الحدث ــ محمد بدر
ما كاد حديث الشاباك الإسرائيلي أن يختفي من العناوين الرئيسية في الصحف العبرية، عن خطورة الواقع في الضفة الغربية، حتى كان أشرف نعالوة ينفذ عمليته. دخل بسلاحه وخرج به وترك الأمن الإسرائيلي في حيرة أمام علامات استفهام كبيرة. مرة أخرى، يتحدث رئيس الشاباك عن أن الهدوء في الضفة "خادع" أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، وبعد أقل من 24 ساعة يُصاب اثنان من المستوطنين في عملية لإطلاق نار قرب البيرة.
نعالوة كلّف "إسرائيل" حتى اللحظة الملايين من الشواقل خلال مطاردته. طائرات استطلاع ومتابعة إلكترونية ووحدات مختلفة من الجنود وجهود استخباراتية معقدة وألقت "إسرائيل" بثقل قواتها الخاصة في الضفة الغربية، بحثا عن الشاب الذي رقص على خط جبهتين، فدفع واحدة للهدوء رغم أنها كادت تنزلق للحرب، وفتح في الأخرى معركته. قبل أيام، نشرت صحيفة هآرتس نقاشا حول تشديد الإجراءات ضد الأسرى في مكتب الأمن القومي الإسرائيلي، وكان موقف الشاباك بأن ذلك قد يؤدي إلى توتر في الضفة، مستعيرا بالعمليات الأخيرة في الضفة وعلاقتها بمسيرة العودة، وما أنتجته من وحدة للشعور.
إذا، الرجل (رئيس الشاباك) مدرك لما يقول، ولذلك فإن زيادة التوتر في الضفة، كانت سببا في دفع الحكومة الإسرائيلية للذهاب باتجاه التهدئة في غزة، لأنه ليس توترا شعبيا، بل عسكريا في منطقة احتكاك خطيرة (الضفة)، وهذه ليست فرضية غائبة عن تاريخ الصراع، فلقد ساهمت عملية تل أبيب في عام 2012 في موافقة "إسرائيل" على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
بالنسبة لإسرائيل فإن نعالوة هو الجبهة الأخطر، ليس لكونه قتل اثنين من المستوطنين، بل لأنه النموذج الذي تعيد "إسرائيل" حساباتها في أكثر من جبهة بسببه. وعندما يتم تشكيل غرفة عمليات من الجيش والمخابرات بكافة أذرعها، إذا هي بالفعل جبهة يجب أن تنتهي الحرب فيها لصالح طرف ما. حتى الآن، ينتصر نعالوة، بالأمس أُطلقت النار على دورية عسكرية إسرائيلية بالقرب من نابلس، كما وتم مهاجمة الدورية بالقنابل. وتمكن مقاوم من إصابة اثنين من المستوطنين مساء الأمس قرب رام الله، وبدأ الجيش حملة مطاردة واسعة قرب رام الله، وبالتالي فإن نعالوة حتى الآن يدير الجبهتين بقوة، تشتد الضربات في الضفة وتذهب الأمور للهدوء في غزة، ومن وجهة نظر الإسرائيليين فإن الضفة الجبهة الأخطر ويجب معالجتها ومعالجة الأسباب التي تحرك فيها عوامل المواجهة.