الحدث- ريم أبو لبن
في كل ليلة لدي موعد مع "ناموسة" أو ما يطلق عليه " الحوَّام"، فهي تتسلق جسدي خلسة لتتغذى على دمائي وكأنها تفضل صنفاً معيناً من الدماء لتترك أختي بحالها، غير أنها تترك بصمة في قدمي لأتحول فيما بعد إلى وظيفة دائمة " حكاكة" أي أحك جسدي على الدوام حتى أصل إلى طبيب قد يصف حالتي بـ " التهاب" نجم عن مواعدة " ناموسة".
لمن لا يعرف الناموس، هو ذاك الكائن الطائر الذي يحوم بجناحيه بشكل فردي أو جماعي ليستوطن النباتات أو البشر، غير أنه يفضل الاختباء خلف (السرائر، والستائر، وحتى الخزائن)، وقد يصعب ايجاده ويثير الاستفزاز بصوته الذي " يزن" في أذنك.
الناموس يحبك !
" الناموس قد يعشق بعض الأجسام أكثر من غيرها، ويؤثرفي أجسام أكثر من غيرها، وهذا مرتبط بالجهاز المناعي والحب". هذا ما أكده لـ"الحدث" د. صلاح صافي، وهو اختصاصي في الأمراض الجلدية.
وماذا عن الحب؟ قال صافي: " الناموس والفطر يعشقان بعض الأجسام، حيث يعشق الناموس إفرازات ورائحة أجسام بعض الناس، فإذا الحب موجود ما بين الناموس والبشر".
وعن اقتراب الناموس من فصيلة دم دون أخرى، قال صافي : "هي تفضل الجنس الياباني أكثر من الاندونسي، وتفضل O- أكثر من A+ ، وماذا عن الدم الفلسطيني؟".
" الناموس لديه استمالة لنوع معين من الأجسام ولكن لا يعرف السبب.. الناموس كائن ذكي". هذا ما قاله د. سيلمان برقاوي لـ"الحدث" وهو طبيب أمراض جلدية.
أضاف : "قد يجلس الفرد في الأماكن المفضلة للناموس، وقد ينام ليلاً دون أن يغطي جسداً، وقد يرتدي ملابس مكشوفة للناموس ، كلها عوامل تلعب دوراً في تسهيل عملية القرص".
" قرصة ديناصور مش ناموس"
وبحسب شكاوى أهالي مدينة البيرة، فإن هذا العام قد شهدت أجسادهم قرصات كان مصدرها "الناموس" حيث ترك بصمة في أجسادهم وبها بقع حمراء قد صعب اخفائها واستمرت لمدة أيام بل لأشهر.
"في كل عام تصلنا شكاوي من السكان بما يخص الناموس، ولكن هذا العام استقبلت المناطق أعداد كبيرة من الناموس والأمر متعلق في تقلب الجو المتقلب، لاسيما وأن الحشرة تنشط في الحر". هذا ما أكده لـ"الحدث" د. اياد ضراغمة مدير دائرة الصحة والبيئة في بلدية البيرة.
قال : " قمنا بعملية رش الشوارع مرتين في الأسبوع، غير أن طبيعة الجو تفرض علينا متى نقوم بالرش، لاسيما وأننا نستخدم ماكنة التضبيب الحراري لرش الحشرات والتي تعمل على وقاية الطبقة القريبة من الأرض وتمنع الناموس من ملامستها.. أفضل الأوقات لرش الحشرات أثناء انخفاض حركة الهواء في الجو، وكما اليوم لا نستطيع الرش".
وعن مواعيد الرش، أكد ضراغمة بأن بلدية البيرة وبطواقمها يقومون بعملية الرش وباستخدام الماكنة (الدخان) بدءاً من الساعة الثانية ليلاً حتى الساعة الرابعة صباحاً، حيث يتركز الرش في منطقتين شمال البلدية وجنوبها أي وفي الشمال يتم رش الحشرات في شوارع كلا من : ( راس حسين، والبلوع، الارسال، المصايف ، وضاحية الاتحاد) وفي الجنوب (سطح مرحبا، البيرة، ام الشرايط، وشارع القدس).
"فيما يخص انتشار الحشرات والناموس تحديداً مهما بذلت البلدية من مجهودات للقضاء عليها وجب على المواطن أن يظهر تعاوناً من خلال اغلاق النوافذ، وكذلك استخدام المبيدات لرش الحشرات حول محيط المنزل، وبهذه الطريقة نقضي على الحشرات".
لا يوجد ناموس غريب
لا يوجد ناموس غريب وبمسيمات جديدة، أو يسبب أمراض غير طبيعية أو ينقل أمراض". هذا ما أكده د. صلاح صافي.
أضاف : " هو ناموس محلي، ولم نستقبل في العيادة أو وزارة الصحة أي حالات غير اعتيادية ناجمة عن قرصة الناموس، غير أن الناموس تاريخاً هو يسبب الالتهاب أو التحسس أو كلاهما معا (التهاب تحسسي)، ويمكن أن يؤدي قرصته إلى حدوث انتفاخ في الجلد وظهور الفقاعة، ونتيجة الحك المستمر للمنطقة يظهر الجرح مما يعاني الشخص من تلك الأعراض لعدة أيام".
واستكمل حديثه : " هناك بعض الأشخاص ينتهي من قرصة واحدة، وتظهر عليه عدة قرصات في اليوم الثاني".
" الحالات التي تأتي للعيادة هي حالات عادية، ولا يوجد شيء نادر، فلا داعي للتخوف". هذا ما أكده د. سيلمان برقاوي لـ"الحدث" وهو طبيب أمراض جلدية.
قال : "هناك بعض الحالات التي قد تصاب بالحساسية نتيجة التعرض للعاب الذي تفرزه الناموس بعد كل قرصة، فإن تمت معالجته من القرصة الأولى قد يتعرض لقرصة ثانية هي الأشد".
أضاف : "قد تحدث القرصة انتكاساً عام في جسد الشخص بعد تعرضه لها، وقد ينجم عنها انخفاض في ضغط الدم وقد ينقل للمستشفى في بعض الحالات وهذه نادرة".
موعد ظهور الناموس
قال صافي: " الناموس عادة يتركز في منطقة بيتونيا أي بالقرب من رام الله وبشكل أكبر من غيرها من المناطق وقد يعود ذلك إلى كثرة تراكم النفايات، لاسيما وأن الناموس يشتد حضوره بعد غيابه عن المنطقة و لمدة 3 سنوات، وهذا العام اشتد حضوره أكثر من السنوات الماضية".
أضاف: وهذا ما حدث هذا العام، عام 2018 هي الأشد انتشاراً للناموس، لاسيما وأنه قبل 4 سنوات ماضية انتشر تركيزه وبكثافة في منطقة بيتونيا، حيث كانت قرصة الناموس تسبب ألماً شديداً وتترك أثراً كبير".
قال د. برقاوي: " الناموس يختبء عادة في الأماكن المعتمة والباردة، وخلف السرائر، والستائر، وقد يصعب البحث عنه ".
إذا بحسب ما أوضح الأطباء لـ"الحدث" فإن هذا العام هو الأكثر انتشاراً للناموس رغم الجهود التي تبذلها البلديات في استخدام مبيدات الرش للقضاء أو حتى للتخفيف من انتشار الناموس، غير أن قرصة الناموس هذا العام هي الأشد دون السنوات الماضية، وتترك أثراً قد يدوم لأيام.. ولذا لا تواعد ناموسة!