الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

فتح وحماس في الدوامة/ بقلم: نبيل عمرو

2018-12-02 12:14:23 PM
فتح وحماس في الدوامة/ بقلم: نبيل عمرو
د. نبيل عمرو

 

استؤنفت الحرب الكلامية الشرسة بين فتح وحماس ولكن بلغة أقسى وأشد مما كانت عليه.

وكل ما قيل عن فرص سنحت لإحداث اختراق ولو طفيف في ملف المصالحة، كانت فيما يبدو مجرد استنتاجات دعائية ووهمية، أي لا مكان لها على أرض الواقع.

وفي وضع كهذا تثور أسئلة قديمة جديدة، هل ستتوقف المساعي المصرية أم ستستأنف؟

هل سيتوجه الفرقاء الى موسكو او سوتشي او استانة، لتجربة حظهم استجابة لدعوة الوزير لافروف؟

وهل ستدلي قطر وتركيا معا أو كل على حدة بدلوهما في بئر المصالحة العميق والجاف؟

وهل سنسمع بتحرك جديد للسيد ملادينوف مبعوث الأمم المتحدة؟

لا أحد يعرف الجواب عن هذه الأسئلة، فقد يكون هناك مستثمرون جدد يتطوعون للدخول إلى المصالحة كوسطاء.

غير أن جميع المراقبين والمتابعين يعرفون النتيجة... لا تقدم، بل حتما تأخر قياسي على ما أنتجته إحدى عشرة سنة من المحاولات البائسة.

خطوة إلى الأمام على الورق وخطوتان إلى الوراء على الأرض.

البسطاء ممن لا يزالون يهتمون بحكاية المصالحة، والذين يتناقصون بعد كل محاولة فاشلة واقصد القلة التي تبقت منهم، سيطالعون في يوم ما في الصحف أن وفدين من فتح وحماس سيتوجهان إلى العاصمة الفلانية، وسيجتمعان برجال المخابرات ممن يمسكون بالملف المتقادم، وسيناقشان كل على حدة، إذ من العيب أن يجتمعا في غرفة واحدة.

أفكار جديدة يكون قد جرى استنساخها أو انتقائها من الأفكار القديمة، ومجاملة للمضيفين سيقال إنها أفكار بناءة تستحق أن نحملها ونعود بها إلى قيادتنا في رام الله وغزة، وغالبا وبفعل محدودية السفر يحتاج وفد حماس الضخم إلى جولة على عدد من العواصم لإجراء مشاورات مع قيادات الخارج، التزاما من الحركة الإسلامية بأصول الشورى التي تسمى لدى الحركات العلمانية بالديموقراطية.

ستستمر الدوامة إياها بالدوران، إذ فيما يبدو لا تكفي إحدى عشرة سنة للتسليم بالفشل، وما أعنيه بالفشل ليس عدم الوصول إلى المصالحة بل عدم إيجاد بديل عن اللف والدوران والسباحة في الدوامة، فما دام هنالك تذاكر طيران وعواصم تدعو وفنادق تستضيف فالحوار يتواصل.

ننتقل من المصالحة إلى التهدئة، إذ يبدو ويا للمفارقة، أن أي أمر بين فلسطينيين وإسرائيليين، أسهل من أي أمر بين فلسطينيين وفلسطينيين، فحتى الآن صمدت التهدئة إلا من بعض خروقات طفيفة، ليس لأن ركائزها متينة بل لأن نتنياهو سيد التهدئة والتصعيد، يراها أفضل من الانشغال بعملية عسكرية، بينما هو غارق حتى أذنيه في إشكالات ائتلافه واحتمالات الذهاب إلى انتخابات مبكرة، وإذا ما رجح احتمال المبكرة فستكون التهدئة أو التصعيد العسكري هما القول الفصل في أمر فوز نتنياهو من عدمه، فإن قالت استطلاعات الرأي إن التهدئة مرغوبة عند جمهور الناخبين فسيحميها نتنياهو بحدقات عيونه، حتى لو اضطر إلى حمل حقائب المال القطري على ظهره والذهاب بها إلى غزة وتسليمها للسنوار دون التدقيق في أي مجال ستنفق، أما إذا كان العكس وذلك احتمال أقرب، فالتهدئة ستكون كالمصالحة أثرا بعد عين.

حتى الآن وربما إلى أجل غير مسمى تظل الصورة هكذا ودوامة المصالحة والتهدئة تواصل الدوران حول ذاتها، وهنالك من يستمتع بركوبها وإدمان اللف والدوران بها ومعها، ويقول البسطاء والأبرياء إن المخرج من الدوامة يكمن في انتخابات عامة يقرر فيها الشعب من يخرجه منها، وهذا قول عاقل وحكيم ولكن ينقصه أمر واحد حتى يكون حقيقيا ألا وهو رغبة مدمني اللف والدوران في الدوامة بالخروج منها، فإن رغبوا يذهبون إلى الصناديق، وإن لم يرغبوا سيواصلون التفتيش عن وسطاء لدعوتهم إلى الجولة المائة بعد الألف من الحوار.