الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الصحفيون الفلسطينيون والأدباء وعناصر حزب الله.. تراقبكم وحدة استخباراتية بهذه الطريقة!

2018-09-30 11:47:11 AM
الصحفيون الفلسطينيون والأدباء وعناصر حزب الله.. تراقبكم وحدة استخباراتية بهذه الطريقة!
الاستخبارات الإسرائيلية

 

الحدث ـــ محمد بدر

بدأ الشاب الإسرائيلي "أ" يبحث عن عناصر الكوماندوز البحري الإسرائيلي عن طريق الفيسبوك. وكانت عملية البحث عبارة عن اختبار صممه لنفسه: "كيف يمكن أن تكون ضابط مخابرات وتستقي معلوماتك من المكشوف"، وتمكن في النهاية من الوصول إلى 26 عنصرا من الكوماندوز البحري على الفيسبوك. وخلال أيام قليلة، استطاع معرفة نشاطاتهم والأماكن التي يذهبون إليها، والمطاعم التي يحبون ارتيادها. اكتشف "أ" أن التعليمات الخاصة من قبل الجيش بمنع نشر الوظيفة التي يعملها فيها عناصر الوحدات الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، لا تطبق.

الشاب "أ" أصبح في ما بعد ضابط استخبارات كبير، والتحق بوحدة "حتسب"؛ المسؤولة عن جمع المعلومات الاستخبارية من مصادر مرئية، ويشير في مقابلة صحفية أجراها في عام 2016 مع القناة الثانية العبرية، إلى أن كمية المعلومات التي تجمعها هذه الوحدة كبيرة جدا ومهمة جدا، رغم أنها تجمع من المكشوف والمعروف والمنشور. وعن مصادر المعلومات، يقول "أ" إنها بالأساس؛ الصحف والكتب وشبكات التلفزيون والإذاعة وشبكات التواصل الاجتماعي. ويعترف بأن جمع هذا الكم من المعلومات مرهق، لكنه "ممتع ونتيجته مهمة جدا".

في السنوات الأخيرة، تعمل "حتسب" بشكل وثيق مع قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية، وأصبحت المادة العلنية التي تجمعها مصدرا مهما للتحليل الاستخباراتي. بعد كل قصف في غزة أو سوريا، تجمع الوحدة الصور التي يتم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتقوم بنقلها لسلاح الجو والشاباك أو الموساد، ومن ثم يتم تحليل نتائج الهجوم من أجل تفادي الأخطاء في حال أثبت الصور وقوعها.

تصف الوحدة الهواتف الذكية بأنها "جاسوس العصر الجديد". على سبيل المثال، بعد اغتيال الشهيد القيادي في كتائب القسام أحمد الجعبري، نشرت صورا لجسده بعد القصف، وكانت هذه الصور دليلا واضحا على أن سلاح الجو لم يخطئ هدفه وأن الجعبري قد استشهد ولم يصب. لو لم يتم نشر هذه الصور، لاستغرق الأمر أياما وأسابيع للتأكد من استشهاده، حتى لا يكون الإعلان عن استشهاده "تمويه" في حال أصيب.

ويضيف ضابط الاستخبارات "أ": "معظم الاعتقالات التي تجري في الضفة الغربية، نقف وراءها نحن في وحدة "حتسب"، نمدّ الأفرع الأخرى للمخابرات والجيش بمعلومات عن أشخاص نشروا على وسائل التواصل الاجتماعي عبارات تدّل أنهم بصدد تنفيذ عمليات، أو أنهم محبطون ويائسون.. ويتم تسليم معلومات مفصلة عن كل ما ينشره النشطاء الفلسطينيون؛ سواء صور مواجهات أو صور تحريضية أو منشورات مكتوبة..".

ويؤكد "أ" أن للوحدة مهام أخرى تتعلق بقياس الرأي العام الفلسطيني والعربي من قضايا معينة أو تنظيمات أو ظواهر سياسية أو اجتماعية، مشيرا إلى أن الجيش يطلب منها بين الفينة والأخرى معلومات حول الرأي العام السائد في منطقة جغرافية معينة حول قضية أو ظاهرة، ويتم الوصول لاستنتاجات مهمة من خلال متابعة المنشورات والتعليقات".

وفي الفترة الأخيرة، يتابع عناصر الوحدة عن كثب عناصر حزب الله الذين يقاتلون في سوريا. يقول "أ": "إنه على عكس ما كان معمولا به لدى الحزب، من حفاظ على سرية الأفراد ومواقع قتالهم، فإن عناصر حزب الله يشاركون صورهم في جبهات القتال في سوريا على الفيسبوك وتويتر، ونعرف من خلال هذه الصور أنواع الأسلحة التي بحوزتهم وكذلك هوياتهم".

يختم ضابط الاستخبارت "أ" مقابلته، بالقول: "أنا أملك كذلك حسابا على الفيسبوك وتويتر، ومن المستحيل أن استخدم هذه الحسابات في أمور تتعلق بالعمل، سواء من خلال المراسلات أو المنشورات.. أنا ذكي جدا في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وبكل الأحوال هناك من يراقبني من أفراد الوحدة".

وعن تاريخ تأسيس الوحدة، يقول ضابط الاستخبارات الإسرائيلي المتقاعد إلياهو كوهين، إن "إسرائيل" أنشأت في البداية وحدة 8200 الاستخبارتية، وكان هو من المشرفين على تأسيسها، وكان ذلك في خمسينيات القرن الماضي. ويوضح كوهين أن الوحدة كانت مسؤولة عن تفكيك الشيفرات وتحليل الاتصالات بين القادة العرب والجيوش العربية، مشيرا إلى أن معظم العاملين فيها كانوا من اليهود العرب المهاجرين، وتحديدا العراقيين.

وفيما بعد توسع عمل الوحدة، وتم تشكيل الوحدة HS 2 والتي كانت تهتم بشكل أساسي بمتابعة كل ما يصدر عن الفلسطينيين والعرب؛ السري منه والواضح. وتم تغيير اسم الوحدة إلى وحدة 515. وقال كوهين أن البعض اعتقد أن تغيير الاسم جاء على هذا النحو، لأن الوحدة كانت تضم 515 عنصر استخبارات، من بينهم 500 عنصر من يهود العراق، والباقي من دول أخرى.

ولكن وفي وقت لاحق، أنشأت وحدة "حتسب" كوحدة متخصصة في جمع المعلومات الاستخبارية من المصادر المفتوحة: التلفزيون والإذاعة والأدب والصحافة. ويضيف كوهين: "عندما بدأ الربيع العربي، كثيرون كانوا يعتقدون بأن النظام السوري سيسطر على الأوضاع بسرعة، وحتى وزراء كبار كان يعتقدون بهذا الاعتقاد، ولكننا أبلغناهم عن يقين بأن الأزمة ستطول"، ويؤكد كوهين أن غالبية أفراد الوحدة وعناصرها من اليهود العراقيين.

وفي أحدث تقرير إسرائيلي عن الوحدة، قال موقع ويللا العبري إن منظومات المتابعة الإكترونية لن تنجح في "كبح جماح التحريض"، كما أن العمليات الفردية لا يمكن منعها بالكامل من خلال هذه المنظومات. وخلُص الموقع في تقريره إلى أن "هذه المنظومات مثقوبة وفيها ثغرات.. ويبدو أن ظاهرة العمليات الفردية ستبقى قائمة، وظاهرة التحريض ستستمر، لأن المحرض والمقاتل، أصبح يستغل ثغرات وثقوب هذه المنظومة".