الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

توابع.. لست امرأة من ورق/ بقلم: صالح جبار خلفاوي - العراق

2018-10-12 08:47:22 AM
توابع.. لست امرأة من ورق/ بقلم: صالح جبار خلفاوي - العراق
مية الكفري

 

في روايتها الأولى الصادرة عن دار طباق للنشر والتوزيع – رام الله – فلسطين  وضعت الروائية الفلسطينية ميّه شلبي كفري في المقدمة قول عمر الخيام:

الحياة أشبه بالحريق.. لهيب ينساه العابر.. ورماد تذروه الرياح .. وإنسان كان قد عاش.

بهذه الكلمات اختصرت الكاتبة فلسفتها الخاصة في الحياة.. العتبة النصية للعنوان لست امرأة من ورق – جملة تحمل صيغة التحدي.

(فالحياة نهر جارف يسحب بين أمواجه الأخضر واليابس وكأنه يجرف مصاعبها ليجعلني أبدأ من جديد).

تخوض في غمار معترك بريق وعتمة الحياة لا تستسلم (الأيام تمر وأنا الهث وراء فجر آت .. من بعيد آت.. فالحياة ليست آمنة.. وقلبي حجراته مزدحمة بأنات وآهات.. تتداخل محدثة ما يسمى حياة) ص15 تصنع من الانتظار عالما متحفزا لأجل البقاء.

في فضاءاتها السرمدية تختلف عندها الأمكنة (كفاك سخرية.. كفاك تبثين سمومك في روحي الهائمة.. مكانك لم يعد مكاني.. مكاني بين فضاءات سرمدية.. تدغدغ روحي.. بحثا عمن أضاعها سنين طويلة ) ص17 اختيار المكان التزام أخلاقي عن وضعية معينة.. يصل الاعتداد عند البطلة اعتزازها باسمها:

(أحاول بلطف تصحيح اسمي.. أعتز بمعناه وبأصالته العربية)، الاسم هوية وعنوان لحامله إنه نقش يبقى مدى الحياة عصي على المحو.

(الكل يركض دون هدف وأنا أمشي بخطى ثابتة إلى مدرستي لإتمام جداول العلامات لمعلمتي التي وثقت بي وحملتني مسؤولية إنهاء الجداول.. أرى الدهشة في عيون الناس.. وفي الطرقات.. ولكني لا أعرف سببا فقد تعودت نظراتهم تلك.. أصل  للمدرسة لأعلم أن الحرب بدأت..).

الحرب هي المفصل الذي يغيير الوجود نحو الأسوأ.. يقتل الطموح ويذري الأحلام في سماء العبث والتوقف عن ممارسة التنفس.

(استدعتني مديرتي لتبلغني: أن سلطات الاحتلال تشير إلى اسمك تحديدا لمشاركتك فعاليات النضال والاعتصام.. ولتشجعيك الطالبات عليها..)، تأخذ الأمور منحى آخر، لابد من التشبث بالحق والإصرار عليه تصبح على المحك.

جعلتها الأمور  تواجه خيار الرحيل عن الوطن.. لكن التمسك بالتراب هي القضية التي تخلص لها باستمرار.

كتبت الرواية بضمير الأنا، أبدعت ميه شلبي في نقل تفاصيل جزئيات الحياة بدقة بأسلوب سردي شاعري وبحس مرهف متمكن، وضعت خطوطها الراسخة بدرب السرد القصصي لتقول لنا بصوت مسموع – أنا هنا بينكم أكتب وأتنفس الأمل لغد أفضل، وشمس فلسطين لا يحجبها غربال وعيني على الدرب انتظر الرايات يعلو معها صوت الهتاف.