الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

نسألهم ببراءة .. لماذا يكرهوننا؟

2013-12-24 00:00:00
نسألهم ببراءة .. لماذا يكرهوننا؟
صورة ارشيفية

محمود الشناوي

مدير تحرير وكالة الشرق الأوسط

 

سؤال حائر تفرضه الأحداث التى يمر بها عالمنا العربي، يبدو أكثر إلحاحا من التساؤل الذي احتل واجهة المشهد عقب أحداث نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من سبتمبر عام 2011 «لماذا يكرهوننا»، لأننا بدورنا نسأل «لماذا الإصرار على كراهيتنا، إلى درجة تحويل حياتنا إلى جحيم مستمر، تستعر نيران الأزمات فيه إلى حالة يصبح فيها الموت أمنية للخلاص من هذا الألم، فلا أفق لحلول، ولا ضوء فى نهاية النفق، ولا نهاية للعبة الدومينو التى أجاد لاعبها  إغلاقها، ليضعنا أمام خيارين، إما قبول الهزيمة، أو قلب الطاولة لإشاعة أجواء من الفوضى، أملا فى تغيير تفاصيل اللحظة المهترئة.

عندما  انتشرت مشاهد الدمار الرهيب الذى لم يألفه العالم من قبل نتيجة مهمة انتحارية، اصطدمت فيها الطائرات المخطوفة بهدفها محدثة به دمارًا تاما لأهم رموز الرفاهية الأمريكية «برجي مركز التجارة»، كتب المنظر الأمريكي الجنسية الهندي الأصل فريد زكريا عبر «النيوزويك» مطلقا صيحة شهيرة، لماذا يكرهوننا؟، كان القصد وقتها معرفة الدوافع التي وقفت وراء النار والدمار في مشاهد الطائرات التي ضربت البلاد والعباد، وما يزال البحث جاريا على قدم وساق، إلا أن التساؤل إرتد إلينا على مايبدو لعنات وطعنات، دون أدنى محاولة لتغيير منحى الكراهية، في حالة تشبه الاستيلاب وعدم اليقين بأننا بشر نستحق قدرا من الحب والتعاطف مع قضايانا ومآسينا.

وبدلا من أن يكون التساؤل حول أسباب الكراهية مقدمة لإذابة الجليد ووضع خطط لوقف مآسي المنطقة، أو مسارات لحل القضية الأم التى تمثل نواة الشعور بالألم من الغرب، وهي القضية الفلسطينية، أطلق الغرب نيرانه باتجاه المنطقة العربية محاولا أن يصور لهيبها على أنه “نسمات ربيع”، مستغلا حاجتنا للتغيير ورغبتنا فى التخلص من أنظمة أحالت سنوات عمرنا رمادا، وبنت من ثرواتنا شواهد لقبور أحلامنا التي كادت أن تنتحر على أسوار قصور الظلم والفساد.

وبدلا من أن تقوم أمريكا والغرب بترجمة موجة التفاؤل التي حلقت في سماء العلاقات العربية  الإسلامية - الأمريكية غداة وصول الرئيس الأمريكي الجديد وقتها باراك أوباما، خاصة بعد خطابه الشهير في جامعة القاهرة (5 يونيو2009)، والوعود التي قطعها بحتمية إيجاد حلول جذرية لكثير من مشكلات تلك المنطقة المنكوبة بميراث الألم، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وضرورة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وحق الفلسطينيين في تراب وطني يعيشون عليه بأمان بجانب الدولة الإسرائيلية، بدلا من البناء على هذا التفاؤل، أحالوا أحلامنا يأسا وبؤسا وحرائق أعادت إنتاج الكراهية المتبادلة، وجعلتنا نتساءل بحيرة مشوبة بالألم، لماذا يصرون على كراهيتنا؟

فبعد اندلاع موجات التغيير التي حملت اسم “الربيع العربي” وهو الاسم البديل لنمط “الخريف الراديكالي” الذي كان التخلص منه حلما راود الجميع، فوجئنا بكابوس فرض علينا حالة من التيه وانعدام الوزن، دفعت الجميع إلى عودة “حلم الخلاص” من الواقع المرير، حتى وإن كان ذلك يعني عودة الديكتاتورية التي أصبحت معادلا موضوعيا للاستقرار والشعور بالأمن، رغم كل ما جرته تلك الديكتاتوريات على أوطاننا وشعوبنا من ويلات على قاعدة “الهم ولا تجار الدم”، فتونس بنار الإخوان تحترق، وليبيا بنار الفوضى تحترق، وسوريا بنار الفتنة تحترق، واليمن بنيران العنف يحترق، ومصر تعيش زمن الحرائق لكنها تأبى أن تحترق، أما فلسطين الصامدة فقد ضاع صوت قضيتها - أو كاد- بسبب تلك “الفوضى الخلاقة” .

ربما تسوغ تلك الحرائق مبررات تجعل العالم العربي أكثر كرها للسياسات الأمريكية - وتابعها الغرب – وتضع نهاية للبحث عن إجابة لتساؤل “لماذا يكرهوننا؟” أما سؤالنا البريء “لماذا يصرون على كرهنا؟” فيبدو أنه سوف يبقى حائرا، لأن إجابته لن تأتي أبدا