الحدث الاقتصادي– رائد أبو بكر
في السنوات الأخيرة، دخلت ثمرة "الافوكادو" بقوة إلى الخارطة الزراعية في الوطن، وخاصة في محافظة قلقيلية، البلد الأم، حتى إنها باتت تتربع على عرش الإنتاج بنسبة وصلت إلى 70% من مجمل الإنتاج، كما انها أصبحت تنافس الجوافة، رمز الزراعة في قلقيلية.
لكن في الآونة الأخيرة، وخاصة في الموسم الحالي، الذي انطلق في الأول من شهر أكتوبر، بدأت التخوفات من نزول هذه الثمرة عن العرش، بعد أن رفعت وزارة المالية الأردنية الضريبة على ما يتم تصديره من أفوكادو إلى الأردن، كما أعرب المزارعون والعاملون في التصدير عن استيائهم من هذا الاجراء، وبعضهم اعرب عن ندمه لأنه حول زراعته من الجوافة إلى الافوكادو، مطالبين الجهات المعنية، في وزارتي الزراعة الفلسطينية والغرفة التجارية، الوقوف إلى جانبهم ومخاطبة الجانب الأردني للتخفيف من قيمة الضريبة المفروضة على الافوكادو، بدورها هذه الجهات أشارت إلى أن الوضع يسير على ما يرام، وهناك مراسلات وجهت إلى الجانب الأردني لدعم المزارع الفلسطيني.
"ندمان على زراعة الأفوكادو"
يقول المزارع عماد ذياب من مدينة قلقيلية انه يمتلك 8 دونمات كان يزرعها جوافة، وعند نجاح زراعة الأفوكادو قسَم أرضه لنصفين، أحدهما للجوافة والأخرى للأفوكادو كان ذلك قبل 8 سنوات، وخلال هذه الفترة كان يجني أرباحا كبيرة من الافوكادو ووسع مشروعه حتى أصبح ثلثا مشروعه لزراعة هذا المحصول، وما شجعه أكثر ان الناتج كله يتم تصديره إلى الأردن.
وأضاف: "هذا العام تم رفع قيمة الضريبة وسبب ذلك عائقا لتسويق المنتج للخارج وتكدست البضاعة عند المزارعين، بالإضافة الى صعوبة التسويق في الأسواق المحلية لوجود منافس إسرائيلي الذي يباع الكيلو الواحد منه بـ3 شواكل، بينما يباع كيلو الافوكادو الفلسطيني ما بين 3.5 الى 4 شواكل، وهنا زاد العرض وقل الطلب"، مشيرا إلى أن كيلو الأفوكادو يباع للمصدر بخمسة شواكل، وبالتالي المردود المالي انخفض بنسبة كبيرة عند عدد كبير من المزارعين، وقال "إذا بقي الوضع على ما هو سيحل الخراب على الكثير من المزارعين، إلا اذا تدخلت الجهات المعنية وخاطبت الجانب الأردني في تسهيل الأمور على مزارعي الافوكادو".
اما بالنسبة لتحوله من زراعة الجوافة، التي تشتهر بها قلقيلية، الى زراعة الافوكادو قال، "الافوكادو ما بتغلب، فأعمال الفلاحة التي تحتاجها هذه الثمرة قليلة جدا بالرغم من احتياجها لماء كثير، لكنه لا يحتاج إلى عناية حثيثة، على العكس كليا من الجوافة التي تحتاج لعناية كبيرة، ويمنع تركها دون اهتمام".
زيادة الضريبة 40 قرش على الكيلو
من جانبه، التاجر اسامة أبو سمرة، الذي يصدر الافوكادو الى الأردن، اكد على ان الضريبة ارتفعت هذا العام 40%، مشيرا الى انه كان في العام الماضي يدفع على كل طن افوكادو 900 دينارا اردنيا، والآن يدفع 2000 دينار عن كل طن يصدر الى الأردن، أي ارتفع على كل كيلو "أربعين قرش اردني"، وبعد محادثات بين المصدرين والجانب الأردني خفضوا القيمة الى 1500 دينار على كل طن.
وأضاف، "اشتري كيلو الافوكادو من المزارع في قلقيلية بخمسة شواكل أي ما يقارب الدينار، وارتفعت الضريبة هذا العام 40 قرشا، نضيف عليها النقل، ودفع الكومسيون، وتغليف المحصول في كراتين، وغيرها من مصاريف التصدير ليكلفني كيلو الافوكادو 1.70 دينار "دينار وسبعين قرش"، بينما يباع الكيلو في السوق الأردني ما بين 1.30 الى 1.50، "دينار وثلاثين قرش الى دينار ونصف"، ولم يتوقف الامر عند رفع الضريبة، بل ان الطلب على الافوكادو في السوق الأردني انخفض مقابل العرض، وهنا تم توقيف عدة شحنات على الحدود حتى يفرغ السوق من هذه الثمرة التي تكدست في الأسواق الأردنية، وكل تأخير على الحدود يكبدنا خسائر كبيرة".
وأشار أبو سمرة الى انه والمصدرين، وعددهم خمسة، خاطبوا وزارة الزراعة الفلسطينية من اجل التدخل ومخاطبة الجانب الأردني، وحتى اللحظة لم نتلق أي جواب، موضحا ان الجانب الأردني وعدنا بتسهيل الأمور وتخفيض قيمة الضريبة لكن حتى اللحظة لا شيء يذكر من الوعودات، مشيرا الى ان الافوكادو اللبناني يدفع ضريبة 1300 دينار أردني على كل طن، بالإضافة الى الدول الأخرى، لكن الافوكادو الفلسطيني أكثر البضائع دفعا.
حل الإشكالية قريبا
مدير دائرة الخدمات في مديرية زراعة قلقيلية المهندس الزراعي ظافر سلحب، أكد على رفع الضريبة من الجانب الأردني على الافوكادو، مشيرا الى ان وزارة الزراعة تدخلت في الموضوع وخاطبت الجانب الأردني الذي وعد بحل الإشكالية وتخفيض القيمة لدعم المزارع الفلسطيني، فارتفاع الضريبة يزيد من الأعباء على المزارع والمصدر، كما أشار، وأعرب عن أمله في تنفيذ الجانب الأردني وعوداته.
وأوضح المهندس الزراعي سلحب انه منذ بداية الموسم ولغاية الآن تم تصدير 120 طنا من الافوكادو إلى الجانب الأردني، حيث تشرف وزارة الزراعة على التصدير من خلال اصدار شهادات منشأ وصحة النبات، مؤكدا ان موسم الافوكادو لهذا العام لا خوف عليه وما زال يتربع على عرش الإنتاج وسيبقى ذلك.
تاريخ زراعة الافوكادو
وأشار المهندس الزراعي سلحب الى ان زراعة الافوكادو دخلت قلقيلية في الثمانينات من القرن الماضي، وكانت قليلة ومحصورة ما بين 20 الى 30 دونما، وبعد عام 2000 دخلت الزراعة بشكل جدي وباهتمام اكبر، ضمن مشروع نفذته وزارة الزراعة بتمويل من المنظمة العربية للتنمية الزراعية، و بسبب الظروف الجوية التي تمتاز بها قلقيلية شبه الاستوائية من رطوبة عالية وشتاء دافئ وتوفر المياه الجوفية، كانت أسباب نجاح زراعة الافوكادو في قلقيلية ناجحة.
مضيفا أن الوزارة قامت بدعم قطع زراعية نموذجية مساحتها 5 دونمات، بالإضافة الى دعم المزارع بالسياج والاشتال وشبكة الري، وضمن مشاهدات استمرت 4 سنوات تبين ان المشروع مجدي اقتصاديا، وزاد الاقبال على زراعة هذا المحصول.
وأضاف، ان وزارة الزراعة توزع سنويا 10 الاف شتلة افوكادو على المزارعين، ضمن مشروع "تخضير فلسطين"، والان وصلت مساحة الأراضي المزروعة بمحصول الافوكادو في انحاء مختلفة من محافظة قلقيلية 2400 دونما منها 2200 مثمرة و200 غير مثمرة، مؤكدا ان وزارة الزراعة لا يقتصر عملها فقط على التوعية والإرشاد وتوزيع الاشتال، انما فتح افاق تسويقية الى الخارج وخاصة الى الأردن.
وفي سؤال وجه له هل هناك خوف على منتوج الجوافة التي تشتهر بها قلقيلية، أكد سلحب على عدم وجود خوف، لان المحصولين الجوافة والافوكادو بحاجة لهما في الأسواق المحلية والخارجية أيضا، كما ان المحصولين اثبتا جودتهما العالية مقارنة بالأفوكادو الإسرائيلي الذي يصل الى الأسواق الفلسطيني بجودة اقل بكثير، بالإضافة الى ان المحصولين مجديان اقتصاديا.
وأوضح، الى ان نسبة انتاج الافوكادو 5 الى 7 طن للدونم الواحد الذي يحتوي على 40 شجرة لكل دونم، ويتوقع ان تنتج قلقيلية هذا العام 12 ألف طن مقارنة مع العام الماضي حيث انتجت 10 الاف طن ما يؤكد على ازدياد الاقبال على الافوكادو، واكد سلحب ان الافوكادو له مستقبل واعد وناجح، وحتى لو لم يصدر إلى الأسواق الخارجية، فالسوق المحلي يستوعب هذه الكمية.
التصدير أيضا الى السعودية والكويت
بدوره، أكد مدير عام الغرفة التجارية في قلقيلية محمد قطقط ان تصدير الافوكادو الى الأردن يسير بشكل جيد ولا عوائق، حتى انه تم التصدير الى السعودية والكويت، وهناك المزيد من الكميات التي سيتم تصديرها.
وحول رفع القيمة الضريبية من الجانب الأردني أشار قطقط ان الأردن ينظر الى الافوكادو كسلعة تكميلية وليست أساسية، والرفع جاء من قبل الوزارة المالية الأردنية، مؤكدا ان الجانب الأردني متعاون جدا، وسيتم مخاطبتهم للتسهيل على المصدرين ودعمهم.
وأشار الى ان مشروع زراعة الافوكادو ساهم بشكل كبير في توفير فرص العمل، بالإضافة الى انه يحقق عائد اقتصادي جيد اذ يحقق 20 ألف شيكل للدونم الواحد.