الحدث- محمد غفري
"عندما بدأت أفقد بصري لم أخبر ابني لأني لم أرد إقلاقه، كنت أتظاهر بأني ما زلت أراه خلال الزيارات".
عبارة كتبت إلى جانب صورة لسيدة فلسطينية من مخيم الدهيشة، بدأت تفقد بصرها بشكل تدريجي أثناء اعتقال ابنها في سجون الاحتلال الإسرائيلي، حتى فقدت بصرها بشكل كامل، وقد رفضت إبلاغه بذلك خلال زيارته في الأسر، بل على العكس تظاهرت برؤيته من خلف الزجاج.
وثقت هذه القصة المصورة ألونا سيمينكوم من أوكرانيا، إلى جانب العديد من القصص الإنسانية الأخرى لعائلات الأسرى الفلسطينيين، وقد عرضتها خلال معرض للصور بعنوان "زيارة عائلية"، نظمته اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في مدينة البيرة.
تقول ألونا خلال جولة رافقت بها مراسل "الحدث" بين الصور، إن هذا المشروع بدأ منذ ستة أشهر، وهو مشروع مستمر، لأنها وفي كل مرة تكتشف قصصاً جديدة خلال المقابلات التي تجريها مع أهالي الأسرى، ولكل قصة من القصص التي توثقها زوايا ونواح جديدة مختلفة.
سأل مراسلنا ألونا عن أكثر القصص التي أثرت بها خلال مقابلات أهالي الأسرى، ردت تقول "هناك الكثير من القصص التي أثرت في مشاعري، ولكن من الصعب أن اختار قصة واحدة".
لكنها أشارت إلى صورة لرجل مسن تبدو حالته الصحية متدهورة، وينقل بواسطة سيارة الإسعاف لزيارة نجله المعتقل.
كتب إلى جانب الصور"عندما أذهب لزيارة ابني لا أستطيع ثني نفسي عن التفكير بأنها قد تكون المرة الأخيرة التي أزوره فيها".
يقوم الصليب الأحمر بتنظيم عمليات زيارة خاصة في سيارات الإسعاف لعائلات الأسرى الذين لا يسمح وضعهم الصحي لهم بالتنقل في الحافلة.
وحول الهدف من توثيق قصص عائلات الأسرى خلال الزيارات، أوضحت ألونا أن قضية الأسرى في السجون الإسرائيلية ليست قضية جديدة، وتمس كل عائلة فلسطينية، لكن هذه القضية عادة ما يتم تغطيتها في الإعلام من الناحية السياسية، وهي تحاول من خلال معرض صور "زيارة عائلية" تغطية قضية الأسرى من الناحية الإنسانية.
وحول المعرض، أضافت تمارا أبو حنة وهي المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بأن هذا العام يصادف دخول خمسين سنة على برنامج الزيارات العائلية، التي تيسرها اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وفي هذه الذكرى قرروا إطلاق معرض صور يسلط من خلاله على المعاناة التي يتعرض لها الأهالي خلال رحلة الزيارة.
بينما أشارت بيدها إلى الصور، تحدثت مع مراسل "الحدث"، "من خلال الصور نستطيع ملاحظة انطلاق الأهالي إلى السجون من ساعات الفجر وحتى وقت المغرب في رحلة تستمر حوالي 10 ساعات من أجل زيارة لا تستغرق سوى 45 دقيقة".
وفي سياق الحديث عن دور الصليب الأحمر في تنظيم زيارات أهالي الأسرى لذويهم المعتقلين، قالت أبو حنة: "منذ العام 1968 تيسر اللجنة الدولية للصليب الأحمر الزيارات العائلية للمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية".
وأضافت، أن حافلات الصليب الأحمر تقل كل عام ما يزيد عن 100 ألف شخص من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس لزيارة أقربائهم المعتقلين في السجون، وقد تمكن الصليب الأحمر من تيسير أكثر من 3.5 مليون زيارة عائلية منذ العام 1968.
ختمت تقول "وراء تلك الأرقام أشخاص، ولكل منهم قصة عما يعنيه غياب شخص عزيز عنهم".