ترجمة الحدث- ريم أبو لبن
97% من مياه قطاع غزة غير صالحة للشرب بحسب المعايير الدولية، غير أن نسبة الوفيات من الأطفال بفعل تلوث المياه قد وصلت لأكثر من 12 %، حيث أصيبوا باضطرابات معوية، كما أن 33% من متوسط دخل العزيين تُدخر في شراء الماء، وفي العالم الغربي تصل النسبة لـ 0.7%. وهذا بحسب دراسة أجراها المركز الأمريكي (راند) للسياسة العامة في الشرق الأوسط.
وعليه فإن ثلث الأجور الشهرية للغزيين تذهب لشراء المياه، وبما أن البطالة قد تجاوزت 57% في غزة فإن العديد من السكان أصبحوا لا يستطيعون إنفاق مثل هذا المبلغ في توفير المياه، حيث يمكن لعدد قليل من الأغنياء شراء المياه المعدنية المعبأة في زجاجات، بينما معظم سكان القطاع ينتظرون تشغيل "صنابير" المياه ليوم واحد في الأسبوع ولبضع ساعات فقط.
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نشرت على موقعها عددا من الأرقام والتحليلات تدلل على تلوث المياه في قطاع غزة وانتشار وباء (الكوليرا)، وعليه فإن 90% من السكان يلجأون لشرب المياه بتقنيات خاصة، وذلك كون المنشآت الكبيرة قد تضررت بفعل الهجمات الإسرائيلية المتتالية على قطاع غزة، كما أن مياه الصرف الصحي تتدفق من غزة نحو إسرائيل ومصر بشكل يومي.
وقد وصف الباحثون ما يحل بقطاع غزة على أنه "كارثة إنسانية"، غير أن البعض يرجح بأن ما وصف بـ"الوباء" هو عارض مؤقت وستتحسن الظروف بعد مدة من الزمن.
ويقدر الباحثون أنه في غضون عامين، حتى المصادر المعزولة للمياه المستخدمة اليوم في غزة ستتوقف عن العمل في وبدون صيانة.
ويذكر أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" قبل إعلان الرئيس الأمريكي ترامب بقطع المساعدات قامت بتحصين 1.3 مليون من سكان غزة، بجانب الزيارات الدورية التي يقوم بها الأطباء في المنطقة.
ومن جانب آخر، فإن تلوث المياه في القطاع قد شكل أحد الأسباب الأساسية في زيادة نسبة الوفيات بين الأطفال، لا سيما وأن أكثر من ربع الأمراض التي تتغلغل بأجساد الغزيين كانت بفعل تلوث المياه، غير أن غزة غير قادرة على توفير ما يكفي من المياه لسد احتياجات مليوني نسمة.
ولإيضاح سبب ازدياد الوفيات من الأطفال بفعل تلوث المياه؛ فإن المدارس تفتقر للمرافق الصحية، لاسيما وأن مرحاضاَ واحداً يستخدمه 75 تلميداَ، بينما 80 طالباً يتسابقون لغسل أيديهم في مغسلة واحدة، ومن اللافت أن معظم المياه المستخدمة تلك هي أما معاد تدويرها أو من الخزان.
ولذا فإن وجود الأطفال في ظروف صحية سيئة كهذه يعرضهم لخطر الإصابة بأمراض تطال الجهاز الهضمي لديهم، لاسيما وأنه يتم تنظيف المدارس والمباني العامة والمستشفيات فقط عند الضرورة وذلك من باب الحفاظ على المياه.
كما أن انهيار البنية التحتية للمياه في قطاع غزة أدى إلى انتشار الفيروسات والجراثيم بشكل أسرع ومن بين تلك الفيروسات (الروتا، والكوليرا، والسالمونيلا).
البنية التحتية لمياه الصرف الصحي والمياه والكهرباء قد تضررت بشكل كبير أثناء الحروب المستمرة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي لاسيما في عام 2014، والآن بالكاد تتواجد المنشآت المعالجة لمياه الصرف الصحي لتنقية المياه قبل تدفقها في البحر أو استخدامها للري.
كما عمد سكان غزة على تجميع المياه بشكل مستقل أي بداخل (براميل أو مصارف) من أجل تصريف مياه الصرف الصحي من منازلهم إلى الشارع.
وتؤكد الدراسة أن كمية مياه الصرف الصحي التي تتدفق يومياً من غزة إلى البحر باتجاه "إسرائيل" ومصر تعادل 43 بركة سباحة أولمبية. وهذا يدلل على سبب منع سكان غزة من دخول البحر.
كما أن مياه الصرف الصحي في غزة تؤثر فعلياً على "إسرائيل"، حيث تم تشخيص الفيروسات التي تم تتبعها في غزة وفي إسرائيل، وتبين أنه وجب على "إسرائيل" و"مصر" التعامل السريع مع الوضع قبل أن تجد المنطقة نفسها في مواجهة أزمة صحية بسبب غزة . بحسب ما جاء في صحيفة "هآرتس".
أزمة المياه في غزة ليست جديدة، فهي بدأت قبل بضع سنوات ماضية، وكانت البداية في الثمانينات حيث عمدت شركة "ميكروت" الإسرائيلية على تزويد الأراضي الفلسطينية بالمياه، ولكن الوضع قد تفاقم منذ أن فرضت حركة "حماس" سيطرتها على غزة وفك الارتباط عام 2005، وحدوث العدوان المتكرر على غزة منذ عدوان "الرصاص المصبوب" في عام 2009، فهذه الظروف مجتمعة ساهمت في تفاقم الوضع وجعله أكثر سوءاً.