الجمعة  01 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

نقص الأدوية والعلاج المكمل أسباب للتحويلات الطبية

المواطن يدفع 40% من إحتياجاته الصحية رغم امتلاكه للتأمين الصحي

2014-12-23 12:38:06 AM
نقص الأدوية والعلاج المكمل أسباب للتحويلات الطبية
صورة ارشيفية
الحدث - هيثم الشريف
 
سجى ثوابته، طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات، ولدت وهي تعاني من تشوهات في الرأس والأطراف، حيث كانت يداها مجرد كتلة لحمية مغلقة بها عظم، أما جبينها فقد كان غائرا للداخل، وقد حصلت أسرتها على عدة تحويلات طبية حسب ما قالت والدتها صفاء عبدالهادي أبو الفحم من رام الله: "حصلنا لها على أول تحويلة لإسرائيل حين كان عمرها 7 أشهر، حيث أجريت لها عملية إبراز الجبين، بعدها حصلنا على أربع تحويلات لـ4 عمليات (بواقع عمليتين لكل يد كل ثلاثة أشهر) في المدينة الطبية بالأردن، ورغم تمكننا من عمل 4 اصابع في كل يد، إلا أن مظهرهما كان بشعاً، فلجأنا إلى وزارة الصحة من أجل الحصول على تحويلة جديدة، غير أن رد وزارة الصحة كان أن هذا الأمر تجميلي وليس علاجي! فتقدمت للهيئة بشكوى في شهر 8 من العام 2013، طالبة الحصول على  استثناء من أجل إجراء عملية تساهم في تحسين شكل الأيدي الملتصقة لطفلتي، ولا زلت للآن أنتظر".
الـحدث راجعت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان لمعرفة ما استجد على الشكوى المتعلقة بالطفلة المذكورة، وقد أخبرنا بأن وزارة الصحة قد وافقت أخيراً وبشكل استثنائي على إجراء العملية للطفلة المذكورة في هولندا، الأمر الذي بشرنا به والدتها، والتي طالبناها بمراجعة الجهات المعنية لمتابعة أمر ابنتها.  
قصة هذه الطفلة واحدة من قصص كثيرة متصلة بقضية التحويلات الطبية، والتي من بينها أيضاً قصة الشاب (أكرم) 22 عاماً من جنين، والذي تأخر تنفيذ التحويلة الخاصة به 3 سنوات وفق ما أخبرنا به والده محمد أباظة: "اصيب ابني بالتهاب حاد في الأذن امتد للجمجمة وقاع المخ، وكان أمره خطيراً وصعباً، فتوجهت لوزارة الصحة بكل التقارير الطبية اللازمة حول الحالة، حيث قررت اللجنة الطبية تحويله لأحد مستشفيات القدس الشرقية، ليتبين لاحقاً أن المستشفى لا يوجد لديه جهاز لحماية (العصب السابع) خشية تعرضه للشلل أثناء العملية! ما قد يشكل خطراً أكبر على ابني، والذي يعني في ذات الوقت أن الخدمة التي يوفرونها ناقصة! فعدت لوزارة الصحة طالباً تحويله لمركز جراحي خاص، لكن ردهم المؤلم كان بأن هذا العلاج ليس من ضمن سلة الخدمات التي يجري تحويلها! فقدمت شكوى لدى الهيئة مطلع العام 2013، تلتها شكوى أخرى في شهر 10 من نفس العام، طالبت فيها بتنفيذ قرار تحويل للمشافي الإسرائيلية صدر قبل أشهر دون أن يصار إلى تنفيذه، وفي ذات الوقت توجهت لمكتب المساعدات العلاجية في مكتب الرئيس، وبينت لهم أن ابني قد يفقد السمع تماماً، فأمر الرئيس بتحويله إلى مستشفى داخل إسرائيل، حيث تم إجراء العملية في شهر آذار الماضي، وقد أخبرت في المستشفى أن العلاج قد تأخر ثلاث سنوات، ومن واقع هذه التجربة أعتقد أن مشكلة وزارة الصحة أنها حين تقوم بالتحويل لداخل المستشفيات الفلسطينية، لا تخبر المريض إن كان العلاج ناقصاً، أو إذا ما كان هناك علاج أفضل في مكان آخر!".
ليس فرضية نقص العلاج المشكلة الوحيدة التي قد لا يتنبه لها من يجري تحويلهم، فالمشكلة الأكبر حين يجري تحويل أحدهم عدة مرات لمستشفى لا تتوفر فيه الخدمة، فقد أبلغنا في فترة إجراء التحقيق، ومن مصدر تحفظ على ذكر اسمه، بأمر شاب يعاني من تساقط اللحم عن جسده، ومن أنه قد جرى تحويله 3 مرات لمشفى محلي في القدس الشرقية، رغم عدم توفر العلاج له فيه، وأنه لذلك كان يمكث في المستشفى أسبوعاً أو يزيد في كل مرة ثم يتركه دون علاج وفق ذات المصدر.
الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم) قالت على لسان الباحث القانوني المحامي معن ادعيس إنها تلقت في العام 2013، 126 شكوى متعلقة بالحق في الصحة، بينما عدد الشكاوى المتصلة بالتحويلات الطبية لذات الفترة، إضافة لما تم رصده من مجموع الشكاوى المتعلقة بالحق في الصحة حتى نهاية حزيران من 2014 (25) شكوى، تسعة منها في قطاع غزة، ومعظمها تدور حول طلب التحويل من المستشفيات المحلية إلى الخارجية أو الإسرائيلية.
وعن أبرز أسباب لجوء المواطنين لطلب التحويلات الطبية عبر وسطاء بناء على ما يرد الهيئة من شكاوى، قال الباحث القانوني المحامي معن ادعيس: "من واقع ما يصل إلينا من شكاوى فإن المواعيد والفترات الزمنية اللازمة لحين تنفيذ الإجراء أو الحصول على التحويل، تعد من أهم الأسباب التي تدفع بالمواطنين لطلب تحويلات خارجية أو لإسرائيل، وبالتالي تقديم شكوى بالخصوص، وذلك كي لا يضطروا للانتظار لفترة طويلة قد تمتد لأسابيع أو حتى لأشهر حسب نوع الخدمة المطلوبة".
وبغض النظر عن تلك الأسباب، فإن هناك عدة عوامل ساهمت في تنامي وارتفاع تكلفة فاتورة التحويلات، وفق ما قاله معد دراسة (بيئة النزاهة في التحويلات للعلاج خارج إطار مؤسسات وزارة الصحة) الكاتب والباحث جهاد حرب، والتي صدرت عن الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) في شهر آذار الماضي: "الإحصائيات تشير إلى أن عدد المستفيدين من خدمة التحويل الخارجي عام1996 كان حوالي 6 آلاف، فيما وصلت في العام2013  لأكثر من 61 ألف محول (أي أكثر من 10 أضعاف عدد المحولين بعد مرور قرابة 18 سنة)، وهذا التوسع قد يكون جيداً بالنسبة للمواطنين، كما لا يمكن إغفال الزيادة الطبيعية في أعداد المستفيدين من خدمة التحويل الخارجي، إلا أن التحويلات التي تتم عبر الوزارة نتيجة للضغوطات التي تمارس على دائرة شراء الخدمة، أو تلك التي تكون على شكل  استثناءات، أو التحويلات من خلال الخدمات الطبية العسكرية، ساهمت وفق ما أظهرته الدراسة في تنامي وارتفاع تكلفة فاتورة التحويلات بشكل غير مبرر لبعض الحالات، في حين أن تلك الجهات، كان من الممكن أن تقوم بتأمين دفع الأموال المترتبة على عملية التحويل من موازنتها".
الاستثناءات
وقد أوضح الكاتب والباحث جهاد حرب أن هناك بعض الحالات والأمراض التي يتم علاجها بالخارج رغم أنها غير مشمولة بسلة التأمين الصحي الحكومي، وأنها مستثناه من العلاج وفق نظام التحويلات بشكل رئيسي فإن مكتب المساعدات العلاجية في مكتب الرئيس، يتمتع بهامش كبير في موضوع التحويل بناء على قرارات استثنائية ترسل لوزارة الصحة. فانطلاقاً من كونه يتحدث باسم الرئيس، فإن المراسلات التي تصل إلى وزارة الصحة (تحت مسمى أنهم فقراء أو حالات محتاجة) تُعد بمثابة قرارات وتتمتع بنوع من الحصانة، وتتحمل وزارة الصحة نفقات العلاج بنسبة تغطية تصل إلى 100% إجمالاً، إضافة إلى ذلك فإن الدراسة أظهرت أن عدم وجود أسس واضحة ومكتوبة تحكم آلية تحدد بلد العلاج، تعد من المشاكل المؤثرة على موضوع التحويلات، حيث أن تلك الاستثناءات التي يقرها رئيس الدولة ووزير الصحة تعد من بين أبرز العوامل التي تؤخذ بعين الاعتبار في تحديد مكان العلاج، لذلك فمن الممكن تحويل مريض للعلاج في مستشفى محلي، بينما يحول آخر لنفس المرض لمشفى إسرائيلي! الأمر الذي يعني أن أحداً ما تدخل من أجل التحويل لجهة ما! لهذا أوصت الدراسة بضرورة معالجة مسألة الاستثناءات، وأن تبقى سلطة القرار بيد الوزارة دون أن يفرض عليها أحد علاج شخص ما لسبب ما في دولة ما، وذلك عبر وضع نص تشريعي للحد من الاستثناءات، وفرض عقوبة على الذين يسعون للحصول لهم أو لآخرين على  استثناءات".
عضو المجلس التشريعي الدكتورة سحر القواسمة اعتبرت أن: "عدم وجود معايير واضحة ومؤتمتة حتى الآن، قد أدت إلى أن تبقى الآلية المتبعة في التحويلات الطبية تخضع للمزاجية، وكي لا نبقى ندور في نفس الدائرة، ولأنه بات من غير المقبول أن نستمر في رفع الشعارات حول الشفافية، دون أن يكون لدينا نظام يحدد المعايير والآليات التي يجب مراعاتها وصولاً لقرار التحويل، فإن هناك أهمية لوضع نظام جديد للتحويلات يتضمن معايير واضحة وشفافة بما يتعلق بمكان العلاج والتحويل، الأمر الذي سيؤدي للعدل".
رغم ذلك، فقد شدد مدير عام دائرة شراء الخدمة الصحية السابق في وزارة الصحة والناطق باسمها أسامة النجار، على أن الاستثناءات القادمة من مكتب الرئيس لا تستنزف وزارة الصحة: "من تقدموا بتلك الطلبات هم مواطنون عاديون بالنهاية، وبدلاً من أن يقدموا عن طريقنا مباشرة، قدموا عبر الرئاسة، اعتقاداً منهم أن هذا أسرع، وإن خلق ذلك أداة ضغط علينا من أجل التحويل لمكان محدد، كما أن الرئيس عادة يكتب على جميع تلك التحويلات عبارة (لعمل اللازم)، ورغم الاعتقاد الذي ساد لفترة زمنية حول أن العبارة تعني قراراً رئاسياً، إلا ن الرئيس قد حسم الأمر وأبلغنا في أكثر من مرة، أن مسؤولين يقدمون له ملفات للعلاج، وأنه برغم توقيعه عليها فإن هذا لا يعني موافقته على التحويل، وأن الملف الطبي الخاص بالطلب يجب أن يدخل في الأجراءات المتبعة، كباقي الملفات التي تعرض على اللجان الطبية لاتخاذ القرار من واقع الملف، علماً أن عدد التحويلات التي تصلنا من مكتب الرئيس شهرياً تترواح بين (5-6) تحويلات".
وأضاف الناطق باسم وزارة الصحة: "أما الاستثناءات التي يقررها وزير الصحة، فإن قانون التأمين الصحي الفلسطيني ونصوص قرارات مجلس الوزراء أعطت له الحق باستثناء أي حالة للعلاج كما يراها مناسبة، حتى ولو كانت لعلاجات يمكن علاجها في مستشفيات وزارة الصحة، رغم ذلك فقد جرت العادة أن يعرض الوزير مثل هذه الحالات المستثناة على اللجنة الطبية، والتي تعمل على تقدير مدى صعوبة الحالة وتقرر تحويلها".
كما نفى مسؤول ملف العلاج في مكتب الرئيس الدكتور مدحت طه، أن يكون عملهم مخالفاً لقوانين وأنظمة وزارة الصحة: "نحن لا نقوم بأي عملية تحويل، ولا نخالف قوانين وأنظمة وزارة الصحة، إذ ينحصر دورنا في استقبال مشاكل الناس المتعلقة بالتحويل أو تأخير المواعيد وغيرها، ونراسل الوزارة بخصوصها، لتعرض جميعها أمام اللجان الطبية المسؤولة، التي لها القرار الأول والأخير في ذلك، على اعتبار أنها الجهة الوحيدة المخولة بالتحويل. وتطبيقاً لذلك فإن جميع المراسلات التي تتم لحالات موجبة ومؤشر عليها بعبارة (نرجو التحويل بما ترونه مناسباً)، لذلك فنحن لا نناقش مكان العلاج أو غيره، وكل ما يهمنا أن يتوفر البديل للمواطن، وبإمكانكم الاطلاع على كل الكتب والمراسلات اليومية مع وزارة الصحة المؤرشفة لدينا بهذا الخصوص".
وقد أعطى الدكتور مدحت طه أمثلة على الاستثناءات التي قد تتم: "حين يكون هناك مريض معدم وفقير ويحتاج لدواء باهظ الثمن وغير متوفر، فهل المطلوب ألا نساعده لأن ذلك يعد استثناء؟ وحين يكون هناك حوادث سير ليس فيها تأمين للتغطية، ويلجأ البعض إلينا لنقوم بالمساعدة من أجل الحصول على العلاج أو البديل، هل نقول أن ذلك مخالفاً للقانون؟ وفيما لو احتاج مواطن لعلاج تبلغ تكلفة علاجه نصف مليون شيقل، ولا يتوفر هذا العلاج في مستشفيات وزارة الصحة، هل نتركه يبيع بيته وأرضه حتى لا يعد ذلك  استثناء؟ عليه، فالاستثناءات إن تمت فهي نادرة وقليلة وموجبة وتحتاج للمساعدة، وهي في حالات الضرورة القصوى لخدمة المواطن، مع تأكيدنا على أنه لا يوجد أي مراسلات بخصوص علاجات خارج سلة الخدمات المعتمدة للتحويل".
تحويلات الخدمات الطبية العسكرية
الـحدث اطلعت على دراسة (أمان) المتعلقة بالتحويلات الطبية، فتبين إشارتها لوجود مراسلات مع دائرة شراء الخدمة في وزارة الصحة من قبل الخدمات الطبية العسكرية، من أجل التحويل إلى إسرائيل، ومن أن تكلفة تلك التحويلات يتم خصمها من موازنة وزارة الصحة، على الرغم من أن للخدمات الطبية العسكرية موازنة خاصة بها ضمن موازنة المؤسسة الأمنية، تصرف منها على التحويلات التي تتم ما بينها وبين الأردن ومصر،( لوجود تعاقد مباشر مع تلك الدول، دون المرور بوزارة الصحة) بينما التعاقد مع إسرائيل يقتصر على وزارة الصحة الفلسطينية كما جاء في الدراسة".
فسألنا أسامة النجار مدير عام دائرة شراء الخدمة الصحية السابق في وزارة الصحة حول ذلك فقال: "نحن مجرد جسر ما بين الخدمات الطبية العسكرية وما بين المستشفيات الإسرائيلية، بالتالي فإننا نعمل وفق ما تقرره لجانهم الطبية العسكرية المختصة، حيث تصلنا المعاملة مكتوب عليها بأن (يرجى تحويل المريض لمستشفى كذا لإجراء عملية كذا) فنقوم بذلك. إلا أنه يحدث أحياناً أن يكون المستشفى المحول إليه لا يستقبل أي تحويله عليها اسم الخدمات الطبية العسكرية، حينها نضطر لتحويل المريض لمكان آخر".
ثم أعطينا حق الرد لمدير عام الخدمات الطبية العسكرية العميد خليل النقيب، وسألناه أن لماذا لا يتم دفع بدل التحويل لإسرائيل من مخصص الخدمات الطبية العسكرية كي لا تثقل تلك التحويلات كاهل موازنة وزارة الصحة فقال: "المبالغ المالية بدل التحويلات الطبية العسكرية لا تخصم لا من موازنة الوزارة ولا من موازنتنا، وإنما من مستحقات السلطة بشكل عام، فالإسرائيليون يقومون شهرياً بخصم بدل الماء والكهرباء والتحويلات وغيرها مباشرة، دون أن يُفصّلوا بأن جزءاً من هذه التحويلات من الخدمات الطبية العسكرية أو غيرها، مع هذا فقد قلنا لوزارة الصحة إنه في حال استلامكم كشوفاً منفصلة ومفصلة للتحويلات المتعلقة بالخدمات العسكرية من الجانب الإسرائيلي، أرسلوها لنا لنقوم بتحويلها لوزارة المالية ليصار إلى خصمها من موازنتنا، رغم أنه لا يوجد لدينا موازنة ثابتة، بسبب الأزمة المالية المتذبذبة".
كما نبه مدير عام الخدمات الطبية العسكرية إلى أن عدد التحويلات التي يتم مراسلة وزارة الصحة من أجل تحويلها لإسرائيل قليلة جداً: "اللجان الطبية العسكرية تقر أسبوعياً ما بين 70-80 تحويله لمستشفيات محلية أو في القدس، أو لكل من مصر والأردن، أما التحويلات التي نراسل بها وزارة الصحة، فلا تتجاوز الـ6 تحويلات أسبوعياً، رغم ذلك فهناك رفض أحيانا من قبل الوزارة لتحويل بعض الحالات، حتى وإن كانت تحويلات طارئة أو خطيرة أو يتعذر تحويلها لكل من مصر أو الأردن".
وقد شدد العميد خليل النقيب مدير عام الخدمات الطبية العسكرية في ختام حديثه للـحدث على أن كل التحويلات وبغض النظر عن جهة التحويل، تقع جميعها ضمن سلة الخدمات التي يجري تحويلها، وأن هناك في الوقت ذاته رقابة دورية على كل الملفات الطبية، سواء من جانب الرقابة الداخلية لديهم أو من قبل الرقابة العامة التي تقوم سنوياً بفحص سجلات التحويلات جميعها، وقد أعطى عدة أمثلة على التحويلات التي تتم عبر وزارة الصحة: "التحويلات التي تتم إما لكون الإجراء الطبي المطلوب عملية قلب مفتوح وتقول مستشفياتنا أن هناك خطراً شديداً في حال تم إجراء العملية ربما لوجود تشوه خلقي ما، أو أن يكون العلاج يحتاج أن يترافق معه استخدام أدوية باهظة الثمن و/أو غير متوفرة، أو تحويلات لعلاجات أمراض السرطان بالنووي الممنوع إدخاله لمستشفياتنا مثلاً، وغيرها، علماً أنه وفي بعض تلك الحالات يصدف أن تقوم الوزارة بالتحويل لمستشفيات تأخذ ضعف ما يأخذه مستشفى إسرائيلي آخر لنفس المرض مالياً! لكل ذلك فقد اجتمعت مؤخراً مع وزير الصحة، واتفقنا على تشكيل لجنة مشتركة للتنسيق في كل ما يتعلق بالتحويلات إلى إسرائيل مالياً وطبياً، أما في ملف السرطان فهناك لجنة خاصة مشكلة من دولة رئيس الوزراء تقوم أسبوعياً بدراسة حالات السرطان المحولة إلى إسرائيل، سواء تلك المحولة من مدنيين أو عسكريين".
سلة الخدمات المشمولة في التحويل
التقرير الصحي السنوي لعام 2013 والصادر عن وزارة الصحة، أشار إلى أن (الأورام) تتصدر قائمة أعلى 10 أمراض يجري تحويلها من حيث تكلفة شراء الخدمة، حيث تم تحويل حولي16% من مجموع المرضى المحولين لهذا المرض، وبتكلفة قاربت 19% من إجمالي تكلفة التحويلات الطبية.
ورغم اعتبار العديد من الجهات أن سلة الخدمات المقدمة من قبل وزارة الصحة الفلسطينية غير واضحة ويدخل فيها باب الاجتهاد، إلا أن الناطق باسم وزارة الصحة أسامة النجار أكد عكس ذلك: "القاعدة لدينا أن أي مرض لا يمكن علاجه في مستشفياتنا الحكومية أو القطاع الخاص الفلسطيني أو مستشفيات القدس، يتم تحويله لمستشفيات الأردن أو مصر أو المستشفيات الإسرائيلية، أما ما يتصل بالعمليات التجميلية فهي خارج سلة الخدمات تماماً وهي خارج إطار القانون، رغم ذلك كانت تصلنا الكثير من طلبات من ذوي الأوزان العالية جداً لإجراء (اختصار للمعدة) المكلفة، بالتالي أردنا أن نحدد معياراً نفرق فيه ما بين العمليات التي تندرج في إطار سلة الخدمات أو العمليات التجميلية، نظراً لأن المريض في هذه الحالة يكون معرضاً للضغط والسكري ولتآكل المفاصل ولأمراض القلب والشرايين، فعرضنا الأمر على اللجنة الطبية، واتفق على أن المعيار لقبول التحويل أن يكون معيار ما يطلق عليه ( الفوضى الجسمية) أكثر من 40، فإن كان كذلك نحوله، وإلا فلا يتم إجراء العملية لأنها خارج سلة الخدمات أصلاً". 
نقص الأدوية أو العلاج المكمل أو عدم توفر الأسرة، مدخل للتحويل
 من جهته قال صندوق الأمم المتحدة للسكان وعلى لسان الدكتور علي الشعار، أن دراسة مفصلة أنجزها البنك الدولي حول التحويلات الطبية بالتعاون مع وزارة الصحة في شهر حزيران من العام الماضي، بينت أن من أبرز أسباب التحويل التي تتم: "إما أن الخدمة ليست موجوده في وزارة الصحة (وهذه التحويلات يمكن النظر في الحد منها)، أو أن الخدمة موجودة لدى وزارة الصحة، غير أن الفحص المخبري أو سرير المريض أو الدواء غير المتوفر (وبالإمكان القول هنا أن هذه التحويلات غير مبررة) وكمثال مجازي فإن عدم توفر دواء معين للمريض تكلفته ألف شيقل، يتم تحويله خارج مؤسسات الصحة وتكلف 20 ألف شيقل! وهذا ما ينطبق أيضاً على عدم توفر الفحوصات المخبرية، أو في حالة عدم توفر الأسرة، وبالتالي فإن دراسة البنك الدولي تؤكد وبما لايقبل للشك أن عدم توفر الأدوات والمستلزمات الطبية (غير المبررة)، باتت بكل أسف مدخلاً للتحويل لإسرائيل أو الخارج، ما يفاقم في قيمة فاتورة التحويلات، في حين ربما كان يمكن احتوائها بكلفة بسيطة داخل وزارة الصحة إذا ما قورنت بمبالغ بدل التحويل".
 
ضعف التمويل يؤثر على التحويلات
 في العام 2007 أصدر الرئيس مرسوماً قرر فيه إعفاء كافة المواطنين في المحافظات الجنوبية من رسوم الخدمات الطبية، الأمر الذي يعني أن سكان قطاع غزة يتمتعون بتأمين صحي مجاني بنسبة 100%.
وحسب التقرير الصحي السنوي لوزارة الصحة 2013، فقد بلغ عدد العائلات التي تتمتع بتأمين صحي مجاني في الضفة الغربية أكثر من 11 ألف عائلة، بينما عدد العائلات المسجلة في التأمين الصحي بأنواعه للعام 2013، فقد بلغ حوالي 141 ألف عائلة.
 معد دراسة التحويلات الطبية جهاد حرب، اعتبر أن من المشكلات المؤثرة على التحويلات ضعف التمويل حيث قال: "رسوم التأمين الصحي وكل ما يدخل لوزارة الصحة من أموال، لا يزيد عن 120 مليون شيقل سنوياً، في حين أن معدل الإنفاق السنوي على التحويلات (والذي يمثل جزءاً من العلاج) حوالي 500 مليون شيقل خلال السنوات الثلاث الماضية! أي أن لدينا عجزاً 80%! وهذا مكلف، فما بالك بكل مصروفات وزارة الصحة!"
  نسبة الإنفاق الذاتي على الصحة 40%
 وقد أشار صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أنه رغم أن التأمين الصحي الفلسطيني يغطي شريحة كبيرة جداً من المجتمع الفلسطيني (الحكومة تغطي 50% في الضفة و100% في قطاع غزة، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين تغطي 30% في الضفة و70%، والقطاع الخاص يغطي 20% تقريباً)، إلا أن الإحصائيات تشير إلى أن نسبة الإنفاق الذاتي على الصحة في فلسطين 40%، بمعنى أن المواطن يدفع 40% من احتياجاته الصحية رغم امتلاكه للتأمين الصحي، وهذه نسبة عالية جداً، كما أنه عالمياً وحسب معايير منظمة الصحة العالمية، فإنه حين تصل نسبة الإنفاق الذاتي من قبل المواطن على الصحة 20% أو 25%، تسمى حد الإفقار، ذلك لأن المواطن في هذه الحالة، يضطر ونتيجة احتياجه للخدمات الصحية لأن يصرف على علاج نفسه، رغم إدراجه ضمن خدمات التأمين الصحي الوطني الذي يعطيه الحق بأن تقوم الدولة بتأمين العلاج".
عليه يعتبر الدكتور علي الشعار من صندوق الأمم المتحدة للسكان والذي سبق وأن قدم لوزير الصحة منذ عدة أشهر ورقة عمل تناول فيها سبل خفض قيمة التحويلات الطبية، استناداً لدراسة البنك الدولي، أن إحكام نظام التأمين الصحي والعمل على حل قضية التحويلات سواء المبررة أو غير المبرره، من خلال الملاءمة ما بين التحويلات والتأمين الصحي وإيراداته، وبين الأدوية والإنفاق المهول عليها والاحتياجات الحقيقية للمجتمع، بالتوازي مع دراسة الأسباب التي يتم بناء عليها عملية التحويل والتي تعتبر مدخلاً له، وبالذات التحويل الذي يتم من الحالات التي يمكن تفاديها، يساهم في توطين العلاج من جهة، وفي توسيع سلة الخدمات المقدمة تدريجياً من جهة أخرى، كما أن بناء النظام بهذا الشكل يسد الطريق في وجه من قد يتعامل بموضوع التحويلات بشكل متحيز، لكون أنه لا يجد منفذاً في النظام"
يبقى أن نشير إلى بعض التفصيلات التي أظهرها التقرير الصحي السنوي لوزارة الصحة لعام 2013:
·        استنفذت التحويلات مبالغ مالية وصلت إلى 524 مليون شيقل سنوياً (بنسبة تزيد 7% عن العام الذي سبقه)، من الموازنة المعتمده حسب قانون الموازنة، والبالغة مليار و423 مليون شيقل، وأن عدد التحويلات لنفس العام وصل إلى أكثر من 61 ألف تحويلة من الضفة الغربية وقطاع غزة، وبزيادة 10% عن عدد تحويلات2012
·        72% من إجمالي عدد التحويلات كانت من الضفة الغربية، وبتكلفة تزيد عن 70% من إجمالي تكلفة شراء الخدمة من خارج وزارة الصحة. وأن أعلى نسبة لعدد التحويلات على مستوى الوطن كانت من محافظة غزة، والتي بلغت حوالي 28% من إجمالي عدد التحويلات.
·        81% من مجمل عدد التحويلات، كانت عبر شراء الخدمة من المستشفيات المحلية (وهي أقل بحوالي2 %عن العام 2012)، وبواقع تحويل أكثر من 50 ألف حالة، وبتكلفة حولي 337 مليون شيقل سنوياً، والتي تمثل 62% من تكلفة شراء الخدمة من خارج وزارة الصحة.
·        تم شراء الخدمة من مستشفيات إسرائيلية بنسبة 13% من إجمالي عدد التحويلات، (بزيادة مقدارها 4% عن العام الذي سبقه) وبواقع تحويل أكثر من 8 آلاف تحويله، وبتكلفة حولي 172 مليون شيقل سنوياً، أي حوالي 33% من تكلفة شراء الخدمة من خارج وزارة الصحة.