v ارتفاع أسعار الشقق يخلق مشاكل اجتماعية ويؤدي إلى عزوف الشباب عن الزواج وتحفز رغباتهم بالهجرة
v مخاطر كبيرة في القطاع العقاري بخروجه من الدورة النقدية للبنوك إلى دورة خارج إطار الرقابة والإشراف
v ظاهرة تقديم الشقق للموردين لها علاقة بالمنافسة ومحاولة الادعاء بأن كل الأمور تسير وفق الأهداف والتطلعات
v إذا توقفت العجلة الاقتصادية للحظات لسبب ما ستكتشف المشكلة وستنفجر مرة واحدة على الكل
الحدث/خاص:
يظهر مشهد القطاع العقاري الإسكاني انخفاضا غير مسبوق في الطلب على الشقق يقابله ارتفاع كبير في العرض، وعلى الرغم من هذا الركود الكبير في تسويق الوحدات السكنية إلا أن ذلك لم يؤثر على أسعارها، ولم يدفع بالمطورين العقاريين إلى تخفيض قيمة أسعار تلك الشقق وإن كان قد يلجأ بعضهم إلى تقديم حوافز وتسهيلات في آلية ومدة تسديد قيمة الشقة الواحدة والتي ترتفع طرديا كلما زادت فترة التسديد، علما بأن مجمل قيمة الأسعار المعروضة لا تتناسب مع متوسط دخل الأسرة أو الرواتب في الأراضي الفلسطينية.
تعقيدات تكلفة الشقق السكنية المرتفعة جدا والتي كلها أدت إلى ركود كبير في تسويق الشقق والمباني السكنية التي لم يتوقف المطورون الفرديون والشركات المساهمة عن الاستمرار في بنائها بالرغم من تدني نسب الطلب، ما دفع بأغلب المطورين إلى تقديم شقق ووحدات سكنية للموردين والمتعهدين بدلا من دفع أجورهم ومستحقاتهم المالية نقدا.
وإذ تبين مؤشرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني المتعلقة بالمساكن حسب المحافظة ونوع السكن لسنة 2017، أن عدد الشقق الخالية في فلسطين 69,000 شقة، منها 46,149 شقة في الضفة الغربية العدد الأكبر منها يوجد في محافظة رام الله والبيرة بواقع 10,116 شقة، بينما كانت في قطاع غزة 22,851 شقة خالية.
فإنها تظهر أن الشقق المأهولة على مستوى الوطن 571,744 شقة منها 315,226 في الضفة الغربية تقع غالبيتها في محافظة الخليل بواقع 62,950 شقة تليها مباشرة القدس ونابلس ومن ثم رام الله والبيرة، و 256,518 شقة في قطاع غزة.
يتلقون شققا بسبب ضعف السيولة النقدية
موردون شركاء للمطورين في بناء مشاريع الإسكان لكن على خسارة
ويجمع الموردون من متعهدي ومقاولي البناء والألمنيوم والحديد والطوب والباطون وتمديدات الأنابيب والمواسير والكهرباء على تلقيهم شققا سكنية من أصحاب مشاريع الإسكان والبنايات والشقق والوحدات السكنية بدلا من أتعابهم ومستحقاتهم المالية التي تبين عدم مقدرة المطور على دفعها نقدا ليقدم شققا لهم لسببين أنه يقوم بتغطية مديونيته لهم والسبب الآخر أنه يتخلص من بعض الشقق ويظهر وكأنه تمكن من بيعها وبذلك قد يشجع على ابتياع شقق في نفس العمارة لآخرين.
وهو ما يؤكده جبريل البرغوثي - مواسرجي: بقوله: (يحدث كثيرا أن يقوم أصحاب مشاريع الإسكان وخاصة الأفراد منهم بتقديم شقق سكنية لموردي الباطون والطوب والألمنيوم والحديد والمواسير والكهرباء بدلا عن مستحقاتهم المالية، وقد يتم ذلك باتفاق مسبق بين الطرفين، وعمل تسوية حسابية بدفع الفارق).
ولكن البرغوثي، يرفض التعامل بهذه الصفقة ولا يعمل إلا بمقابل نقدي، ويتساءل (ماذا سأفعل بالشقة إن عجزت عن بيعها، النتيجة سأبقى أعمل لأسدد ما علي من ديون للعمال وغيرهم، إلا إذا أردت الحصول على شقة مقابل توريد بضاعة لمشروع إسكان، إلا أنه مع هذا الغلاء والكساد الكبير في تسويق الشقق يبقى الأمر صعب القبول به، بينما هناك متعهدون مثل الألمنيوم وغيرهم أرباحهم عالية جدا، لذا نجدهم يقبلون بصفقة الحصول على شقق ويتصرفون ببيعها).
ويقول البرغوثي: (في الغالب يتعاقد المطورون أصحاب مشاريع الإسكانات مع الموردين بتنفيذ أعمالهم مقابل حصولهم على شقق في العمارة، كالنبالي والفارس، وربحي الحجة، عادل المصري، وشومان، ومجدي قنديل صاحب شركة قنديل للباطون الجاهز على سبيل المثال حصل على الكثير من الشقق في إسكانات متعددة ومنتشرة في كافة أرجاء محافظة رام الله والبيرة مقابل توريده الباطون لمشاريع الإسكان، ونفس الأمر ينطبق على علي الخواجا متعهد الألمنيوم والحدادة وجمال كرم صاحب مصنع طوب).
ويوضح البرغوثي: (يتفق المطور مع مالك قطعة الأرض بتقديم الشقق له بدلا من المال النقدي، فيكلف دونم الأرض في حي الطيرة ومنطقة سرية رام الله مليون دولار، يبني عليه عمارتان يقدم منها لمالك الأرض 10 شقق، ونفس الاتفاق يتم إبرامه مع مقاول البناء المتر بـ (90– 120) شيكل مسطح العمارة كل طابق 800 متر ضرب 10 طوابق، يقدمون له شقة وما يتبقى يدفع له نقدا).
لكن البرغوثي، يؤكد أن البيع أو تصريف الشقق متوقف، وهناك كساد في بيع الشقق وتشهد الحركة حالة ركود شديدة لضعف السيولة وارتفاع الأسعار 1000 دولار للمتر في أسوأ المواقع، لذلك نجد أغلب الشقق فارغة في رام الله التي تقدر فيها الشقق الفارغة بأكثر من 20 ألف شقة، والطلب عليها غير موجود.
وما يقوله جمال كرم - صاحب معمل طوب، يثبت صحة أقوال البرغوثي حينما قال: (حصلت على 12 شقة مقابل مستحقاتي المالية على المطورين أصحاب مشاريع الإسكان في ضاحية الريحان، تمكنت من بيع معظمها ولكن بقيت لدي 3 شقق).
ولكن كرم، يرى أن المشكلة تتركز أكثر مع المطورين الجدد الذين يبنون مشاريعهم على حساب الناس ويقدمون على شراء قطعة أرض، وبعد إنجاز البناء يقومون ببيع عدد من الشقق للموردين والمتعهدين بـ 150 ألف دولار وينشغلون بعملية بيع شققهم التي قد تستغرق حوالي سنتين، وبهذه العملية من المحتمل أن يخسر المتعهد ويكشف حسابه البنكي، ما يجبره على بيع شقته بأقل من تكلفتها عليه من 130 -120 ألف دولار، وبالمقابل باع المطور كل شققه وحصل على أمواله وهكذا دواليك، ومن هنا يتكبد الموردون خسائر جمة بأسعار الشقق التي حصلوا عليها مقابل مستحقاتهم المالية النقدية.
ويقر كرم، بما يتكبده من خسائر مالية في عملية بيع الشقق التي حصل عليها بدلا من توريده الطوب لمشاريع الإسكان لأضرار بيعها بأقل من ما احتسبت عليه، وبالتالي فإنه يقول (فوق الخسارة أتعرض لخسائر إضافية من أجل الخلاص من البنوك وفوائدها، ما جعلنا نرفض حاليا العمل بهذه الطريقة).
ويوافق علي الخواجا – صاحب مشغل المنيوم وحديد، غيره من الموردين الآخرين فيقول: (نحصل بدل أعمالنا على شقق وشيكات بلا رصيد [[وخليها ع الله]]، لغاية الآن تقريبا حصلت على 20 شقة في كل مواقع رام الله من 12 مطورا، الطيرة، الماصيون، عين منجد، كفر عقب، سطح مرحبا، في الطيرة والإرسال، أينما توجد إسكانات للمقاولين الذين نعمل معهم نحصل على شقق ونضطر بيعها بنسبة 2% نقدي والباقي شيكات يتبين عند استحقاقها أنها بلا رصيد).
ولا يستبعد الخواجا، أن يمتلك المطورون سيولة نقدية، لكنهم كما يقول (لا يفضلون دفعها للمتعهد ويستسهلون بدلا من ذلك عملية مقايضتنا بشقة تتراوح أسعارها من (120 -220 ألف دولار) حسب المساحة والموقع، بنفس القيمة التي يحتسبونها لأي زبون إن لم تكن أكثر، وعندما أتمكن من بيعها لا أحقق ربحا وإنما من أجل ضمان استمرار عملنا، ولتسديد مديونيتنا التي تقدر بنحو 500 ألف شيكل باستمرار).
ويؤكد المهندس مازن مرعي من قراوة بني حسان/ سلفيت _ مدير ومالك شركة سيراميكس للباطون، على كل ما جاء على ألسنة الموردين الآخرين، ويرى أن أسباب العرض أكثر من الطلب معروفة لقلة السيولة النقدية، مثلا فإن سعر الكوب الواحد من الباطون على النقدي أقل بكثير من سعره على الشيكات المؤجلة، وكلما زادت الفترة الزمنية كلما ارتفع السعر، ومع ذلك فإن الزبون يفضلها على الدفع النقدي وعندما يأتي تاريخ استحقاقها يتبين أنها بلا رصيد، وعند حصر البيع بالنقدي تجد نسبة العرض على الطلب أكبر بكثير من الموجود، وأعرف بعض المطورين عرضوا عمارتهم بالكامل للبيع لأنهم فشلوا في بيع شققها، ولقلة الطلب على العرض نجد بعض المطورين يعلنون عن مخطط مشروع إسكانهم وإتاحة إمكانية بيع شققه بالتقسيط بتقديم دفعة نقدية وتقسيط الباقي على 6 سنوات ويستلم الشقة بعد سنة.
المطورون: تباين في المؤشرات وعشوائية في مشاريع الإسكان
طعن بصحة بيانات الإحصاء ونفي زيادة حجم العرض على الطلب في الشقق السكنية
ولكن المدير التنفيذي لشركة النبالي والفارس للعقارات نائب رئيس اتحاد المطورين الفلسطينيين المهندس خالد الفارس، يشكك بل يطعن بصحة المؤشرات الإحصائية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء، ويتوقع أن حاجة المجتمع الفلسطيني للشقق تتراوح ما بين( 35 – 40 ألف) شقة سنويا في الضفة الغربية، بينما عدد المتوفر منها حاليا على المستوى الوطني أقل من 3000 شقة، ويرى أنها تتناسب مع نسبة النمو السكاني، مؤكدا عدم توفر إحصائيات دقيقة تضبط هذا الرقم لأنه متغير بشكل يومي ولكنه يعتبره ضمن المعدل الطبيعي.
وينفي الفارس، وجود زيادة في الشقق، وإن وجدت فهي في بعض أنواع الشقق ذات المساحات الكبيرة، كما ونفى وجود عرض أكثر من الطلب على الشقق السكنية، وقال (الشقق التي تستهدف الطبقة المتوسطة لا زال عليها الطلب بشكل مرتفع، ويعتمد الأمر على المنطقة والمدينة. فالقطاع العقاري متنوع فهناك الشقق الفاخرة والكبيرة يمكن أن يكون عليها العرض أكثر من الطلب ولكن هناك نوعيات شقق أخرى "الصغيرة" التي تستهدف الأزواج الشابة فإن معادلاتها حاليا عليها طلب كبير.
ارتفاع أسعار العقارات، مرتبط بارتفاع أسعار الأراضي وتكاليف البناء
ويؤكد الفارس أن أسعار الشقق ليست في متناول الجميع، فلدينا الشقق الصغيرة جدا في ضاحية الريحان سعرها 50 ألف دولار، بينما هناك شقق طابقية في ضاحية الطيرة بـ 350 ألف دولار ومساحتها 300 – 350 مترا مربعا، فالتباين في أسعار الشقق هائل وكبير يعتمد على مساحة الشقة ومكانها في البناية وموقعها وسعر الأرض فكلما ارتفع سعرها سينعكس على سعر الشقة.
وقال: (ارتفاع أسعار العقارات، مرتبط بالدرجة الأولى بارتفاع أسعار الأراضي وتكاليف البناء، وارتفعت الأسعار بسبب زيادة الطلب على الأرض، ولا دخل للمطورين العقاريين بها ولا يتحملون المسؤولية في ذلك. فارتفاع أسعار الأراضي يضع عبئا تسويقيا علينا كما هو عبء على المواطن، وانخفاضها يعني تقليل تكاليف البناء علينا، وزيادة في مبيعاتنا، ومن جانب آخر يلبي حاجة المواطن في تملك عقار بسعر أقل).
ويؤكد الفارس، أن الأسعار لا تختلف بين المستثمر الشخصي العادي وأسعار المطور العقاري الكبير، بل بالعكس فإن المطور العقاري الكبير لديه القدرة على تقديم تسهيلات أكبر، وبالتالي فالمسألة متعلقة بشكل كبير بارتفاع تكاليف البناء بالدرجة الأولى، لأنه لا يوجد أي تباين بين المطورين العقاريين وبين الأفراد الذين ليس لديهم سوى قطعة أرض واحدة.
الاستثمار العقاري غير آمن
ويقول الفارس، (سوق العقار هو سوق مفتوح يدخله كل من يمتلك قطعة أرض، وينفي وجود احتكار فيه، فكل من يمتلك قطعة أرض ومبلغ معين يستطيع أن يبني وحدة عقارية أو عمارة)، لكنه يعتبر الانتقال من بناء مشروع إلى آخر دون تسويق الأول، بمثابة خلل اقتصادي، ولم ينف وجوده لقلة الآفاق وضيق المجالات الاستثمارية في القطاعات الأخرى.
ونفى الفارس، ما يقال أن الاستثمار العقاري آمن، فنحن نضخ أحيانا عشرات الملايين من الدولارات في السوق، وفي حال عدم وجود مشترين، فنحن ندفع ثمنا كبيرا ربما لو وضعناها في استثمارات خارج الوطن لجنينا أضعاف ما نجنيه اليوم.
فائدة مركبة في مقايضة الموردين بالشقق
ويرى الفارس، أن عرض المطور على المورد يأتي بهدف تخفيف السيولة التي يريد دفعها، وأحيانا تكون مصلحة متبادلة وهذا الواقع في نظره غير صحي وليس بالحضاري، ولكن يلجأ له معظم المطورون العقاريون لقلة السيولة على مبدأ بيعه شقة إلى جانب تسويق ما قام بعمله، فالفائدة تكون مركبة.
ويقر الفارس، أقدامهم في شركة النبالي والفارس للعقارات على مثل هذه العملية أحيانا مع بعض الموردين الذين يحتاجون إلى شقق لأبنائهم، ولكنه ينفي أن تكون مثل هذه المنفعة التبادلية شرطا في تعاملاتهم مع الموردين فهي عرض وطلب وموافقة من الطرفين، وقد تكون العملية في مصلحة المطور باحتساب الشقة عليه بـ 130 ألف دولار ويمكن أن يبيعها بـ 140 ألف دولار، وذكر أن عدد الشقق التي قدموها للموردين قليلة لا تتجاوز 10 شقق من بين 250 – 300 شقة سنويا بمعدل سعر 130 – 170 ألف دولار يباع منها 90% في نفس السنة، مبينا أن شركتهم تمكنت منذ تأسيسها من إنشاء 100 مشروع عقاري على مدى العقدين بمعدل 2100 وحدة سكنية.
آفاق توجه المطورون للأرياف للتطوير العقاري
ويرى الفارس، أن توجه المطورين للأرياف للتطوير العقاري، يحتاج دعما وتعويضا من الحكومة، لأنك تطلب من المستثمر أن يترك المناطق النشطة اقتصاديا والاستثمار في مناطق غير نشطة، وبالتالي إذا لم تدعم الحكومة القطاع الخاص في هذا التوجه، فأنت بهذه الطريقة لن تشجع المستثمرين العقاريين لتوفير مساكن بأسعار أقل.
وطالب بوضع خطط مشتركة بالتفاهم بين القطاع الخاص الفلسطيني والحكومة لرسم سياسات تنظم القطاع، وتوفر شقق بأسعار مرضية للطرفين بما لا يهضم حق المستثمر ولا المواطن، وعلى الحكومة أن تعيد النظر في الضرائب الكبيرة المفروضة على مواد البناء من حديد، وحجر.. إلخ والتي تتسبب في زيادة تكاليف البناء وبالتالي أسعار الشقق.
حاجة مستمرة للمزيد من الشقق لتغطية احتياجات الأزواج الشابة
ويتفق بشكل أو بآخر م. محمد شومان _ رئيس مجلس إدارة مجموعة الفلاح للهندسة والإعمار، مع الفارس بأن المجتمع الفلسطيني فتيّ ومعدل النمو السكاني فيه مرتفع مما يخلق بالضرورة حاجة مستمرة إلى مزيد من الشقق لتغطية احتياجات الأزواج الشابة والأسر الجديدة، ويأسف لعدم توفر إحصائيات دقيقة لذلك والتي تقدر حسب مصادر مختلفة بالآلاف سنويا.
لكنه في الوقت نفسه يقول (صحيح أن هناك عرضا أكثر من الطلب خاصة في مدينتي رام الله والبيرة ولكن ليس بسبب انتفاء الحاجة للشقق في المجتمع، وإنما بسبب عدم ملائمة إمكانيات المواطنين بشكل عام لأسعار الشقق المرتفعة بسبب ارتفاع أسعار الأراضي وكذلك طريقة الدفع المطلوبة لتسديد ثمن الشقق مما ينتج عنه عدم إقدام المواطن على شراء شقة. وسبب ارتفاع الأسعار ما تم ذكره سابقا، ولكن السبب الأساس هو انخفاض الدخل للمواطنين ولا أدل على ذلك من معدل دخل الفرد في فلسطين والذي يبلغ (1400) سنويا، والحد الأدنى للأجور والذي يبلغ (1450) شيكلا.
ويتيبن أنه لا يوجد هناك أي توافق على عدد الشقق الفارغة على الأقل في مدينة رام الله إذ أن شومان وبحسب مصادر اتحاد المطورين الفلسطينيين في القطاع العقاري فإن عدد الشقق الفارغة في مدينة رام الله وحدها هو (2000 شقة) وليس أكثر بخلاف بعض التقارير والتصريحات والبيانات التي أشارت إلى أرقام أكثر من ذلك بكثير.
تجنبا لخروجهم من السوق وعلى أمل تحسنه وحدوث طفرة
أما عن إقدام الكثير من المقاولين أو الشركات على بناء العديد من الأبراج والعمارات قبل بيع وتسويق شققها فقال شومان: (هناك فئة من المقاولين والشركات الذين يستثمرون بالبناء تجنبا لخروجهم من السوق وعلى أمل تحسنه وحدوث طفرة تمكنهم من تسويق ما لديهم، والفئة الأخرى التي لديها ارتباطات وتسهيلات بنكية، فإن واقع الحال يضطرها إلى الاستمرار في عملية البناء لهذا السبب، في حين يلجأ الكثير من المطورين بسبب عدم توفر السيولة الكافية وعدم القدرة على الشراء النقدي من قبل المواطنين وحاجة المقاول والمورد في نفس الوقت للاستمرار في السوق وتشغيل أنفسهم بانتظار حدوث تغيير في السوق، جميعهم يتوافقون على هذا الإجراء بتقديم الشقق للموردين بدلا من المستحقات النقدية.
نسب النمو في الشقق تتناسب مع نسب النمو السكاني
في حين يرى سمير حليلة _ رجل أعمال وخبير اقتصادي، أن نسبة النمو السكاني 2,5% - 3% هي على الأغلب نسب النمو في الشقق، ولكن عند الحديث عن الأزواج يقول حليلة (النسبة تنخفض إلى النصف ما يعني أن الزيادة في الشقق بالكاد تصل ما بين 1% -1,5%، وحسب الإحصاء المركزي فإن هناك زيادة كبيرة ما زالت عندنا بالنسبة للشقق المملوكة، يعني حجم التملك للشقق، وحسب (الإحصاء) تشير إلى زيادة مضطردة في آخر 3 سنوات للشقق المستأجرة من 81% - 86% فهناك زيادة في عدد الذين يمتلكون شققا مقارنة بالمستأجرين.
غياب المؤشر الرقمي أحدث أزمة في حجم العرض والطلب
ويؤكد حليلة، عجز أي مؤسسة أو جهة عن تقدير حجم الطلب أو نوعيته، فالمشكلة ليس بحجمه وإنما بأسعاره والمساحات المطلوبة للأزواج الشابة أو للأسر الكبيرة، وعليه لا يوجد أي معطيات رقمية من أي جهة حكومية أو غيرها لتساعد المطورين والمستثمرين لأي اتجاه يستثمرون أموالهم في التطوير العقاري، هذا ما خلق أزمة ما بين حجم العرض والطلب، وهو ما تم تأكيده في مشروع حي الجنان في جنين لصندوق الاستثمار وروابي والمشاريع الإسكانية الكبيرة التي تمت في مناطق مختلفة.
ولا يختلف حليلة مع المطورين، على أن الاستثمار في الشقق ليس مبنيا على دراسة حجم الطلب في السوق وإنما باريحية الاستثمار فيها لأنه لا يتطلب اهتمامه إلا لفترة البناء القصيرة والأهم من ذلك لأنه آمن ليبدأ فيما بعد بجمع الاجارات لسنوات طويلة، بعكس كل أنواع الاستثمارات الأخرى.
فوضى وعشوائية الاستثمار في قطاع الإسكان
وان كان يرفض حليلة أن يصف الاستثمار في قطاع الإسكان بالفوضى، لكنه يرى أنه عشوائي ويعتمد على قرار شخصي للمستثمر وأحيانا للشركة دون دراسة حقيقية واقعية تفصيلية لحجم السوق واحتياجاته في ظل غياب إطار منظم قادر على أن يقدم المعلومة الصحيحة ويوجه عجلة الاستثمار في هذا القطاع بما يتناسب مع حاجة الناس وإمكانياتهم المالية.
مخاطر خروج القطاع العقاري من الدورة النقدية للبنوك
وبتقدير حليلة، فإن القطاع العقاري دخل في مرحلة الخطر منذ حوالي 4 سنوات على الأقل، ويقول: (دليل الخطر كمراقب هو خروج المطورين عن قنوات التمويل الطبيعية وهي البنوك منذ 4 سنوات، فعلى الأقل فإن المطور أصبح هو نفسه الممول للمشتري بشيكات طويلة الأجل تمتد حتى 11 سنة، ما يترك علامة استفهام كبيرة على قدرة شخص أو شركة في تمويل أقراض طويلة بهذا الحجم مثل أقراض البنوك برأس مال كبير ونتحدث هنا عن مئات الشقق، وفي نفس الوقت توافقت مع هذا الموضوع جزء من الشركات المنفذة أو العمال الفنيين أو الموردين يأخذون بدل أتعابهم شققا هم من يقومون ببيعها).
ويعتبر حليلة، هاتين الظاهرتين مؤشرات على أن المطور لم يعد يجد في القطاع المصرفي حلا لمشكلته، لأن عليه ضوابط أكثر ما أدى إلى تجاوز المطورين القطاع المصرفي في محاولة لحل مشكلة تمويل مشاريعهم دون ضبطهم أو مراقبتهم بشكل كاف من قبل الجهات ذات العلاقة سواء سلطة النقد أو هيئة سوق رأس المال، فلا توجد رقابة على حجم المشكلة ولا على قدرة المؤسسات التمويلية للمشاريع بشيكات خاصة تكتشف فيما بعد أنها بدون رصيد.
وأضاف حليلة (ففي أي ضربة اقتصادية أو تراجع اقتصادي سيكون على الشيكات المتداولة في السوق لدى هذه الشركات علامات استفهام، وكيف ستكون حينها قدرة هذه الشركات والمطورين على تغطية حالها إذا كان حجم القطاع وتأثيره كبيرا جدا. لذا توجد مخاطر كبيرة ملامحها واضحة الآن في القطاع العقاري بخروجه من الدورة النقدية للبنوك إلى دورة خارج إطار الرقابة والإشراف).
ويرى حليلة، ظاهرة تقديم الشقق للموردين لها علاقة بالمنافسة ومحاولة الظهور بأن لديهم مشاريع هنا وهناك والادعاء بأن كل الأمور تسير وفق الأهداف والتطلعات وحركة شراء نشطة، والسؤال ما هو حجم الضغط المالي الموجود على المطور الذي دفعه للبناء؟ فإن باع الشقق لحرفيين فمعناه أنه شارك في تكلفة المشروع مع الموردين، ولكن إذا توقفت العجلة الاقتصادية للحظات لسبب من الأسباب ستكتشف المشكلة وستنفجر مرة واحدة على الكل، فلا يعقل كشركات أن يتم تجميد مبالغ هائلة لمدة سنة وسنتين غير الفوائد المترتبة على ذلك، إن وقعت أزمة اقتصادية ما، لذلك فإن الضوابط متروكة "سبهللة" لشعور الناس أكثر ومنافساتهم ونوازعهم وحبهم في تملكهم بناية أو أكثر.
وللخروج من المخاطر وتداعياتها فإن حليلة، طالب بتفعيل إشراف ومراقبة جهة الاختصاص أو أكثر لحماية السوق من المخاطر الكبرى التي يمكن أن تحيط به، خاصة إذا خرج من الدورة النقدية للبنوك، فالخروج من النظام المصرفي لنظام آخر خطير، فمخاطرة التقسيط على 10 سنوات أو أكثر كبيرة لا سيما أنه لا يوجد جهة مرجعية تنظمها، وفي لحظة ركود اقتصادي ستنفجر وتبين وجود أزمة كبيرة.