الحدث ــ محمد بدر
من المتعارف عليه أمنيا أن أجهزة أمن الاحتلال لا تقوم باغتيال المطارد أو منفذ أي عملية بعد انكشاف مكانه مباشرة. تخضع هذه الأجهزة المطارد لعدة أيام من المتابعة بشكل حذر إلا إذا كان الأمر يتعلق بتنفيذ عملية فدائية واغتياله بشكل فوري يمنع وقوعها. الهدف من هذه الخطوة هو تفكيك شبكة العلاقات المحيطة الاجتماعية والأمنية، حتى لا يؤثر اغتيال المطارد على الرؤية الأمنية ودراسة الحالة ككل.
من المتوقع وشبه المؤكد أن المطارد أشرف نعالوة خضع لمراقبة أيام أو ساعات على الأقل في المكان الذي كان يتواجد فيه، ولكن تزامن ذلك مع ملاحقة منفذي عملية عوفرا، قد يكون أجل اغتياله، حتى يتم تنفيذ ضربة قوية لعمليتين قويتين من أجل إحباط الحالة التي خلقها هؤلاء المقاومين بعملياتهم داخل الشارع الفلسطيني.
ساعات فصلت بين عمليتي الاغتيال والإعدام، وأرادت أجهزة أمن الاحتلال أن تظهر بمظهر أسطوري لتشكيل نوع من الردع المعنوي في الضفة التي تشير كل التقارير الإسرائيلية أنها ذاهبة باتجاه المواجهة. ولكن الأمن الإسرائيلي في كل مرة يفشل في تقدير الموقف.
ذهبوا جنوبا لاستعادة ردعهم المتآكل، فأمطرتهم غزة بمئات الصواريخ، وذهبوا شمالا بعملية "درع الشمال" فتحولت من عملية لرفع معنويات المستوطنين لعملية أدخلتهم حالة من الرعب والذعر، وفي الضفة حاولوا تشكيل حالة من الردع، فتزايد عدد العمليات الفدائية، لدرجة أن موقع كول حاي العبري قال في تقرير له إن ضابطا أصيب بالضفة ولم يعلن عن إصابته، وإن الجيش والمخابرات يتكتمون على ما يحدث بالضفة.
الإجابة الحقيقية على هذا الاختبار متعدد الجبهات استقرت أخيرا بالقدس. بعد ساعات من اغتيال المطارد أشرف نعالوة والإعلان الإسرائيلي عن اغتيال صالح البرغوثي والذي بحسب الإعلام العبري مشتبه بمشاركته في عملية عوفرا، كانت فتاة مقدسية تحمل الإجابة لكل الجبهات ولمنظومة الردع الإسرائيلية ولمبدأ الاستقرار والتطبيع، لتطعن اثنين من جنود الاحتلال وتصيبهم بجراح.