الحدث- محمد غفري
تأتي الأعياد اليهودية لتزيد من الطين بلّه على التجار المقدسيين في البلدة القديمة، بسبب الإجراءات التي تفرضها سلطات الاحتلال على حركة المواطنين الوافدين، وما ينعكس سلباً على الحركة السوقية.
خلال هذا الأسبوع، تحتفل دولة الاحتلال الإسرائيلي بعيد العرش اليهودي، مناسبة تتلذذ فيها قوات الاحتلال داخل البلدة القديمة باتخاذ إجراءات أمنية معقدة تنغص حياة المواطنين المقدسيين، وفي المقابل توفر كافة سبل الراحة لقطعان المستوطنين.
عند الجهة اليمنى على مدخل باب العامود، أحد أشهر الأبواب التاريخية لمدينة القدس المحتلة، يقف التاجر المقدسي أحمد دنديس أمام متجره يراقب المشهد البائس.
يقول دنديس "كل الأعياد اليهودية تحل علينا بالغضب، حيث يتم تحويل البلدة القديمة إلى ثكنة عسكرية، ويمنع دخول السيارات، وتقييد حركة المارة، حتى أن بعض الأيام لا يسمح بالدخول إلا لسكان البلدة القديمة".
هذه الإجراءات المشددة، أكد دنديس لـ"الحدث" أنها تؤثر على الحركة التجارية، مشيراً إلى أنه بالأصل لا يوجد متسوقين، ولكن الأمر يزيد بؤساً عند الأعياد اليهودية.
وأشار التاجر المقدسي، وهو صاحب محل لبيع الملابس، أن الحركة التجارية في البلدة القديمة تراجعت منذ ثلاث سنوات، وبشكل خاص في محيط منطقة باب العامود، ولكن في الأعياد اليهودية تنعدم الحركة التجارية، حتى أن بعض الدكاكين "لم تستفتح منذ أسبوع"- ويقصد هنا أن هذه المحال لم تبع أي شيء منذ أسبوع.
تتمثل ممارسات عناصر الاحتلال الإسرائيلي عند بوابات البلدة القديمة بالتفتيشات التعسفية، وفحص الهويات، والتدقيق بالملفات، وإجراء التحقيقات الميدانية، وهذه الممراسات تستهدف بشكل أساسي عنصر الشباب.
هذا الأمر جنب المواطنين الدخول إلى البلدة القديمة، وبشكل خاص خلال فترة الأعياد اليهودية، خوفاً من هذه الممارسات، وبالتالي قلة وصول القوة الشرائية للبلدة، وهو ما أدى إلى انخفاض مبيعات التجار، وانعكس سلباً على الوضع الاقتصادي والتجاري بشكل عام في البلدة القديمة.
وكان العضو في غرفة تجارة القدس حجازي الرشق قد صرح لـ"الحدث" أن عدد المحال التجارية التي أغلقت في البلدة القديمة قد وصل مع نهاية العام 2016 إلى 317 محل تجاري، وأن هذا العدد يرتفع باستمرار.
في البلدة القديمة في القدس هناك أسواق تجارية أغلقت بالكامل مثل سوق الخواجات، وسوق اللحامين، وإغلاق جزء من سوق العطارين، بالإضافة إلى إغلاق العديد من المحلات التجارية عند باب السلسلة، وفي حارة الشرف، وفي شارع الواد أغلقت العديد من المحلات التجارية أيضاً.
لماذا يفلس التجار؟
يؤدي انخفاض أعداد المتسوقين في البلدة القديمة إلى انخفاض في الدخل لدى التجار، وبالتالي عدم مقدرتهم على دفع الرسوم المفروضة عليهم من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
أحمد دنديس لا تتجاوز مساحة محله التجاري عشرة أمتار، إلا أن ما يقوم بدفعه على أصغر محل موجود في البلدة القديمة على حد تعبيره هو 3500 شيقل سنوياً مستحقات ضريبة الأرنونا (الخدمات)، ودفع ضريبة مبيعات بقيمة 18%، ودفع ضريبة الدخل، ودفع التأمين الوطني، ودفع مخالفات الوقوف غير القانوني للسيارات عندما يضطر لذلك بما لا يقل عن مخالفتين في الشهر بقيمة 1000 شيقل، وذلك بسبب قلة وجود مواقف للسيارات.
هنا يصبح التاجر المقدسي بين خيارين إما الدفع لحكومة الاحتلال، أو توفير مصروف أولاده، وبالنسبة لدنديس فإنه يفضل الدفع لمصروف أولاده لا لحكومة الاحتلال، وهو ما ينعكس على تراكم الديون ومضاعفتها سنوياً عليه.
أحمد دنديس قال لـ"الحدث"، إن مجموع الديون المفروضة عليه من قبل سلطات الاحتلال تتجاوز 60 ألف شيقل.
وما يجري نتيجة كل هذا التراكم، أن ترفع سلطات الاحتلال قضية على التاجر، ومن ثم يذهب إلى دائرة الهجرة التي تقوم بالحجز على رخصته، ومنعه من السفر، وقد يتم الحجز على أثاث المنزل، أو يجري الحجز على البضاعة في المحل التجاري.
بحسرة يقول دنديس: "هذا بالضبط ما حصل معي، وقد اعتقل على أي حاجز عسكري".
حجازي الرشق كان قد صرح لـ"الحدث"، أن سبب إغلاق المحال التجارية، هو عدم وجود قوة شرائية وسياحية ما أدى إلى تآكل في رأس مال التاجر، لدرجة إعلان بعض التجار إفلاسهم وصولاً إلى حد الفقر، وهو ما أجبرهم على إغلاق محالهم التجارية، والتوجه إلى فتح منشآت أخرى خارج البلدة القديمة، أو حتى خارج جدار الفصل العنصري بعيداً عن القدس.
ما هو المطلوب؟
التاجر المقدسي أحمد دنديس وبالنيابة عن عشرات التجار الأخرين ناشد كافة المسؤولين في الأمة الإسلامية والعربية والسلطة الفلسطينية أن يقفوا مع تجار البلدة القديمة، من حيث توفير الدعم الاقتصادي والمعنوي، حتى تصمد البلدة القديمة إلى حين انتهاء هذه الظروف الأمنية التي يفرضها الاحتلال.
وأشار دنديس إلآ أن السلطة الفلسطينية، كانت قد وعدت التجار العام الماضي بدفع مبلغ 3 آلاف دولار، ولكن ما صرف منها حتى اليوم هو ألفي دولار.
ما تبقى من المبلغ وهو ألف دولار فيما لو قامت السلطة بدفعها تكفي التاجر المقدسي للصمود عدة أيام.
ويراهن دنديس أن المبلغ الذي صرف لهم من قبل السلطة الفلسطينية لم يأخذ منه أي تاجر دولارا واحدا لجيبه، بل دفعت كلها مقابل الضرائب والمستحقات الأخرى.
ومن التسهيلات الأخرى التي طالب بها دنديس، أن يتم منحهم القروض من قبل البنوك الفلسطينية دون تعقيدات ودون فوائد، فهم لا يطالبون بمنة من أحد، وإنما ما يعزز صمودهم فقط.