الحدث- علا عطالله
لا يكترث الشاب مروان عامر وهو يلتقط صورة ذاتية (سيلفي) لنفسه، بقسمات وجهه، وكيف ستبدو عندما يبثها على مواقع التواصل الاجتماعي.
فكل ما يريده عامر (22 عاما)، المهووس بالتقاط صور "السيلفي"، هو أن تظهر في تفاصيل الصورة "شمعة" أنارت ظلام بيته الكائن شرق مدينة غزة.
وعامر واحد من بين عشرات الشباب الفلسطينيين في قطاع غزة، أطلقوا مؤخرا حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، لتوظيف شغف التقاط صور "السيلفي"، للتعريف بمعاناة حوالي 1.9 مليون فلسطيني في غزة، وإطلاق حملة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ عام 2006.
ويقول عامر إنّه شغوف بالتقاط الصور الذاتية، إلى درجة يصفها بـ"الهوس"، غير أن تشجيع بعض الأصدقاء له، وتكوين مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي هدفها توظيف هذه الظاهرة، حول اهتمامه من السيلفي الذاتي، إلى "سيلفي غزة"، وفق تعبيره.
ويُضيف: "هناك حملة عالمية تضامنية لإطفاء الأنوار، تضامنا مع غزة التي تعاني للعام الثامن على التوالي، من أزمة في انقطاع التيار الكهربائي، ونحن ومن خلال الصور الذاتية، مهمتنا تفعيل هذه الحملة، والعمل على إيصال صوتنا من أجل كسر الحصار".
وأطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حملة تضامنية مع غزة، بعنوان "لن نترك غزة وحدها في الظلام .. سنطفئ الأضواء في كل مكان".
واختاروا يوم غد الجمعة 19 ديسمبر/كانون الأول الجاري موعدا لهذا الحدث التضامني الفريد من نوعه، حيث سيقوم فيه متضامنون حول العالم بإطفاء الأضواء لمدة 60 دقيقة، بين السابعة والثامنة ليلا بالتوقيت المحلي لكل مدينة.
وتعتمد الحملة، التي أطلقها نشطاء فلسطينيون، عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي في الهواتف الذكية، على فعاليات رمزية متعددة لمعايشة واقع انقطاع التيار الكهربائي بغزة.
وأعلن مغردون على موقع التدوينات القصيرة (تويتر) دعمهم لهذه الحملة، من خلال وسوم (هاشتاغات) متعددة بلغات العالم، ومنها اللغة العربية #أضواء_غزة.
ويعيش سكان القطاع، وفق جدول توزيع يومي بواقع 8 ساعات توافر للتيار الكهربائي و8 ساعات انقطاع، وقد تزيد ساعات الانقطاع إلى أكثر من 12 ساعة في حالات انعدام الوقود المخصص لتشغيل المحطة.
وتسببت الوسائل التي يستخدمها الفلسطينيون في إنارة منازلهم خلال فترة انقطاع الكهرباء في العديد من الحرائق و"المآسي" الإنسانية.
وستقوم الفتاة ربى النبيه (16 عاما)، والشغوفة بالتقاط صور ذاتية لنفسها، بشكل يومي، بتصوير لقطات ذاتية، تحتوي على تفاصيل معاناة غزة.
وتقول النبيه، إنّ كثيرا من الشغوفين، بالتقاط الصور الذاتية، أخذوا يستثمرون هذا الولع بتعريف العالم الخارجي بمعاناة غزة، وما تعيشه من هم يومي.
ويوميا، يلتقط الشاب، رائد زقوت (26 عاما)، ما لا يقل عن عشر صور "سيلفي" بالقرب من ركام ما خلّفته الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، والتقاط ما يبرز معاناة القطاع.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي يقوم زقوت بنشرها، واصفا ما يفعل بـ"المتعة.. والرسالة".
ويمضي قائلا: "أنا شغوف بالتقاط صور السيلفي، والآن هذه الرغبة تتحول إلى رسالة، إذ تنشر الصور المعبرة عن معاناة قطاع غزة، وما تعيشه من حصار، وما خلفته الحرب الإسرائيلية الأخيرة".
وأطلّقت إحدى الشركات في غزة مؤخرا مشروع صوَّر "سيلفي غزة Gaza Selfie”، حيث يلتقط مصورون من غزة "صور سيلفي" تنقل الحياة اليومية، لسكان القطاع، وتحول إلى موقع متخصص بنقل صور السيلفي من شوارع وأزقة غزة.
وتجتاح تلك الصور مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما من شأنه أن يُشكل "رسالة بالغة الأهمية"، كما يقول أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى بغزة درادح الشاعر.
ويضيف الشاعر، أنّ ظاهرة التقاط "السيلفي"، لمجرد الشهرة، وتقليد الآخرين، قد تصبح ظاهرة "إيجابية"، من خلال توظيفها.
ويتابع: "هذا الشغف بإمكانه أن يتحول إلى رسالة، بعيدا عن كونه أسلوب للتنافس في التقاط الصور الذاتية، وبث أشهرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي قطاع غزة بشكل خاص هناك إمكانية لتوظيف هذه الطاقة، وهذا الهوس".
وبإمكان الشباب الشغوفين بهذا النوع من الصور التقاط "السيلفي"، مع جرحى العدوان الإسرائيلي، ومع العالقين على المعابر، والتقاط كل ما من شأنه أن يعبر عن المعاناة في غزة.
ويستدرك الأكاديمي بالقول:"هناك صور، لا يمكن للإعلام أن يلتقطها، وبالتالي وأمام شهرة مواقع التواصل الاجتماعي، وسرعة انتشارها، تصل إلى العالم الخارجي، المعاناة بكافة تفاصيلها".