الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"حقُّ النَّقض الأمريكي – الفيتو – أمْ الإصرار على نقض الحق الفلسطيني؟! ". بقلم: رائد دحبور.

2014-12-19 07:46:29 AM
صورة ارشيفية
يعني حقُّ النّقض – الفيتو – بالَّلاتينيَّة حق الإعتراض؛ أو بمعنى - أنا لا أوافق – أو حتَّى بالمعنى الأدق: حقُّ إجهاض اتِّخاذ القرار.

تمَّ الإتِّفاق على إعطاء هذا الحق للدُّولِ الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن منذ إنشاء منظمة الأمم المتحدة في عام 1946م في أعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية؛ وتذكر المصادر أنَّ هذا الحق أُعطيَ لتلك الدُّول لتشجيعها على الإنضمام الى المنظمة الدَّوليَّة؛ بما يُعطيها ويكفلُ لها امتيازاتٍ إضافية تضمنُ لها حقَّاً إستثنائيَّاً في تحقيق وصوْن مصالحها؛ بعيداً عن الإعتبارات الدِّيمقراطيَّة الَّتي من المفترض أنْ تكفل التَّساوي في الوزن النِّسبي لأصوات الأعضاء الدَّوريين مع أصوات الأعضاء الدَّائمين في مجلس الأمن والبالغ عددهم خمسة أعضاء من أصل خمسة عشر عضواً. لقد تقرَّرَ بأن يتكوَّن مجلس الأمن من خمسة عشر عضواً منهم عشرة يتم دخولهم الى المجلس بشكلٍ دوري من الدُّول الأعضاء في الجمعية العامَّة للامم المتَّحدة؛ ومنهم خمسة أعضاء دائمين هم كلٌّ من : المملكة المتَّحدة – إنجلترا – وفرنسا والولايات المتَّحدة الأمريكيَّة وروسيا والصِّين؛ ومُنِحَ هؤلاء الأعضاء الخمسة الدَّائمون حق الإعتراض على صدور أيَّ قرار يجري نقاشه أوالتَّصويت عليه داخل المجلس؛ وذلك الحق مكفولٌ لهم دون إبداء أسباب الإعتراض؛ ويشترض نظام التصويت في المجلس أنْ يحصل القرار الْمَنْوي التَّصويت عليه على دعم تسعة أعضاء من أعضاء المجلس؛ سواءً الدَّائمين أو الدَّوريين لكي يُطرح على جدول أعمال المجلس للنقاش تمهيداً للتصويت عليه.

ولكونِ فلسطين ليست عضواً كامل العضوية في الجمعية العامَّة للأمم المتَّحدة حتَّى الآن؛ فإنَّه لا يَسَعُ البعثة الفلسطينيَّة تقديم مقترحات للنقاش داخل المجلس؛ هذا عوِضاً عن عدم إمكانية أنْ تكون عضواً دوريَّاً في المجلس لذات السَّبب الَّذي أشرنا إليه؛ ولكون – الأردن الشَّقيق – هو الآن أحد الأعضاء الدَّوريين في المجلس؛ فقد تمَّ التنسيق بينه وبين الجانب الفلسطيني على أنْ يتم تقديم مقترح وضع حدٍّ زمني لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي للاراضي الفلسطينيَّة؛ بحلول تشرين ثاني عام 2016 على جدول أعمال المجلس للنقاش ولإتِّخاذ القرار المتعلِّق بذلك في دورة المجلس الحاليَّة؛ وها هو الأردن بصدد طرح هذا الامر للنقاش في حال الحصول على دعم تسعة أعضاء داخل المجلس لأجل مناقشة هذا القرار العربي؛ وهو يسعى مع الجانب الفلسطيني والأطراف العربيَّة للحصول على هذا الدَّعم من أعضاء مجلس الأمن؛ بحيث يتم توفير دعم تسعة أصوات من أعضاء المجلس الحاليين لتوفير حق نقاش مسألة وضع حدٍّ زمني لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي لأراضي الضِّفة الغربيَّة وقطاع غزَّة والقدس الشَّرقيَّة؛ من خلال التَّصويت على قرارٍ دولي مُلزِم.

في مقابل المقترح العربي؛ هناك مقترحٌ فرنسيٌّ بأنَّ يتم نقاش مسألة وضع جدولٍ زمني لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي داخل مجلس الأمن؛ ويستند القرار الفرنسي الى رؤيةٍ فرنسيَّة وأوروبيَّة؛ تلتزم إسرائيل من خلالها بإنهاء احتلالها على أساس حدود الرَّابع من حزيران عام 1967 مع إمكانيَّة تبادل الأراضي في الضِّفة الغربيَّة عبر التَّفاوض المباشر؛ في فترةٍ زمنيَّة محدَّدة؛ ويحظى المقترح الفرنسي بدعم دول الإتِّحاد الأوروبي.

إزاء كلّ ذلك تتحرَّك الدُّبلوماسيَّة الأمريكيَّة بقيادة وزير الخارجية الأمريكي – جون كيري - في سبيل إقناع الجميع بتجنُّب طرح الموضوع للنقاش داخل المجلس؛ تحت العنوان التقليدي الَّذي درجت الدُّبلوماسيَّة الأمريكيَّة على استخدامه منذ تاريخ صدور القرار 242؛ هذا العنوان هو: أنَّ مجلس الأمن ليس هو المكان المناسب لنقاش القضيَّة الفلسطينيَّة؛ وعلى هذه القاعدة ومنذ ذلك القرار – أيْ 242 - الَّذي لم يتم تنفيذه حتَّى الان؛ قامت الولايات المتَّحدة باستخدام حقها في النَّقض داخل مجلس الأمن عشرات المرَّات لإجهاض أيَّ قرار يتعلَّق بإلزام إسرائيل بإنهاءِ احتلالها للأراضي الفلسطينيَّة والعربيَّة.

في أكثر من مرَّة سعت الولايات المتَّحدة لتجنُّب طرح مشاريع قرارات داخل المجلس – تتعلَّق بالقضية الفلسطينيَّة – من باب أنْ تُعفي نفسها؛ وبشكلٍ إستعراضي فحسب؛ من تكرار استخدام حقِّ النَّقض حفاظاً على صورتها ونزولاً عند ضرورات سياساتها التكتيكيَّة؛ وخدمةً لمصالحها الإستراتيجيَّة لدى الأطراف العربيَّة؛ وفي سبيل أنْ تتجنَّب سلوك ذات الْلَّازمة في الدُّبلوماسيَّة الأمريكيَّة تجاه الصراع العربي الإسرائلي داخل المؤسَّسات الدَّوليَّة؛ وداخل أروقة مجلس الأمن تحديداً؛ هذه اللَّازمة هي: الدَّعم المطلق لإسرائيل وحمايتها وحماية احتلالها من خلال ما يُعرف بحقِّ النَّقض- وهو بالمناسبة حقُّ الإجهاض – لأيِّ توجِّهٍ دولي من أجلِ نقاش مسألة إنهاء الإحتلال الإسرائيلي بشكلٍ جاد؛ أو إلزام إسرائيل بأيِّ جداول زمنيَّة لإنهاء احتلالها !!.

على ذات هذه القاعدة إذّنْ؛ تتحرَّك الآن الدبلوماسيَّة الأمريكيَّة بشكلٍ محمومٍ؛ تجنَّباً لما ليسَ منه بدٌّ في النِّهاية – من وجهة نظرها بطبيعة الحال – هذا الَّذي ليس منه بدٌّ في النِّهاية هو الإضطرار مرَّةً أخرى وفي سياق سلسلة عشرات المرَّات السَّابقة لاستخدام حقِّها الدَّولي كقوَّةٍ كبرى؛ أو بالأحرى باطلها الحصري حقِّ الفيتو – في محاولتها الدَّائمة لإجهاضِ الحق الفلسطيني !!.