السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

” كتالوج ” حواء وسطر آدم بقلم: نهال علام – مصر

2018-10-31 01:09:24 AM
” كتالوج ” حواء وسطر آدم
بقلم: نهال علام – مصر
نهال علام

نستقبل الحياة بصرخات لا تقوي إلا علي زرع الضحكات، صبيان كّنا أو بنات، فالبدايات للكُل سواء!

وبالرغم أن لذلك البكاء سبب علمي لا خلاف عليه، إلا أنه معنوياً يدُل علي ما ينتظرنا علي هذا الكوكب السعيد مُتربِصاً بِنَا بمَكر ، راجياً أن ينزع عنا ثوب الصبر !

تمضي الأيام فيكتشف البنات أنهن بالفعل ” ألطف الكائنات ” ، ويتحول الصبيان إلي ” أخشن المخلوقات ” إستعداداً لمواجهة ( كُهن )الكائنات و (غَدر )المخلوقات!

وهذا ليس بلوم لأحد فلا زالوا جميعاً برقتها وخشونته أحباباً لله ، ورقة بيضاء نخُط فيها عاداتنا ونصُب عليها تجاربنا لننتج نسخاً أكثر تشوهاً منا!

تكفي زيارة خاطفة لأحدي الحضانات أو مدارس المرحلة الإبتدائية لترصد سلوك المجتمع المُنتظر بعد عدة سنوات !

الفتيات حائرات ! إذا أستخدمت رقتها أتهمت بالخلاعة ، وإذا أشهرت حدتِها ، ستقضي عقوبة بسبب البذاءة !

أما الصبيان فحدث ولا حرج ، مطالبون بالرحيل سريعاً من دنيا الهرج! حتي لا يواجه إبن السابعة وما دونها تهمة (إنت مش راجل) !

يَمُر قطار الأيام فوق قضبان العُمر ، في كل محطة يستقبل في عرباته أفكاراً لم تنفع أصحابها ،ويودع أحلاماً كان من المُمكن أن تُسعِد حتي أعدائها !

يشب الصغار تختلط المشاعِر وترتبك القرارات ، فتتشابك مع الإعتبارات ، صراع بينَ الفطرة الموئودة و التربية المغلوطة ، فتصبح النتيجة أن الصبيان والبنات شبوا عن الطوق وأصبحوا أشباهاً للرجال وفيما يُشبه النساء!

النساء !! ذلك الكائن الحائر ما بينَ الخلائق، لم يشفع لهن أن الدنيا والجنة والرحمة و السماء والحقيقة والسعادة والزهور كلهن مؤنثات ، قدر النساء أن يتحملن خطأ حواء وأن تظل الأتهامات موجهة لهن إلي يوم الدين بأن من حرمت البشرية من الجنة أنثي ! وكأن حواء أقحمت التفاحة في جوف آدم عنوة !

حتي الجريمة الأولي علي الأرض بالرغم من أن الدم لطَّخ يدي “إبن آدم” إلا أن “بنت حواء” هي من حملت وِزرها بلا أي ذنب إلا جمالها !

حواء التي خُلقت في حضن آدم ، من ضِلعه ليمنحها السكن فتمنحه السكينة، ذلك الضِلع الأعوج الذي أختاره الله لها لتخرج منه ، ليحمي تكوينها الداخلي الرقيق ، فذلك الأعوجاج ليحمي قلبها و رئتيها بحسب تفسير الشيخ الشعراوي ، والذي يتماشي مع المنطِق ومع فِطرة حواء التي فطرها الله عليها أنها دائماً بحاجة للأحتضان والسكن والحماية !

ذلك هو ” كتالوج ” حواء الذي خُلقت عليه وَمِن أجله ، جينات حواء هي جينات مُقاتل أدواته الذكاء والفِطنة لتحمي مملكتها وأولادها و كُل من يستظِل بحبها ، قوية لاشك ، عنيدة فيما تستشعر أنه حق ، رقيقة لا تُعصر ، صلبة لا تُكسر ، رفيقة لا تُقهر!

بالطبع تختلف الطِباع من إمرأة لأخري ولكن تكوين النساء وَاحِد، مُحاربات في الكون فراشات في الكينونة!

تلك ببساطة قراءة سريعة في ذلك “الكتالوج “ولكن تبقي هناك مُلاحظة كُتبت بحروف باهتة ، ربما تكون هي سِر شقاء حواء لأن آدم في أغلب الأحوال لا يلتفت إليها ، فآدم بارع في إهمال التفاصيل بينما حواء لا تشغلها إلا ما يُهمله من تفاصيل!

”لن تقهرني الظروف مهما خرج الأمر عن المألوف” !

”سيّدِي ” الرجل ، وأقصد ” سيّدِي ” بِكُل ما تحمله الكلمة من دلالات طيبة ، وذلك ليس إنتقاصاً من شأني ألستُ ” أميرتُك “!

فذلك ما يبدو لي مألوفاً ، وما وُجِدَت عليه دُونَ خجلاً أو كسوفاً، أن تجعلني تاجاً علي رأسك لأجعلك ملكاً علي قلبي!

“سيّدِي” لقد بدأت الخليقة بك، ولكن لم تكتمل جنتك إلا بي، و لم يستمر نسلك دوني ، و لم يعينك أحد علي شقائك وسعيك في الأرض غَيْرِي ، أنت من بحثت عني وسألت الله أن يوهِبك إياي!

”سيّدِي ” أنت البداية وأنا الحكاية، أنت الشاطئ وأنا الموج الهادِر ، أنت الفِعل وأنا رد الفِعل ، أليس من دستور البشرية أن جزاء الإحسان إحساناً ! إحسن إليّ لتجد مني عندما تسيئ عفواً وغفراناً!

”سيّدِي” لقد خُلقت لأحيا في نعيم الجنة ، ولكن كُتب علي أن أعيش في شَظف الأرض ، لا يعنيني ذلك التغيير لأن بَيْتِي ( حُضنك ) وأمَانِي في ( عَرقَك ) وسعادتي في ( إحتوائك ) وهدوئي من ( صبرَك) وجنوني سيستوعبه ( عقلك ) ونجاحي سأصِل له ( بدعمَك) ! أليس كذلك!!

”سيّدِي ” لقد تركنا الجنة لكنها لم تتركنا ، فجنتي هي (عينيك )و جنتك في (ضحكاتي )التي يُسَبِّح بحمدها قلبي شكرًا لله عليك!

”سيّدِي ” سأهمس لَكَ سِراً ، بالرغم مِن أنه لا يخفي علي أحد إلا إني أُفضل أن أَظُن أنه سراً !

كم أنا ضعيفة بدونَك حدْ الهلاك ! هلاكَك” أنتْ ” ! لا تتعجب ، فذلك الضعف هو سِر قوتي ! ألم ألفِت إنتباهَك إلي أنك الفِعل وما أنا إلا رد لذلك الفِعل! ولأن قوانين الطبيعة أن يكون رّد الفِعل مساوٍ للفعل في المقدار ومضاد له في الإتجاه فلِم كُل هذا الإندهاش من كوني “Strong & Independent woman” أو كما تُقال بالشائع ” سترونج إنديبيندينت ” إمرأة قوية ومُستقلة!

فقوتي تُساوي قَدْر ضَعفك و إستقلاليتي جائت لتملأ فراغ مساحتِك !

عزيزي الرَجل سأحترمَك لأنك تُشاركني هذا الكوكَب ، وستحترمني لأني أنا من أصبحت أُدِيره!

لخَصَت ” أنغام ” كُل ما تحتاجه المرأة من الرَجل في كَلِمَة واحدة هي ( أنا ساندة عليك ) !

ولكن أنتبه! فأنا (ساندة عليك ) أي بأختياري الحُر ، لأني وجدت فيك ما يجعلك قِبلتي و ظهري ومرساي ، ولست (مسنودة بيك ) أي إذا تركتني فسأتفتت وربما تَسْحَق أشلائي بقدميك!

لذا إذا أخطأت في حق نفسي بسؤ إختياري ، أو صَمَمت أُذني عن تحذيرات القَدْر ، فسأتحمَل النتائج وأكون لنفسي نِعْم السَند وستكتمِل رحلتي بأمان وسأصِل لشاطئي بسلام ، لأني ألقيت من سفينتي” الخُذلان ” الذي منحتني أياه!

قديماً كانت الجدات توصي الحفيدات بأن ” ظل راجل أفضل من ظل حيطة ” لم يمهلهن القَدَر ليقابلوا رجالاً بلا ظِل وجودهم لا يسمِن ولا يغني من جوع، لم تستمع جداتنا لدعوات بعض النساء اللاتي يعشن كسيدنا يونس في بطن الحوت ، ودعواهم ” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين” عسي الله أن يرفع مقته وغضبه ويخرجهن سالمات من تلك التجربة كما أخرج يونس من بطن الحوت.

كُلُّنا حكاية واحدة مكررة ، هي حكاية أبونا آدم وأمِنا حواء نترك جنة أبائنا بحثاً عن الخلود ، الذي ستمنحه لنا قِصة كتلك التي حكوها لنا صِغَارًا ، و قرأناها كِباراً مثل ” روميو وجولييت ” ، ” قيس و ليلي ” ، ” عبلة وعنتر ” وغيرها من ما أعتبرناه أَحْسَن القصص !

ولكن لأننا منشغلين بالتفاحة ، فنسّينا أنها أخرجت البشرية من الجنة ! كَمَا تناسينا أن القصص الخالدة هي القصص التي لم تكتمِل ، قَدْر الوَجَع قَدْر الخلود!

“عزيزي آدم “رجاءً لا تلومني ، فتلك فِطرتي التي فطرني الله عليها، لكي أكون لك أُماً تُبدِل همّك زهراً وتنبِتُ من دموعك فرحاً، يجب أن تكون لي أباً ينثر الدلال في مفارق رأسي كي لا يعرف الشيب طريقاً لقلبي.

سأتحمل غضبك الحنون ، وسأغُض طرفي عن أخطاء سترتكبها من باب الجنون ، ولكن أحذر ! ففي خذلاني فُراقي، فهما تؤمان ملتصقان ، وجهان لعملة واحدة!

“عزيزي آدم ” إحذر أن تخسر رهان إمرأة عليك ، فهي تدفع ثمناً غالياً لقاء هذا الرِهان، وليس هناك أغلي من أحلي سنوات عُمُرُها وشباب قلبها !

“ضربني وبكي وسبقني وأشتكي” ، هذا حالك أيها الآدم تستهزئ بمحاولاتي للتكيُف مع الفوضي التي زرعتها في بستاني ، ذلك البستان الذي وقفت مشدوهاً بجمال أزهاره يوم زارتك فيه شمس نهاري فأقسمت بأغلظ الآيمان أنها لن تغرُب مادامت عروقَك حية!

يا آدم لا تفعل كمن حبس القِطة فلم تُطعَم ولَم تترك لتأكل من خشاش الأرض ، فكان مصيره العذاب في الآخرة، أترك حواء طالما أنك لا تقوي علي تحمُّل شأنها فعذاب إمرأة يساوي عذاب الدنيا و الآخرة!

حواء نصف الدنيا الحلو ، ستبقي لتحافظ علي الحلو في الدنيا، لن تنال منها سخرية وإستهزاء آدم من قوتها وإستقلاليتها ، فتذكر إنه إذا كان وراء كل عظيم إمرأة عظيمة ، فوراء كل إمرأة قوية رجل فاشل!

وهذا لا يعني أن الناجحات من بنات حواء كلهن غير موفقات في حياتهن الشخصية، بالطبع يوجد رجال عِظام هم شركاء حقيقيون للمرأة في نجاحها ، ذلك النجاح الذي يضيف للرجل المزيد من محبة المرأة وأحترامها له لأنه حافظ علي كونها” أمرأة” !

الرجل في حياة المرأة نُقطة و من أول السطر، سطراً ليس كمثله شيء ، لأن ما بعده مُختلف في كل شيء، فإذا لم تُصبح لها نُقطة إحرص علي أن لا تُصيبها ( بالنَقطَة)!