السبت  02 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في المرة القادمة.. اهدموا هذا البيت والقانون يحميكم

2018-11-12 04:19:32 PM
في المرة القادمة.. اهدموا هذا البيت والقانون يحميكم
أحد المباني القديمة في مدينة رام الله (تصوير: محمد غفري)

 

الحدث- محمد غفري

مجدداً نهشت مخالب القطاع الخاص مبنى تاريخيا جديدا وسط مدينة رام الله يوم السبت الماضي، في مشهد أثار حفيظة المواطنين واستغرابهم من استمرار التفريط بهذا الإرث الحضاري.

أشارت أصابع الاتهام إلى الجهات المسؤولة، خرجت بلدية رام الله تؤكد على دعمها للمباني التاريخية وحرصها على الحفاظ عليها، وبدورها نفت وزارة السياحة والآثار مسؤوليتها عن إعطاء قرار بهدم المباني التاريخية، وأن دورها يقتصر على منح شهادة بخلو الآثار.

مدير الآثار في وزارة السياحة والآثار صالح طوافشة، أكد أن الوزارة لا تعطي قرارات بالهدم، وفقط تمنح تصريحا للبناء، أو شهادة خلو من الآثار في الموقع، بالاستناد إلى قانون الآثار الحالي.

وأكد طوافشة في تصريح خاص لـ"الحدث"، أن الوزارة تستند إلى قانون الآثار الحالي الذي حدد في مواده صلاحيات العمل لدى دوائر قطاع الآثار، ويتحدث عن منع هدم كافة عناصر التراث بما فيها المباني التي شيدت قبل عام 1917، بالإضافة إلى تلك المميزة وذات الطابع الجمالي والفني، وهذه التي تخضع للحماية بموجب القانون.

وحول اختيارهم لحماية المباني قبل تاريخ 1917، أوضح طوافشة أن هذا التاريخ حدد بعد نقاش لعدة سنوات ما بين كادر الوزارة والمنظمات الأهلية العاملة في التراث والجامعات، مشيراً أن "التاريخ لم يأت بشكل عبثي وغير مدروس وإنما وفق معايير تعمل بها وزارة السياحة والآثار على الأرض وما تمخض من خبرات لديهم في هذا الجانب".

أما المباني التي شيدت بعد عام 1917 كثير منها دخلت فيها عناصر جديدة مثل الأسمنت والمواد الأخرى، وبالتالي عندما بحثوا عن قضية التاريخ استقرت الآراء على 1917، والمباني التي بنيت بعد ذلك محمية إذا كان لها أي عناصر جمالية ومميزة.

تصل عقوبة سجن من يقوم بهدم المباني الأثرية وفق قانون الآثار الجديد، لفترة تتراوح بين 3-6 سنوات، بالإضافة إلى غرامات مالية باهظة.

وعن الجهود التي تقوم بها وزارة السياحة والآثار، تحدث المسؤول الرسمي أنهم في الفترة الأخيرة تمكنوا من وقف عمليات الهدم بشكل شبه كامل، ولكن في بعض المناطق التي لا تستطيع الطواقم الوصول إليها، حمايتها تسير بشكل صعب.

يوجد في فلسطين أكثر من 50 ألف مبنى تاريخي وفق الأرقام الرسمية، وهي غير دقيقة نتيجة عدم وجود مسح شامل للمباني التاريخية، وهذه المباني لم تكن محمية في القانون القديم الذي حدد عام 1700 كعامل مفصلي في حماية المبنى من الهدم إذا شيد قبله، أو السماح بهدمه إذا بني بعد ذلك التاريخ.

مدير الآثار في وزارة السياحة والآثار صالح طوافشة قال إن عملية حماية المباني التاريخية تقع على عاتق الهيئات المحلية بالدرجة الأولى، لأنها محصنة بنظام صادر عن مجلس التنظيم الأعلى عام 2006، الذي حدد بشكل مباشر آلية التعامل مع المباني التاريخية والتقليدية، وهذا النظام منع الهدم أو العبث بأي مبنى يزيد عمره عن خمسين عاماً، وهو مرجعه للهيئات المحلية بكافة أنحاء فلسطين.

إذا ألقى المسؤول في وزارة السياحة والآثار الكرة في ملعب الهيئات المحلية، وهنا صرحت بلدية رام الله على حرصها وسعيها الدائم إلى الحفاظ على الموروث الثقافي في مدينة رام الله وحماية المباني التاريخية فيها من خلال الضغط بالتعاون مع مجموعة من المؤسسات لصياغة قوانين حماية وطنية.

وأكدت بلدية رام الله، في بيان صحفي حصلت "الحدث" على نسخة منه، على سعيها من خلال خططها الاستراتيجية التطويرية إلى الحفاظ على المباني التاريخية من خلال شراء أو استئجار أو استملاك بعضها، وحمايتها، وترميمها وتشغيلها، بهدف الحفاظ على التراث والقيمة التاريخية للمباني، وتوظيفها في مجالات فنية وإبداعية متعددة.

وفيما يتعلق بالبيت الذي تم هدمه، يوم السبت 10 تشرين الثاني 2018، في شارع السهل في رام الله القديمة وبحسب سجلات بلدية رام الله، فقد تم ترخيص توسعة طابق تسوية وإضافة طابق أرضي والبدء ببنائه بتاريخ 15/2/1967 في المرحلة الأولى، ومن ثم تمت إضافة ترخيص إنشاءات إضافية للبناء بتاريخ 1/6/1981 وبالتالي عمر البيت لا يتجاوز 51 عاما ولا يعتبر من البيوت التاريخية ولا يحمل قيمة معمارية أو تاريخية استثنائية حسب القانون.

وبناء على هذه المعطيات وكونه من البيوت غير المحمية من الهدم وفق الدراسة التي أعدتها البلدية مع مركز رواق للمعمار الشعبي وجمعية حفظ التراث في بيت لحم ووفقا للقانون الذي يحمي فقط المباني قبل العام 1917 فإنه يسمح للمالك بالتصرف فيه وهدمه، بحسب ما ورد في بيان بلدية رام الله.

وأضافت، أنه لا يمكن للبلدية أن تمنع هدم أي بيت إذا كان القانون يسمح بذلك، ومع كل هذا تقوم البلدية وفي بعض الأحيان بحماية بعض المباني التي تحمل تاريخ وتراث المدينة عبر شراء أو استملاك تلك المباني لحمايتها مثل ما حدث مع دار جغب التي قامت البلدية بشرائه ولكن لا يمكن للبلدية وحسب إمكانياتها شراء كل منزل غير محمي وبني بعد عام 1917.

وهنا توضح البلدية أنه يجب التفريق بين المباني الجميلة والفضاءات العامة من حولنا وبين المباني التي تحمل في طياتها تاريخ وتراث المدينة.

"مسكين" المبنى المهدوم لم يتجاوز عمره 50 عاماً حتى تحميه بلدية رام الله، ولم يتجاوز عمره 100 عام حتى تحميه وزارة السياحة والآثار، وما زاد من استسهال هدمه، أن سماته بحسب وصف البلدية لا تحمل أي قيمة معمارية أو تاريخية استثنائية.

وهنا نقول لمخالب جرافات القطاع الخاص، الآن نجحتم في هدم هذا المبنى وبررت لكم الجهات الرسمية هدمه، وفي المرة القادمة اهدموا كل منزل تاريخي مثله، والقانون سيحميكم.

بلدية رام الله دعت كافة الجهات إلى تحمل مسؤوليتها في الحفاظ على البيوت القديمة، ومدير الآثار صالح طوافشة دعا المواطنين والجمعيات المهتمة والمجالس المحلية إلى حماية المباني التاريخية، ونحن في السلطة الرابعة سنراقب من يستجيب لكما حتى يتوقف الهدم بشكل كامل.