الحدث ــ محمد بدر
لم يكن يعلم الأسير إياد أبو خضير وهو يواجه الموت لأجل فلسطين في أكثر من موقف وتوقيت، بأنه سيصبح "متسولا لمطالبه" على أبواب المربعات الأمنية لقيادات الشعب الفلسطيني والمتحدثين باسم معاناته ومقاومته، وأن أحدا لن يقبل بلقاءه.
في عام 1969 غادرت عائلة الأسير المحرر إياد أبو خضير الأراضي الفلسطينية متوجها للأدن، استقرت هناك وحصلت على الجنسية الأردنية، لكن إياد الذي سافر مع والده صغيرا، قرر العودة لفلسطين. وفيما بعد، قرر تنفيذ عملية فدائية ضد أهداف إسرائيلية.
يقول أبو خضير للحدث، إنه تأثر كثيرا بمشاهد المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، وقرر تنفيذ عملية انتقامية. اشترى أبو خضير مسدسا على حسابه الخاص، ومن ثم بدأ التخطيط لعملية في إحدى المستوطنات. في 12/4/2005 اعتقلت قوات الاحتلال أبو خضير، وحكمت عليه المحكمة الإسرائيلية بالسجن 8 سنوات.
بعد انقضاء سنوات الاعتقال الـ8، رفضت الأردن استقبال الأسير أبو خضير بحسب الادعاء الإسرائيلي، وظلّ أبو خضير رهن الاعتقال الإسرائيلي سنة إضافية بحجة أن لا مكان يريد استقباله. حينها، كان لا بدّ له من استخدام سلاح الإضراب عن الطعام، ومن ثم عن الماء. ليجد نفسه في وضع صحي خطر، كاد أن ينهي حياته، الأمر الذي دفع الاحتال يستجيب لمطالبه، لكن بشروط.
يضيف أبو خضير: "بسبب مشادة بيني وبين السفير الأردني محمد العبادي، خلال فترة اعتقالي، على أثر انتقاده لما قمت به من عمل نضالي، رفضت الأردن استقبالي، لكن الوضع الآن تغيّر ولا مشكلة في استقبالي.. عرضت عليّ مصلحة السجون الإسرائيلية النفي إما لبلجيكا أو السويد، وأنا صممت على العودة للأردن أو الإبعاد لقطاع غزة.. كنت اعتقد أنني سألقى احتراما كبيرا في القطاع، خاصة وأن كل اعتقادي كان بأن الحاكم هناك تيار مقاوم".
لكن شيئا في نظرة أبو خضير تغيّر، وجد أبو خضير نفسه وحيدا غريبا كما لم يتوقع. واضطرت ابنته مريم لمغادرة مقاعد الجامعة في سنتها الجامعية الأولى. يقول أبو خضير: "أنا هنا غريب، لا أقارب ولا معارف، وازدادت غربتي مع تفاقم معاناتي بدون اهتمام القائمين هنا على أمور الناس.. أصبحت أخجل من طلب المعونة من الناس.. كأسير من قانونا يجب أن أتقاضى راتب، لكن عدم وجود أوراق ثبوتية بحوزتي منعت من ذلك، طالبت بمنحي الهوية الفلسطينية ولا أحد تمثّل أو اهتم لطلبي، طالبت بوثيقة جواز سفر لأغادر القطاع إلى الأردن، أيضا لم يكترث لمطلبي أحد.. هل أنا زائدٌ في هذا المكان؟".
ويتابع الأسير المحرر أبو خضير: "توجهت لمكتب إسماعيل هنية.. المكتب يقع في مربع أمني خاص وحراسات وكاميرات ولا تستطيع الوصول إليه بسهولة. خرج إلي مدير مكتبه وقال لي: اذهب لبيته، لن يقابلك هنا.. ذهبت لبيته والذي أيضا يقع في مربع أمني، فرفضوا إدخالي عنده، وقالوا لي: اذهب لمكتبه. أصبحت أدور في حلقة مفرغة بين بيته ومكتبه.. في النهاية لم يلتقي بي".
بعد أن ضاقت السبل بالأسير إياد أبو خضير، ولعدم تمكنه من لقاء إسماعيل هنية، قرر فتح خيمة اعتصام علّها توصل صوته لمن يرفض مقابلته. ويؤكد أبو خضير أن الداخلية رفضت منحه خيمة اعتصام، وذلك بحجة وجود الكثير من خيم الاعتصام في قطاع غزة.
حاول الأسير أبو خضير لقاء القيادي في حركة حماس محمود الزهار، وعن هذه المحاولة يقول: " ذهبت لبيت الزهار، وأيضا اصطدمت بوجود مربع أمني، وتحدّث معي الحراس. قلت أنني احتاجه في موضوع خطير، فردّ عليّ أحدهم بالقول إنه لا شيء أخطر من الاحتلال، فقلت له من جاء بي لغزة منفيا هو الاحتلال، ومن جاء بي إليكم مطالبا بالحد الأدنى من حقوقي هو الاحتلال".
ويؤكد أبو خضير أنه حاول لقاء القيادي في حماس وعضو المجلس التشريعي أحمد بحر، ويضيف: "كما هو حال الآخرين، على حدود المربع الأمني جاءني مدير مكتبه وابنه، وحددوا لي موعدا لمقابلته. ذهبت في الموعد المحدد، وبعد انتظار 3 ساعات، قال لي أحد ضباط الحراسات: على بلاطة ما بده يقابلك".
على مداخل المربعات الأمنية، تبدأ وتنتهي قصة أسير لا يحمل أي أوراق ثبوتية سوى ورقة إبعاده للمكان الذي كان يتخيل له أنه سيحتضنه بعد رحلة نضال وأسر. حاولنا أكثر من مرة الاتصال بالقيادي في حماس محمود الزهار لكن محاولاتنا لم تنجح. توجهنا للدكتور أحمد بحر، وتحدث إلينا مدير مكتبه رافضا التعليق على القضية، مؤكدا لنا بأن القيادي بحر مشغول ولا يستطيع الرد على استفساراتنا، وطلب منا التوجه للمجلس التشريعي.