الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مرور السنة الخامسة على الحدث

2018-11-14 05:51:22 AM
مرور السنة الخامسة على الحدث
رولا سرحان

 

عندما أريدُ تعريفَ الزمن، لا أعرف. وكل ما يتبادر إلى ذهني حينها هي صورة خيالية له عبارة عن بقجة واسعة، يظل بمقدورك أن تضع فيها من الأشياء ما تشاء إلى أن تأتي تلك اللحظة التي لا تستطيعُ معها أن تلم أطرافها الأربعة على بعضها البعض، فتضطر حينها للتخلي عن بعض الأمور، أو تأجيلها، فلا يمكنك أن تُحمِّل كل ما لديك في تلك البُقجة دفعة واحدة. هنا أبدأ بتعريف الزمن من علاقتي به، وكيفَ أنه أبداً لا يكفيني، ليظل سؤال كيفية إبطاء الزمن أو زيادة مدى سعته سؤالاً فوقَ طاقة إدراكي أو فهمي، ليس لأنه متعلق بأمور تمضي وأخرى تأتي، فقط، ولكن لارتباطه أساساً بتعريف "ماهيته"، أي كيف يمضي "الزمن" وكيفَ عليه أن يأتي؟ ولماذا تلك النسبية في تحديد علاقتنا به لا تكونُ متشابهة في أوقات الألم مثل أوقات السعادة؟

في أحيانٍ أخرى أتخيل الزمن عبارة عن عصا لينة، تضربُك حتماً لتصير طريحاً، لكنك في أوقاتٍ أخرى تكون قادراً على تطويعها، وتشكيلها كدائرة، أو كمثلث، أو تكون قادراً على تحويلها إلى خيط رفيع بشدها من الطرفين حتى أقصى مدى دون أن ينقطع الخيط لتظل هنالك بدايةٌ ما ونهايةٌ ما، نُمسكُ بها في أحيانٍ كثيرة، لكنها تمسك بنا في أحيانٍ أخرى أكثر.

والزمنُ له سيولةٌ تُحس، متنقلة، يحملُها الأحياء وحدهم، ويرثونها عن بعضهم البعض، مثلما ورثنا زمن النكبة، أما الأمواتُ فالزمنُ الذي نفهمه بالنسبةُ لهم قد توقفَ لحظة موتهم، فنقول إنتهى عمر فلان، أي مات، فالحي من يستطيعُ أن يُعرفَ نفسه في مواجهةِ الزمن في محاولةٍ للتغلب عليه لاعتقادٍ ما أن إدارة الزمن والتحكم فيه هي صفاتٌ ألوهية، لذا نسمي الله الأزل، حيث الزمن لا يستطيع محاسبتك أو مجاراتك. وتلك المعادلة يخرجُ منها الأموات، الذين هم موجودون فيه وخارجه، لكن بماهية مختلفة.  لذا أتساءل ألا يُمكنُ أن يكون للأموات زمنٌ خاصٌ بهم، تماماً مثلما لهم ماهيةٌ خاصة بهم؟ ألا يمكن الافتراض بأنهم يعيشون في زمنٍ أوسع من الزمن الذي نعيش فيه بل لعله يحتويه، تماماً مثلما تحتوي الساعةُ الدقيقة والدقية الثانية واليومُ يحتويها جميعاً، والأسبوع يحتوي ساعات اليوم فالشهر فالسنة...إلخ في دوائر تحتوي بعضها البعض إلى ما لا نهاية، ليكون الزمنُ آنياً وأزلياً، متغيراً وثابتاً، خاصاً وعاماً، ليختلفَ حجم اعترافِ الزمنِ بنا، بمقدرتنا على التنقل بنجاح بين دوائره.

أعتقدُ أن الحدث قد تخطت دائرة آيونية صغيرة جدا في فكرة الزمن وما زالت تمضي في دوائره مستمرةً وبثبات.