خاص لـ "الحدث"
واضحة هي الرسالة التي بعثتها مصر للعالم عبر دعوة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لنظيره الفلسطيني الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين، إلى لقاء قمة في مدينة شرم الشيخ المصرية، فضلا عن أهمية حضور الرئيس أبومازن لافتتاح منتدى شباب العالم الذي تنطلق اعماله اليوم بمشاركة 5000 من القيادات الشبابية في نحو 160 دولة.
ولعل أبلغ ما يوضح تلك الرسالة ما عبرت عنه الرئاسة الفلسطينية حين وصل الرئيس عباس أمس، "متسلّحاً بالثبات على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ومرتكزاً إلى تاريخ مشرف من الوقوف في وجه كافة محاولات تذويب القضية الوطنية الفلسطينية تحت مسميّات عدة، حاملاً آلام وآمال وطموحات أبناء شعبه أينما حلّ، واضعاً نصب عينيه بسمة قد ترتسم على وجه طفل مقدسي أو في مخيم داخل البلاد أو خارجها ، متيقظاً لآهات ثكلى ارتقى فلذة كبدها، ولأشواق أم أسير تعدّ الدقيقة والساعة".
ولأن القاهرة دائما ما تبتعد في سياستها الخارجية عن المزايدات الإقليمية الرخيصة، وخاصة مع اللاعبين غير المؤثرين في المشهد الفلسطيني أو حديثي العهد بالتفاعل مع قضيته التي حملتها مصر على عاتقها لعقود ولازالت، فقد جاء الرد المصري الفلسطيني على هرولة المطبعين والمتبرعين بالسلام المجاني مع دولة الاحتلال، من خلال القمة الفلسطينية-المصرية في شرم الشيخ، التي حملت شعار "لن تمروا" لمن يريد تصفية القضية، فذاكرة مصر الدبلوماسية مر عليها كل هذه المشاريع والخطط التي تدور حول السلام الاقتصادي او التحالف مع الاحتلال ضد "عدو مشترك" او السلام الاقليمي وغيرها من اطروحات الدولة الواحدة أو تبادل الاراضي او اقامة مشاريع دولة غزة وغيرها، ولكن لا يوجد سوى حل الدولتين الذي يحظى بقبول العالم.
تكاملت استضافة مصر لرمز الشرعية الفلسطينية في شرم الشيخ مع تحركها في الميدان لتحقيق التهدئة في قطاع غزة المحاصر من قبل دولة الاحتلال، وهي "صفقة" وشيكة، لا تتضمن التهدئة فحسب، بل كسر الحصار، حسبما أعلن أكثر من مسؤول في حركة حماس، وبالتأكيد هذه الجهود التي لا تتحدث مصر عنها كثيرا، تختلف شكلا ومضمونا عن أي نوايا "حسنة" قد يفترض البعض وجودها خلف تحركات التطبيع المعلن والمبالغ في الاعلان عنه! وخاصة مع تزامنه مع ذكرى وعد بلفور المشؤوم، وحرب أكتوبر المجيدة.
إن موقع فلسطين في منتدى الشباب العالمي، تجسده أحد أضلاع الفكرة الرئيسية للمنتدى القائمة على بلوره المفكر السياسي المصري ميلاد حنا في كتابه "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية"، حيث تقع فلسطين ضمن العمود العربي لانتماء مصر الحضاري، فهي قضية العرب المركزية، التي قد لا يعرف شباب العالم عن جذورها الكثير، أو يقع فريسة للدعاية المسمومة والمغالطات الاسرائيلية، ومن ثم فحضور هذه القضية إلى منتدى الشباب المصري، وعلى أعلى المستويات القيادية، يمثل استغلالا ممتازا لهذا الحدث العالمي، كما ان مشاركة الشباب الفلسطيني من الضفة الغربية وقطاع غزة وعدة دول مثل لبنان، وتركيا، والمغرب، وبلجيكا، والسعودية، بالإضافة إلى ألمانيا، يمثل أيضا فرصة متميزة لهذا التفاعل والحضور المطلوب للقضية الفلسطينية في أوساط قادة المستقبل.