كما هو، دون تزييف أو أقنعة.
وهاجمت شبكة CNN خطاب ترامب، وكتب المعلق "نيك روبرتسون" عن الحرج الذي أصاب الأمريكيين في بداية الخطاب، بسبب مجيء ترامب متأخرا إلى المنصة وفي غضون دقائق جعل زعماء العالم يضحكون منه. واعتبر "روبرتسون" أن خطاب ترامب كان مثيرا للسخرية والرعب.
وقالت مجلة "التايم" إن ترامب أضحك العالم على الأمريكيين، لقد تفاخر بنفسه وترك للحاضرين نوبات الضحك.. وقال مراسل WG إن الضحك الذي سيطر على المشاركين في الجلسة، تحوّل إلى صمت رهيب بعد أن شن ترامب هجوما استمر لـ35 دقيقة على قيم الأمم المتحدة التي كان يخطب على منبرها، مشيرا إلى أن الخطاب يحمل بصمات مستشار ترامب للأمن القومي جون بولتون، والذي أظهر خلال مسيرته الدبلوماسية ازدراؤه للمؤسسات والاتفاقات الدولية.
وفي كلمته التي ألقاها في الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس، شدد ترامب مراراً على السياسات الانفصالية التي اعتمدتها الولايات المتحدة تحت قيادته، وهاجم قوى منافسة ودول صديقة ومؤسسات دولية استغلت واشنطن، على حد زعمه. وقال ترامب: "نعتقد أنه عندما تحترم الدول حقوق جيرانها وتحمي مصالح شعوبها، يمكنها أن تتعاون بشكل أفضل لضمان الأمن والازدهار والسلام".
وأضاف ترامب: "كل واحد منا هنا اليوم هو رسول من ثقافة فريدة من نوعها، كل واحد منا يأتي من تاريخ غني وعلاقات وذاكرة وتقاليد وقيم خاصة؛ تجعل الأوطان مكانا لا يشبه أي مكان آخر على وجه الأرض، وهذا هو السبب في أن أمريكا يجب أن تختار الاستقلال.. لا نريد أن نخبر أحد كيف يجب أن يتصرف، لكن على الأقل يجب على الجميع احترام خصوصيتنا".
هاجم ترامب مؤسسات الأمم المتحدة وسلوكها، بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان، الذي أصبح بدلاً من أن يكون مجلسا للدفاع عن حقوق الإنسان؛ أداة ضد إسرائيل على مر السنين، على حد زعم ترامب. وقال ترامب الليلة الماضية: "لقد أصبح مجلس حقوق الإنسان مصدر إزعاج رهيب، وهو يؤوي منتهكي حقوق الإنسان المشينين، في الوقت الذي يحاول فيه إدانة أمريكا وأصدقاءها الكثيرين".
كما هاجم المحكمة الجنائية الدولية، قائلاً إنه للأسباب نفسها لا تعترف واشنطن بسلطة المحكمة: "بالنسبة لنا في الولايات المتحدة، فإن المحكمة الدولية ليس لها سلطة قضائية ولا شرعية. تدّعي محكمة العدل الدولية أنها صاحبة سلطة على مواطني جميع البلدان وتنتهك مبادئ العدالة والإنصاف ومراعاة الأصول القانونية.. الولايات المتحدة يحكمها الأمريكيون، ونحن نرفض أيديولوجية العولمة ونتبنى العقيدة الوطنية ".
وزعم ترامب أن الولايات المتحدة تحمي العديد من الدول المصدرة للنفط، ولا تتلقى أي شيء منها في المقابل، بل وتستغلها هذه الدول. وشدد أيضًا على أن الولايات المتحدة لن تنضم إلى اتفاقية الهجرة العالمية الجديدة. وأكد ترامب أن التسامح مع الهجرة غير الشرعية يحفز أنشطة التهريب وشبكات الجريمة القاسية واستغلال الضعفاء.
لقد كان خطاب ترامب غاية في الرعب، وأثار شبح الدمار في العالم من جديد، وأعاد للأذهان كوابيس الحرب العالمية الثانية، وأعاد للأذهان بخطابه الوطني؛ الخطابات الوطنية في الثلاثينيات، والتي أدت في النهاية لاندلاع الحرب العالمية الثانية، فهل يكون خطابه وصفة قوية للحرب العالمية الثالثة ومقتل ملايين البشر؟!