الحدث- نيويورك تايمز
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن الغاز الطبيعي الإسرائيلي بات سلاحا استراتيجيا يمكن أن تستخدمه الدولة العبرية في إعادة رسم الخارطة الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط.
وذكرت الصحيفة الاثنين أنه من الممكن أن تستخدم إسرائيل الموارد الضخمة للغاز الطبيعي التي اكتشفتها مؤخرا في تحسين علاقتها ليس فقط مع كل من مصر والأردن اللتين تعانيان نقصا شديدا في مجال الطاقة، بل وحتى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
وأوضحت الصحيفة أن "نوبل إينرجي"، الشركة التي تدير حقل تمار الإسرائيلي للغاز الطبيعي وتطور حقلا مجاورا له، أبرمت في الشهور الأخيرة سلسلة صفقات لبيع الغاز من إسرائيل إلى عدد من الدول المجاورة، مردفة أن تلك الخطوة جاءت تنفيذا لإستراتيجية الرئيس الأمريكي باراك أوباما للمساعدة في تخفيف حدة التوترات في المنطقة.
وأضافت الصحيفة أن كلا من الأردن والسلطة الفلسطينية وقعتا اتفاقيات مبدئية في الشهور الأخيرة، في الوقت الذي تعقد فيه " نوبل إينرجي" مباحثات لإمداد مصر بشحنات أكبر من الغاز الطبيعي.
ونسبت الصحيفة لـ كارلوس باسكوال، منسق الطاقة الدولية السابق في وزارة الخارجية الأمريكية قوله "ما تعنيه هذه الاتفاقيات هو أنه من الممكن استغلال الغاز الطبيعي كأداة لتأسيس شراكات تجارية ذات فوائد جيوسياسية إيجابية."
وأشار تقرير نيويورك تايمز إلى أن "نوبل إينرجي" التي أنجزت تطوير حقل تمار في العام الماضي مقابل ما قيمته 3.5 مليار دولار، قالت إنها عثرت على أكثر من 800 مليار متر مكعب من الغاز قبالة السواحل الإسرائيلية.
ورأى التقرير أن اكتشافات الغاز تلك سوف تكون كافية لتلبية معدلات الطلب المحلي الحالية في إسرائيل لمدة قرن من الزمان تقريبا، ما من شأنه أن يقلل حاجة البلاد إلى استيراد الوقود من الخارج.
وقال بنيامين إيه. زومر، المسئول عن عمليات شركة " نوبل إينرجي" في أوكلاهوما: "في ظل حاجة الدول المجاورة لإسرائيل الماسة له، أصبح الغاز سلاحا حيويا لاسيما في الوقت الحالي".
على صعيد متصل، أفادت الصحيفة بأن الإدارة الأمريكية تدفع في اتجاه تفعيل تلك الإستراتيجية من منطلق رؤيتها التي تذهب إلى أن علاقات الطاقة ستسهم في دفع عملية السلام الهشة بين إسرائيل وجيرانها، بل وربما تقدم لأوروبا أيضا مصدر أخر للغاز الطبيعي ومن ثم تخفيف اعتماد القارة العجوز على روسيا في هذا المجال.
ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أن مصر تعد العميل المحتمل الأوفر حظا في المنطقة لاستيراد للغاز الطبيعي الإسرائيلي، بوصفها سوقا ضخما ومتناميا علاوة على حاجتها الملحة للطافة لسد الطلب المحلي.
وأوضحت الصحيفة أن " نوبل إينريجي" كانت قد توصلت هذا العام إلى إبرام اتفاقيات غير ملزمة مع شركة " بي جي" النفطية البريطانية والمشروع المشترك بين شركة" إيني" الإيطالية و " جاز ناشورال فينوزا" الاسبانية لإمداد مصانعهم بالغاز من حقلي تمار وليفياثان الإسرائيليين، ما سوف يحتم تدفق الغاز إلى السوق المحلي في مصر.
وخلال الشهور اﻷخيرة، أصدر تحالف حقل غاز تمار الإسرائيلي -الذي تقوده شركة نوبل إنرجي الأميركية، ومجموعة ديليك الإسرائيلية- بيانا أعلن فيه توقيع "خطاب نوايا" مع شركة دولفينوس القابضة لبيع ما لا يقل عن خمسة مليارات متر مكعب من الغاز، على مدى ثلاثة أعوام إلى عملاء من القطاع الخاص في مصر عبر خط أنابيب أنشئ في الأصل لنقل الغاز إلى إسرائيل.
وفي محاولة من الحكومة المصرية للنأي بنفسها عن الصفقة التي قد تثير سخطا وتساؤلات لدى قطاعات من المصريين، أصدرت وزارة البترول بيانا قالت فيه إن موقف الوزارة من هذه الصفقات "ثابت وواضح، وهو أنه لن تكون هناك أي اتفاقيات بين أطراف إلا بموافقة السلطات المصرية المختصة، وبما يحقق المصلحة القومية لمصر وتحقيق قيمة مضافة مرتفعة للاقتصاد المصري، وأن يأتي الاتفاق بحلول لقضايا التحكيم التجارية المعلقة".
ومؤخرا، كشف وزير الطاقة الإسرائيلية سيلفان شالوم عن ن بلاده بصدد التحضير لتوقيع اتفاق بقيمة 15 مليار دولار لتزويد الأردن بالغاز الطبيعي من حقل لفيتان البحري لمدة 15 عاماً، مضيفا أن الاتفاق يأتي إثر اجتماعات عديدة مع المسؤولين الأردنيين لكنه لم يذكر تفاصيل أخرى.
لكن غالبية أعضاء مجلس النواب الأردني أعربوا عن رفضهم لاستيراد الغاز من إسرائيل لصالح شركة الكهرباء الوطنية، واصفين هذه الخطوة بأنها أكبر مشروع تطبيع مع إسرائيل منذ توقيع اتفاقية وادي عربة عام 1994، وأنها أكبر هدية لحكومة بنيامين نتنياهو "المتطرفة".
لكن الحكومة بررت توجهها للسماح باستيراد الغاز بتوقف الغاز المصري وغياب البدائل والخسائر الكبرى التي لحقت بشركة الكهرباء.