الحدث- ريم أبو لبن
في إحدى الأزقة القديمة برام الله والمعبقة برائحة الجلود الطبيعة منذ عام 1921م، صُنعت الحكايات التي تقلدت تفاصيلها الدقيقة يد فلسطينية امتدت جذورها من الخليل، لتستوطن في بقاع الأرض حتى في الدولة المعادية "أمريكا".
التجوال بين رفوف ذاك المكان الحيوي القابع وسط المدينة قد يجعلك تقف على ناصية الأحذية الجلدية الطبيعية والمصنعة يدوية وبكافة اشكالها، وقد يلوذ بك الفضول لتستكشف ذاك الحذاء الكبير والذي يطلق عليه بالعامية اسم "الصندل"، حيث تجده متربعاً على عرشه بين الأحذية الصغيرة الأخرى ليصل مقاسه إلى 60 ومصمم لرجل ستيني ويحمل جنسية صومالية.
"مقاسه 60 ويكلف صاحبه دفع مبلغ يقدربـ 1000 شيقل". هذا ما أكده لؤي البكري لـ"الحدث" وهو صاحب محال لبيع الأحذية المصنعة يدوياً في مدينة رام الله، لاسيما وأن محاله القديم قد جذب السياح الأجانب والوافدين من مختلف الدول، ليحط بهم في عالم مشبع بالجلود وبالصناعة الوطنية، ويقص عليهم حكايات قديمة تُسرد على أعتاب مثقلة بالغبار و تروي حكاية المدينة عام 1921.
فما قصة ذاك الحذاء؟
قال البكري لـ"الحدث" : "ذات يوم جاءنا أحد سكان المدينة وطلب مني صنع حذاء وبمقياس 60، وعندها شعرت بالاستغراب ولأول مرة أصنع حذاءً بهذا المقياس الغير طبيعي، غير أن قد استغرق صنعه يومين متتاليين".
أضاف البكري: "صنعت ذاك الحذاء (الصندل) لرجل يبلغ من العمر الستين، و من جنسية صومالية وهو يقطن في أمريكا، ومعروف بكونه إمام لأحد المساجد في ولاية أمريكية".
واستكمل حديثه قائلاً : " لا أعرف ذاك الرجل، ولكن قيل لي بأنه رجل فقير ويسير دون حذاء، لذا طلب أحدهم مني صناعته لكي يردتيه أمام العامة، وقد تم تصنيعه بشكل يدوي ومن الجلد الطبيعي بجانب مادة الكاوشوك (إيفا)".
لم يكن ذاك الحذاء (كبير الحجم) وحده من تقلد قدم أحد المارين الأجانب، وإنما هناك حذاء اخر مخصص للعروس في ليلة زفافها، وبه حذاء أبيض يصل ارتفاع كعبه لـ 20سم.
الصناعة المحلية للأحذية تشكل رافداً اقتصادياً مهماً للمدينة، لاسميا وأن صناعة الأحذية في الخليل تشكل أهم تلك الروافد وهي رافعة للاقتصاد الوطني الذي يسعى لمحاربة "سطوة" السوق، و التبعية الاقتصادية الفلسطينية لدولة الاحتلال الإسرائيلي.