الخميس  14 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

المستفيدون من الإعمار يتأرجحون على حبال انتظار التمويل وعدم كفايته

عدنان أبو حسنة: من حق كل فلسطيني دُمر بيته إعادة بنائه والعيش داخله بكرامة

2014-12-23 12:33:58 AM
المستفيدون من الإعمار يتأرجحون على حبال انتظار التمويل وعدم كفايته
صورة ارشيفية
باسل ناصر: ضخامة الأعداد وضآلة التمويل تُعيق عمليات الاستفادة السريعة
 
 
الحدث- محاسن أصرف
 
حالة من القلق والإرباك انتابت بعض الفلسطينيين الذين تضررت منازلهم ومؤسساتهم خلال الحرب الأخيرة على غزة جراء تأخر الحصول على حقوقهم في التعويضات المالية أو مواد إعادة الإعمار كـالإسمنت، التي تعهد بها مؤتمر المانحين في القاهرة، وبلغت وقتها (5.4) مليار دولار.
ويُعاني المتضررون في قطاع غزة من بطء إجراءات العمل وتنفيذ وعود المؤسسات الرسمية المشرفة على عملية إعادة الإعمار، ويُشير المتضررون إلى أنهم انتظروا طويلاً من أجل الحصول على مستحقاتهم لكن دون جدوى، فيما يُرجع المسؤولون عدم تنفيذ الوعود ومنح المتضررين مستحقاتهم إلى ضخامة الأعداد مقارنة مع ضآلة التمويل وضآلة كميات الإسمنت ومواد البناء الداخلة إلى القطاع ضمن آلية "سيري" لإعادة الإعمار.
"الحدث" تقترب أكثر من معاناة المتضررين المستفيدين من الإعمار، تقف على شكواهم وتقف على أسباب تأخر حصولهم على مستحقاتهم في التعويضات التي أُقرت من قبل المؤسسات المعنية بحصر الأضرار وتلقى الأموال من الدول المانحة لتوزيعها وفق التقديرات الرسمية والمثبتة في محاضر وكشوفات للزيارات الميدانية.
بطء الإجراءات
تعيش "بثينة رشدي" من حي الزيتون شرق مدينة غزة، حالة من الترقب والقلق بانتظار البدء الفعلي بإعادة إعمار البيوت التي دُمرت كلياً خلال الحرب، وتقول لـ"الحدث": "تلقينا الكثير من الوعود بحصولنا على بدل إيجار حتى إعادة إعمار بيتنا في منطقة الزيتون، وحصلنا على وثيقة تُثبت أحقيتنا ببدل الإيجار، ولكن حتى الآن لم يتم تنفيذ الوعد".
وتُشير بثينة إلى أن حالة التلكؤ في تنفيذ عقد بدل الإيجار من قبل المؤسسات المعنية اضطرتهم إلى البحث عن منزل ودفع إيجاره مقدماً مما توفر لديهم من أموال لحين الحصول على التعويض المثبت حبراً على ورق، وأضافت: "لا نستطيع البقاء عند الأقارب، في النهاية لكل حياة يُريد أن يعيشها براحة وكرامة".
عشوائية في التوزيع
وفي سياق متصل أشار المواطن "مؤمن المزين" إلى حالة من العشوائية في توزيع الأضرار سواء الإسمنت اللازم لإعادة تأهيل المساكن المدمرة جزئياً أو عقود بدل الإيجار، لافتاً أن بعض الأفراد لديهم أضرار بسيطة جداً وحين تم تسليمهم كوبون الإسمنت قاموا ببيعه في السوق السوداء نظراً لعدم تأثير أضرارهم البسيطة على مجرى حياتهم وإمكانية العيش في منازلهم بوجود ثقوب الهدم الطفيفة، وتابع، في المقابل من هم أكثر ضرراً لم يتم تسليمهم حتى الآن مستحقاتهم من الإسمنت لإعادة تأهيل بيوتهم، مطالباً بإيجاد آلية منظمة لتوزيع مستحقات الأضرار وفق الحاجة المُلحة وليس بعشوائية كما هو موجود.
لم يأتِ دورك
وفي غرفة داخل منزله المدمر كلياً في حي الفراحين ببلدة عبسان الكبيرة، يجلس "خميني قديح" 34 عاماً ينتظر أن يأتي دوره في الحصول على التعويض اللازم أو البدء بإعادة بناء بيته الذي كلفه 70 ألف دينار، ناهيك عن خسائر أرضه الزراعية ومزرعة الدواجن والأغنام خاصته، يقول: "مرت ثلاثة أشهر على انتهاء الحرب وحتى الآن لم تلح في الأفق بادرة لتعويضنا ببدل إيجار أو حتى إعلامنا بإزالة الركام والبدء بإعادة إعمار المنزل"، ويُتابع: "لم أترك أي وسيلة لتسجيل وحصر الأضرار إلا وتقدمت بها ولكن حتى الآن بلا جدوى"، لافتاً إلى أن الكثيرين ممن كانت أضرارهم جزئية حصلوا على تعويضات سواء مالية أو كوبون إسمنت لإصلاح منازلهم، متسائلاً: "متى سيأتي دور تعويضات الهدم الكلي؟ وهل سيُعيد التعويض بيوتهم إلى حالها من بناء وأثاث أم مجرد أعمدة وجدران خرسانية؟".
توضيح رسمي
ودفع تذمر بعض المواطنين من خلو الكشوفات التي تخرج عن المؤسسات المعنية بالإعمار، سواء الدولية العاملة في القطاع أو وزارة الأشغال من أسمائهم رغم أن بيوتهم تضررت سواء بالهدم الكلي أو الجزئي، مراسلة "الحدث" للبحث عن تفسير لدى المؤسسات الرسمية، فأوضح "ناجي سرحان" وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في قطاع غزة أن عدم حصول بعض المستفيدين من إعادة الإعمار على كوبون الإسمنت اللازم لتعمير بيوتهم المهدمة جزئياً لا ينطوي على إجراءات تعسفية بمنعهم من الحصول على حقوقهم في الإعمار، وإنما لضآلة كميات الإسمنت المتوفرة في مخازن الموردين المعتمدين في قطاع غزة، وقال: "نتريث قليلاً في الإعلان عن أسماء المستفيدين من كوبون الإسمنت حتى تتوفر الكميات كاملة لكافة الأفراد الذين تم إدراجهم في كشوفات الشؤون المدنية والذين يكونون قد استوفوا الشروط"، لافتاً أن جميع من سُجل وأحصي وتم تقدير أضراره سيحصل على مستحقاته، مطالباً المؤسسات الدولية الإيفاء بالتعهدات المالية التي تم الإعلان عنها في مؤتمر المانحين بالقاهرة.
يُذكر أن وزارة الأشغال في غزة تعمد إلى منح المتضررين إفادات بالأضرار التي تعرضوا لها وفقاً لرغبتهم للاستفادة منها في الجامعات أو أي أغراض أخرى.
وتُشير تقديرات المعابر إلى أن الكميات التي تدخل من الإسمنت لا زالت ضئيلة ولا تُشكل نقطة في بحر الاحتياج الفلسطيني لإعادة الإعمار، ويتمنى "سرحان" الاستمرار في توريد الإسمنت إلى القطاع بلا توقف وبالكميات المطلوبة من أجل إنهاء مرحلة تأهيل البيوت المدمرة جزئياً والبدء بعملية البناء للمتضررين بشكل كلي.
ضخامة الأعداد
ومن جانبه أوضح "عدنان أبو حسنة" الناطق الإعلامي في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين بغزة، أن المتضررين يُحصّلون حقوقهم في بدل الإيجار وكوبون الإسمنت بالتوازي بين جميع المحافظات، وقال في تصريحات لـ"الحدث": "لا أفضلية لأحد على الآخر ومن حق الجميع أن يعيد إعمار بيته"، وحول سبب الأزمة وشكوى العديد من المواطنين من العشوائية في التوزيع أوضح "أبو حسنة" أن ضخامة أعداد الأفراد المدمرة بيوتهم والمقدرة بحوالي 90 ألف منزل تتطلب جهوداً جبارة لتوفير التعويضات المناسبة وكلما توفرت نُحولها لهم، قائلاً: "إن ذلك قد يؤدي إلى تسلم أحدهم قبل الآخر ولكن ليس بقصد"، وكشف أنهم أتموا خلال الأسبوع الماضي تسليم حوالي 45 ألف عائلة التعويضات المناسبة سواء بدل أضرار طفيفة أو بدل إيجار لمن دمرت بيوتهم بشكل كلي أو كوبون إسمنت لمن تضررت بيوتهم جزئياً وبحاجة إلى تأهيلها للتمكن من العيش بها، لافتاً إلى أن عملية تسلم المستحقات مستمرة بمعدل 1500 شخص يومياً.
وتُلزم الأونروا المستفيدين بتقديم الإفادة التي تُمكنهم من الحصول على المستحقات سواء بدل الضرر الجزئي، أو كوبون الإسمنت أو بدل الإيجار، ويؤكد "أبو حسنة" أن ضخامة الأعداد وطول الإجراءات لإثبات الأحقية في الحصول على المستحقات من شأنها أن تبطئ من العملية وتجعل البعض يتسلم مستحقات الأضرار والبعض يبقى على قائمة الانتظار لحين وصول الإسمنت وإيفاء الجهات المانحة التي تعهدت بالإعمار بالتزاماتها المالية، وطمأن "أبو حسنة" المستفيدين قائلاً: "العملية في ازدياد مستمر، ومن لم يتسلم خلال الأسابيع القادمة سيحصل على مستحقاته كما أقرتها اللجنة".
ضآلة التعهدات المالية
ويُوافقه الرأي باسل ناصر مدير البرامج في مؤسسة UNDP، الذي أكد أنهم كمؤسسة دولية عاملة في القطاع مُساندة لوزارة الأشغال عمدت إلى حصر الأضرار لما يُقارب 28 ألف أسرة وفتحت باب التظلم لمعاودة فحص الأضرار، لمن أراد، وقد بلغ عددهم 1200 حالة تقدموا بطلبات لإعادة الفحص.
ويذكر "ناصر" أن عملية توزيع مستحقات الأضرار تكون وفقاً لما يتوفر لدى مؤسسته من أموال الدول المانحة التي تعهدت بإعادة إعمار القطاع في مؤتمر المانحين المنعقد بالقاهرة منتصف أكتوبر الماضي، وأشار إلى أنه على صعيد مؤسسته فإن أموال الدول المانحة كانت في أكثر من مشروع، ولم تختص فقط بالتعويضات، وبمزيد من التوضيح قال: "هناك مبالغ رُصدت لعمليات إزالة الركام وقُدرت بـ3.2 مليون دولار من السويد، وحوالي 500 ألف دولار من الحكومة اليابانية و10مليون دولار من الوكالة الأمريكية للتنمية"، وتابع أن عمليات إزالة الركام بدأت في منطقة الشجاعية وستستمر في كافة محافظات القطاع، وفيما يتعلق بإعادة إعمار المنازل أكد "ناصر" أن مؤسسته حصلت على تمويل بقيمة 10 مليون دولار من البنك الإسلامي للتنمية من أجل إعمار (600-700) وحدة سكنية متضررة بشكل كبير جداً، ناهيك عن العمل على توفير سكن مؤقت لمن فقدوا بيوتهم وشردوا في مراكز الإيواء، وقال: "دفعنا لحوالي 800 أسرة بدل إيجار من خلال تمويل من المؤسسة بقيمة مليون و100 ألف دولار، وسيتم تعويض آخرين عبر تمويل من الحكومة السويدية التي تبرعت بمبلغ 3.4 مليون دولار، وأشار إلى أن هذا المبلغ سيوفر إيجارات لحوالي 1500 أسرة إضافية، ليُصبح عدد الأسر التي تلقت بدل إيجار 2300 أسرة لمدة قصيرة فقط تتراوح بين 4-6 شهور، وأوضح أن مؤسسته تقوم بكل جهد ممكن من أجل إيصال التمويل اللازم لدفع مستحقات التعويضات للمتضررين لحين البدء الفعلي بإعادة الإعمار ولكنها لن تتمكن وحدها بسبب ضخامة الأعداد مقابل كميات التمويل، وأضاف: "الاحتياجات مهولة، نحتاج إلى 40 مليون دولار بدل إيجار لـ 5000 أسرة لمدة عامين حتى يتم إعادة بيوتهم".
وحول شكوى بعض المواطنين من تأخر حصولهم على تعويضات بدل الإيجار أكد "ناصر" أن الأمر يتعلق بالمعايير التي تضعها مؤسسته في تحديد الأولوية للمستفيدين، لافتاً أن الفئات الأقرب للاستفادة من بدل الإيجار هي الأسر التي لا تملك مكاناً للسكن وتفترش مراكز الإيواء، والأسر التي تُعليها امرأة والأسر التي تحتوي على أشخاص ذوي إعاقة.
ولم يُحول من الأموال التي تعهد بها المانحون والبالغة 5.4 مليار دولار سوى 2% فقط وفق ما تحدث به مسؤولون في الأمم المتحدة، حيث أفاد "روبرت تيرنر" مدير العمليات في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) بغزة أنهم تلقوا تمويلات وتعهدات بنحو مئة مليون دولار فقط لأغراض الإيواء والإصلاح، ونوه في بيان حصلت "الحدث" على نسخة منه أن تلك الأموال ستنفذ إلى حد كبير في يناير 2015، وسيكون هناك نقص في التمويلات اللازمة للإيواء والمنازل بقيمة 620 مليون دولار.