السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

وَحْدَي أَرَى العُشْبَ ناصر القواسمى

2018-12-08 02:24:29 PM
وَحْدَي أَرَى العُشْبَ
ناصر القواسمى
ناصر القواسمى

كَأَيِّ مَاءٍ تَدَلَّى مِنْ غَيمٍ شَفِيفٍ وَحَطَّ فِي حَجَرِ

كَخَيْطِ الوَردِ في ظِلِّ قَمَر

كانْتِبَاهِ الهَوَاءِ لذُهُولِ الرعْشَةِ فِي رَحْمِ الشَجَرِ

وَمَسَّني هَاجِسُ الخَائِفينَ

فَانْتَخَبْتُ العُلُوَّ

وَقَبَضْتُ بِيَدِي عَلى دَهْشَةِ البَرَاعِمِ

فِي أَوَّلِ السَحَرِ

لا وَرْدَ يُفضِي للغَرِيبِ

وعَادَةُ النهاياتِ مَا تَكْتَفِي كَالغُرَبَاءِ بِغَضِّ البَصَرِ

وَحْدِي ،

أُفَاوِضُ الشَمْسَ عَنْ ظِلِّي

أَحْتَسِي غَيمَ الحَنِينِ الى وَجْهِي فِي التَجَلِّي

وَأُصَلِّي ،

لِخَمْسِينَ وَرْدَةٍ تَصْعَدُ الهَوَاءَ وَتَسْتَعِدُّ لِقَتْلِي

فَمِي مُشرَّعٌ للغِنَاءِ وَعَينايَ

 رُوحَانِ في الوَتَرِ

كَفِّي كَفَافُ السَفَرْجَلِ

وَعُنُقِي وَهَجُ الصُعُودِ الى مَجَازِ الفُضُولِ

فِي رَحمِي تِسعُ فُصولٍ

وَأَلِدُ حِينَ أَلِدُ جَنيناً عَبْقَرِيًا مِنَ الذُهُولِ

لا قُبَّراتُ تُخْبِرُ عَنْ مِعْرَاجِي

ولا سُنُونواتُ تَحْتَفِي بِمَوْعِدِ وُصُولِي

وَحْدِي ،

أَشُدُّ اليَّ الغَيْمَات وَأَصْنَعُ مِنْ أَلَمِي

تَبغِي وَتِبري

صوَّانِي يحفُّ السَمَاءَ

وأَلْواني بَارِدَةٌ كَمَوْتى يَحْمِلُونَ الأَرضَ وَيَمْضُونَ

الى لا شَأْنَ ،

والشَاهِقُ شَأْنُ الغُرَبَاءِ فِي هَذَا الجُنُونِ

بَرقٌ خَفِيفٌ بِكَامِلِ الوَدَاعَةِ

يُضْفِي الرَمَادَ يَاسمِيناً بَحِيحاً فِي العُيُونِ

أُحِبُّ الأمكَنَة كظلّي ،

وَأَخْتَلِطُ عَلَى الجِهَاتِ كَحَرْفٍ مُوثق بِالسُكونِ

أُزيحُ الماءَ عَنِ الفَجْرِ كُلَّمَا بَسَمْتُ بِثَغْرِي

وحدي ،

أكنسُ الحَربَ بِأَصَابِعَ مِنْ تُوتٍ

وَأَعْجِنُ الأَلْوَانَ أَغَانٍ للغُربَاءِ في الحَوَانيتِ وَالسَمَاءِ

لِي كُلُّ هَذِهِ المُسْتَدِيرةُ

ولِي هذَا الصَدَى فِي البَعِيدِ يُغَنِّي للخُبزِ وَللفُقَراءِ

ولِي مَا أَشَاءُ مِنَ الهَوَى

مِنْ فَضْفَضَةِ الرُوحِ للقمَاشِ عِندَ طَرفِ المسَاءِ

كَأَيِّ ذُهولٍ يَمْتَصُّ القُلُوبَ

وَيُدَوْزِنُ الرُؤْيَةَ فِي لَوْحَةِ الكَونِ وَفِي الأَرْجَاءِ

وَحْدِي ،

أَغُطُّ الفُرْشَاةَ بِدَمِ اللونِ وَأَثْنِي خَيطَ الماءِ

كي يَمُرَّ الوَهجُ

وكي أَفُضَّ سَمَاجَةَ الكَوْكَبِ المُكْتَظِّ بالشَقَاءِ

فأَصَنْعَ عَالَمَاً يَلِيقُ بِي

عَالَمَاً يُمْكِنُهُ التبسُّمَ للحَيَاةِ رُغْمَ الموتِ وَالفَنَاءِ

وَحْدِي ،

أَرَى العُشْبَ الخَفيفَ إِلَهاً يَشُقُّ يَبَاسَ الصَخْرِ