الحدث - سجود عاصي
بعد ثلاثة حروب، وحصار استمر وما زال لأكثر من 12 عاما، باتت غزة تعاني تدهورا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا يكاد يجعل قطاع غزة بالكامل بقعة غير قابلة للحياة بحسب تحذيرات الأمم المتحدة. وفي ظل التهديدات والمخاوف من احتمالية وقوع حرب رابعة؛ يبقى السؤال: كيف يستقبل سكان قطاع غزة الحديث عن حرب رابعة؟
كثير من الغزيين يفضلون وقوع حرب في القطاع، ليس لقدرة غزة على احتمال حرب جديدة وإنما لقدرتها على قلب الموازين على أمل أن تكون للأفضل.
الشاب الفلسطيني جهاد الزق من قطاع غزة، قال لـ الحدث، إن سكان القطاع يموتون بشكل بطيء، وأضاف "في حال وقعت الحرب يا بتخرب يا بتعمر"، مؤكدا أنه يتمنى في كثير من الأحيان نشوب الحرب حتى يتضح الوضع القائم إلى أين يتجه.
في المقابل، قال الصحفي نضال عليان من قطاع غزة، إن أية حرب قادمة ستحمل معها آلام الحروب السابقة وخاصة أهالي الشهداء الذين ارتقوا أشلاء، وأولئك الذين شردوا من بيوتهم ولم يجدوا المأوى البديل، وتابع قائلا "الحرب لا زالت موجودة وآثارها لم تنته بعد".
وعن استقبال الحرب إن جاز التعبير، أشار عليان إلى أنه عند ورود أي حديث عن اقتراب الحرب فإن تلبية الحاجات الأساسية في المنازل كالطحين مثلا تمثّل الأولوية القصوى لدى البعض خوفا من نقص المواد الأساسية أو عدم القدرة على الإتيان بها.
وهناك الكثير من الغزيين يستقبلون أنباء الحرب دون أي مبالاة وكأن شيئا عاديا سيحدث، مبررين ذلك بأن شيئا لن يخسروه أكثر مما خسروا، وكذلك يفضلون وقوع الحرب بسبب الظروف السيئة التي يمر بها القطاع على كافة الأصعدة، كما هو حال الشاب أحمد أبو حويلة الذي قال لـ الحدث، "إن الحرب إذا وقعت يمكن أن تغير الأوضاع إلى الأفضل، رغما عن كل ما سيحدث خلالها، لكنها على الأقل قد تغير من الواقع".
"الحرب ليست أمنيتنا لكن لا شيء مستبعد"
الشابة انتصار البطش، قالت في مقابلتها لـ الحدث، إن نشوب الحرب أمر متوقع وغير مستبعد نهائيا، لكن غزة لن تحتمل حربا رابعة بسبب الخسائر البشرية والاقتصادية التي ستلحقها بالقطاع، مع الإشارة إلى أن آثار الحروب السابقة ما زالت جراحها تنزف إلى يومنا هذا.
وبدورها، لا تستبعد الصحفية هاجر حرب وقوع أي حرب في ظل المعطيات الموجودة على الساحة الفلسطينية وفي ظل التهديدات الصهيونية والدولية باحتمالية وقوع حرب جديدة، مضيفة أن الحرب مجزعة على المستوى الإنساني.
وقال الصياد أحمد النجار لـ الحدث، إن الحرب الآن كما هو نظام الحرب الباردة، "كل يوم نقول إن الغد أفضل لكن الوضع يزداد سوءا"، وعن توقعاته لحرب مقبلة؛ أكد النجار أن الحرب شيء "لا يدخل ضمن أمنياتنا لأن يكون واقعا" لكن لا شيء مستبعد.
"إسرائيل والمقاومة لا تريدان الحرب"
وقال المحلل السياسي إياد القرا، إن إمكانية اندلاع حرب جديدة أمر مستبعد في الوقت الحالي لأن الطرفان ("إسرائيل" والمقاومة الفلسطيني) لا يريدان ذلك، لأن أي حرب مقبلة ستكون حربا مدمرة، مضيفا أن
المقدمات التي يمكن أن تقود إلى حرب في قطاع غزة موجودة على الأرض وإذا لم تتم معالجتها فإن الحرب ستكون وشيكة، أي أن أي تصعيد مرتقب سيكون المقدمة للاهدوء وعدم السيطرة على الأوضاع.
وأكد القرا على أن الحرب المقبلة إذا ما حدثت فإنها ستكون حربا "طاحنة" على حد وصفه، خاصة بوجود تهديدات إسرائيلية متكررة بشأن ذلك، في ظل رهان "إسرائيل" الذي يعتمد على عاملين وهما القوة النارية المفرطة والقوة الجوية التي قد تقلل من خسائر الحرب البرية بالنسبة لإسرائيل، خاصة أن إسرائيل لا تحبذ الدخول في حرب برية لعدة عوامل أهمها فقدان جنودها أو وقوعهم بالأسر لدى فصائل المقاومة الفلسطينية.
وبشأن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فإن المحلل السياسي القرا، شدد على أنهم في مرحلة حساسة جدا ولا يريدون الحرب لأنها ستحمل معها كوارث اقتصادية وسياسية وبشرية، والخوف هنا يكمن في أن أي تدمير لا يمكن إصلاحه كما حدث في الحربين الأخيرتين.
ومؤخرا، حذر مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف من نشوب حرب رابعة في قطاع غزة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي، قائلا "إن غزة على شفا حرب أخرى بين حماس وإسرائيل"، مضيفا إن الوضع يتدهور بسرعة والتوتر في الضفة الغربية وقطاع غزة يزداد.
وفي الوقت ذاته تصاعدت الفعاليات الميدانية على حدود قطاع غزة ضمن فعاليات مسيرة العودة كان آخرها أول أمس "جمعة انتفاضة الأقصى"، حيث أطلق الاحتلال الإسرائيلي النار على المتظاهرين بشكل متعمد مما أدى إلى ارتقاء 7 فلسطينيين وإصابة أكثر من 500 فلسطيني في اليوم الذي وصف بالأكثر دموية في أحداث مسيرة العودة بعد أحداث الخامس عشر من مايو الماضي، وسط مخاوف من انهيار الأوضاع الأمنية بصورة دراماتيكية على غرار ما حدث في الحروب السابقة.