الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

وظلم ذوي القربى/ بقلم: نبيل عمرو

2018-12-18 10:34:26 AM
وظلم ذوي القربى/ بقلم: نبيل عمرو
د. نبيل عمرو

 

رغم أنني لم أكن من الفريق الذي أنجز أوسلو، إلا أنني كنت أكثر المدافعين عنه، ليس لأنه نهاية المطاف بل لأنه قُدم لنا على أنه أول المطاف في رحلة جديدة.

 وحين دققت في مواقف الذين أيدوا أوسلو وكانوا في حينه يزيدون عن الخمسة وسبعين بالمائة، هم الذين صوتوا لياسر عرفات رئيسا وانتخبوا المجلس التشريعي الأول؛ وجدت أن الناس صوتوا لوعد الدولة ولما اعتبروه فرصة سانحة لتحقيقها على الأرض.

مضت شهور وربما سنوات قليلة جعلت الوعد قابلا للتحقيق، وكان الناس يتغاضون عن المعوقات التي ظهرت منذ اليوم الأول، ليس لقلة وعي منهم وإنما لإعطاء الوعد بالأمل الكبير فرصة.

وعلى نحو مبكر فشلت أوسلو واحتار الفلسطينيون والإسرائيليون في كيفية إعلان وفاتها، وتقاسم الطرفان إرثها، فأخذ الفلسطينيون منها سلطة ووزارات، وأخذ الإسرائيليون تنسيقا أمنيا وتعاظما للاستيطان، وها نحن وبعد ربع قرن من الوعد نشهد أفظع فترة تطحن آمال وتطلعات وواقع الشعب الفلسطيني.

ما تعيشه غزة وما ينتظرها لم يسبق أن عاشت مثله منذ أن بني فيها أول بيت، وها هي الضفة التي نامت على هدوء خادع تخللته بعض قطرات من دماء، تتحول إلى سجن أو مجمع سجون لا قبل لآدميين بالعيش فيه، وحين يتحدث عضو في الكنيست من الحزب الحاكم عن قتل الرئيس الفلسطيني كحاجة أمنية ضرورية لإسرائيل، فتلك هي الرسالة الأكثر بلاغة توجهها إسرائيل لمن لا يزالون وأنا منهم بالطبع، نحلم بسلام نعيش في أفيائه بحرية وكرامة ويتوجه في ظله أبناؤنا وأحفادنا إلى مدارسهم دون أن يكون قلقنا عليهم هو رفيقهم ورفيق روحنا.

لن نعتذر عن حلمنا بسلام يكفل كرامتنا وحريتنا واستقلالنا، ولكن علينا أن نعتذر عن ما فعلناه بأنفسنا من تنكيل بالذات وتدمير لأساسات بنائنا الوطني، وانشغالنا بحروبنا الداخلية في أخطر عملية قلب للمنطق، فكل حروبنا الداخلية هي إعفاء صريح بحروبنا المشروعة مع الخصم وحمل عبء ثقيل كان يتعين عليه أن يحمله.

الفلسطينيون الذين تحولت حياتهم إلى جحيم لا يطاق، وناموا في سياراتهم بعد أن استحال عليهم الرجوع إلى بيوتهم التي يبعد بعضها مئات الأمتار عنهم، والفلسطينيون الذين لا ينامون بفعل المداهمات التي يتناوب فيها المستوطنون والجيش على بيوتهم، والفلسطينيون الذين أرغمهم الخذلان الشقيق والصديق على الصراخ ببيت الشعر اليائس

" لقد أسمعت لو ناديت حيا... ولكن لا حياة لمن تنادي".

هؤلاء الفلسطينيون قرروا تجرع المرارة وتحمل الألم، فهل ينتبه أولو الأمر فيهم إلى أن أفظع أنواع الألم هو ألم ذوي القربى؟ ولا أقصد هنا العرب وإنما الفلسطينيين أنفسهم.