هناك العديد من المهارات التي يمكن لمن يقبل على تولي مهام جديدة إتقانها دونما الاعتماد على أي مصدر خارجي، وبالرغم من أنني أومن بأهمية التدريب ودوره في شحذ المهارات إلاَّ أنني أرى هذه القائمة من الأوليات التي يمكن اكتسابها سواء بالتدريب أو من خلال اتخاذ قرار ذاتي بالتميّز في تلك المهارات التي أرى بها طوق ’النجاة' ليس فقط في سياق الوظيفة المكتبية ولكن في أي شأن آخر مثل استكمال الدراسات العليا، أو الدخول إلى عالم العمل الحر، وما إلى ذلك من مهام تضفي إلى بناء ’علامة تفردك' التي تميزك أينما حللت.
هنا، أود الإشارة إلى أن هذه القائمة ليست من نسج الخيال ولا هي دراسة احتياجات لتحسين الأداء بل هي حصيلة تعاملات ومواقف في علاقات عمل امتدت على مر السنين كان فيها العوز لهذه المهارات حجر عثرة أمام سيرورة العمل، ودون إطالة أشارك معكم نصائح عشر لامتلاك تلك المهارات:
نشهد اليوم على قوة المعلومة التي غدت مع توفر محركات البحث عبر الإنترنت في متناول الصغير قبل الكبير، فالأداة بين يدينا تعطينا الكثير بحسب الطلب ولكنها تبقى مجرد أداة، لذا علينا معرفة الممارسات المُثلى لتوظيف هذه الأداة لخدمتنا في الوصول للمعلومات، ومثال ذلك التعرف على برنامج وورد الذي يحمل الكثير من الخواص الرائعة التي توفر الوقت الكثير ويمكنك الحصول عليها ببساطة باستخدام الأدوات المتاحة.
وهي مهارة غير تلك التي تكتبها في السيرة الذاتية وليست بالمهارة الصعبة أبدا إن تمكنت من الملاحظة وتتبع ما يجب فعله عند التواصل سواء كان التواصل المباشر مع الأفراد أو بالكتابة. منا من يناقش بأن ليس ثمة ما يكفي من الخبرة لكتابة رسالة أو إدارة حوار وهنا تتجلى أهمية النصيحة الأولى في التعلم، إذ أن التواصل مهارة يمكن اكتسابها بالممارسة اليومية.
نسمعها كثيرا وفي داخلنا نرد «ما أنا بقارئ»، ولكن كل من صادفت ولمست ذكاءهم جمعتهم القراءة. وهنا لا أخص القراءة الأدبية أو الثقافة العامة، وإنما التمعّن لما هو بين يديك للخروج منه بمعرفة، أو ملاحظة الثغرات، أو الكشف المبكر عن مشكلة محتملة أو حتى طرح الحلول، كل هذا وأكثر يأتي بمجرد قراءة نص رسالة أو وثيقة عطاء أو ما شابه قراءةً معمقةً وكاشفة للكثير، قراءة تضعك في مصاف الأذكياء في عيون الآخرين.
وهي نصيحة تحمل معان عدة ومما لا تحمله هنا هو التحاذق وألَّا يكون ’جوابك دائما على رأس لسانك'، وإنما يُقصد به التحضير لتدافع عن أي عمل أو مهمة أنجرتها بإجابات منطقية مدعّمة بالأدلة والحقائق راتقاً الكثير من فجوات الشك بجسور الثقة في قدراتك أو أدائك، مما يثمر ثماره باكتسابك ثقة أعمق لمهامك المستقبلية.
ترتبط كلمة مبادرة عادة بالريادة ولكنها أكثر أهمية عند العمل في المكتب فالمبادرة لغويا هي ’السبْق إلى اقتراح أمرٍ أو تحقيقه'، أما ترجمتها في بيئة العمل فتتجلى بكسر الروتين؛ مما يعزز ويعمق الفهم لمهام العمل ويجنبك رواسب الفشل حتى وإن لم تتقن بعض الأعمال.
وهي ما أصفه بـ’سرّ الصنعة' المتابعة وإغلاق الملفات مهارة لا يتقنها الكثيرون. ولكنها أثبتت بالدليل القاطع أنه من تابع حتى وإن امتدت مدة المتابعة لأشهر فهي بالضرورة تؤتي ثمارها وإلاَّ ستعود تلك العوالق لتطاردك في مهامك الجديدة وتلاصقك حملاً ثقيلاً يعيق تقدمك.
لا تنتظر أحدا ليخبرك بأن تقوم ببناء قاعدة بياناتك، أو توثيق معلومات الاتصال فهذه من أبجديات البناء الممنهج والمهني للعلاقات، ولا يقتصر ذلك على هاتفك النقال وحسب، بل عليك الاحتفاظ بملفات إلكترونية تحوي كافة البيانات من اسم، ومعلومات اتصال، واسم وظيفي، ومؤسسة، وطريقة التعرف بهذا الشخص أو ذاك، حتى وإن وصل بك الأمر تسجيل تاريخ ميلاده، فهذه معلومات هامة يمكنك توظيفها في علاقة مستقبلية.
من المصطلحات التي تدخل عالم الإدارة هي ’حس الملكية' أي أنه على الفرد أن يشعر بملكيته للمهمة التي يعمل عليها كي يسعى لتحقيق المراد، وهو ما يستدعي التفكير التشاركي والإدارة التشاورية وما إلى ذلك من نماذج ومنهجيات تعزز دور الفرد في تولي الأمور وإنجازها حتى النهاية. لذلك لا تتنازل عن ملكيتك في أي مهمة تقوم بها.
تأتي النصائح متباينة هنا، فمنهم من يقول لا تتوانى عن السؤال عن أي شيء ومنهم من يقول لا تسأل كثيراً فقد يكشف ذلك عن مكامن ضعفك، وهنا سوف اقتبس من الأسطورة أم كلثوم ’اسأل روحك' أولا ما الذي تود معرفته وكيف سيفيدك فيما تقوم به إن سألت عنه ومن المناسب (أو ما هي الوسيلة المناسبة) لمصدر الإجابة عن سؤالك.
وهي النصيحة الأصعب على الإطلاق لأنها لا تأتي بسهولة بل تزرع فينا منذ الصغر، ومن ينكفئ على تعاطي المنطق في الممارسات اليومية تنمو وتكبر قدراته المنطقية وتُجنبه التصادفية، فالمهارات لا تُبنى عشوائيا بل ينبغي لها أن تكون مثل البنيان المرصوص، فدعّم بُنيانك.
كما ترى نفسك يراك الناس! هل يعقل ذلك؟ نعم يعقل، فلترى نفسك قادراً لكي تتمكن من المضي في مسارك وتحقيق مرادك.