الحدث- ريم أبو لبن
" توأمان لا ينفصلان" وسم أطلقه البعض لوصف الحالة الأردنية الفلسطينية، لاسيما وأن الأردن هي أكثر الدول العربية قربا وارتباطاً بتاريخ فلسطين وحضارته وثقافته بعيداً عن أي تعصب طارئ قد يسيطر على العلاقة بين الشعبين.
وعليه، فإن ما يجمعهما ليس رابطاً جغرافيا وديموغرافياً فقط، وإنما المنظمومة الأمنية قد تحمل ذات الهم، وتترك أثراً ولو كان غير مباشر وتحديداً بانعكاس ما يحدث بالضفة الغربية من عدوان واقتحامات إسرائيلية على الأمن الإقليمي وأمن المملكة.
انفاق ما بين الأردن والضفة !
" أي تدهور في طبيعة ومنظومة الأمن لدينا ينعكس على الضفة الشرقية بشكل فوري أو غير مباشر". هذا ما أكده لـ"الحدث" المحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض.
وأضاف : " الأردن وفلسطين يتشركون في الهموم والضرر والتحديات، وفي المستقبل أيضاً لأسباب ديموغرافية وتاريخية وثقافية وأمنية، فأن أي تدهور للوضع في الضفة سيؤثر بشكل أوتوماتيكي على الأردن".
واستكمل حديثه موضحاً ذاك التأثر : " في الأردن هناك اللاجئون الفلسطينون في المخيمات، وهناك الاحتقان والمعادلات الداخلية التي قد تتأثر نتيجة تدهور الوضع الأمني في الضفة، لاسيما وأن الأردن يعرف بأنه بلد فقير واقتصاده هش غير أنه سياسيا لا يستطيع تحمل طرح فكرة الكنفدرالية مع فلسطين، لاسيما وأن طرحها يشكل هروباً من الاستحقاقات مع الجانب الإسرائيلي وليست خيراً أفضل".
وكان وزير الخارجية الأدرني أيمن الصفدي قد أدان بتصريح له ما يحدث بالأراضي الفلسطينية من اعتداءات واقتحامات وكان آخرها هدم منازل الشهداء في الضفة الغربية، بجانب اعلان الحكومة الإسرائيلية بناء وحدات استيطانية جديدة.
وقد اعتبر الصفدي بأن هذا الفعل هو خرق للقانون الدولي وتصعيداً يزيد التوتر، موكداً بقوله بأن الاستيطان هو ممارسة أحادية " لا شرعية" وهي تقوض فرص حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
" اذا الضفة الغربية تحركت في مواجهة إسرائيل فإن الأردن ستتأثر، لاسيما وأن ذاك التأثير ما بين الضفتين الغربية والشرقية سوف يظهر بشكل مباشر بفعل الاحتكاك اليومي، وحاجة الضفة الغربية للضفة الشرقية في عمليات التزويد (اللوجستي)، الضفة الشرقية هي المنبع الاحتياطي للضفة الغربية، وهذا الأمر يربط المقاومة بالضفة الغربية بسكان الأردن". هذا ما أوضحه المحلل السياسي عبد الستار قاسم في حديثه عن تأثر الأمن الأردني بما يحدث بالأراضي الفلسطينية.
وقال : " وقد يعرض هذا الأمن الأردني لبعض المخاطر من قبل إسرائيل، مما يتيح هذا لإسرائيل بأن تفرض تدخلاتها بالأردن، بجانب انتشار حوادث القتل في المملكة".
وأضاف : " تدهور الأوضاع قد يوجد الأنفاق والتي تربط الأردن بالضفة الغربية، مما يساعد هذا في اسناد المقاومة في الضفة الغربية، وهذا يعني بأن اسرائيل ستعمد على نشر قواتها بشكل أكبر على الحدود وستبحث عن الأنفاق، وستصر على أن يوظف الاردن جيشه لمراقبة الحدود بصورة أشد وأدق، وهذا ربما يؤدي إلى اصطدام ما بين الجيش الأردني والاردنيين والذين يساهمو في المقاومة الفلسطينية".
واستكمل حديثه : "الأمر يعتمد الآن على تطور الموقف في سوريا ولبنان وإيران، وعليه فإن تمكن حزب الله بأن يقف على أقدامه سيكون هناك جرأة لعمل شيء ما في الضفة الشرقية من أجل فلسطين".
فيما أشار بحديثه بأنه من الممكن أن تنتقل المقاومة إلى الأردن، لاسيما وأن المملكة تشكل حصن منيع للدفاع عن" إسرائيل". والسؤال هنا .. هل سيقبل محور المقاومة بهذا الوضع في حال وقف على أقدامه من جديد؟
وقال المحلل القاسم : " لن يقبل محور المقاومة، وسيعلمون على زعزعة الوضع وتشجيع الناس وتجييشهم في الضفة الشرقية لصالح الضفة الغربية"
الملك والرئيس ..
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قد التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس البارحة في ظل الهجمات والعدوان الواقع على الشعب الفلسطيني، لاسيما وأن رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" دعا بدوره الضفة للبدء بانتفاضة "جديدة" في ظل انقسام داخلي فلسطيني وغضب يعصب بالمخيمات بحسب ما أوضح المحللون لـ"الحدث".
"الحوار ما بين الملك والرئيس الفلسطيني كان على فتح افاق جديدة للحوار ولكن برأي ما زال هذا الأمر حتى تتبين ماهية صفقة القرن وماذا سينجلي عنها". هذا ما أكده لـ"الحدث" النائب في البرلمان الأردني نبيل الغيشان.
في ذات السياق، أشار النائب الغيشان في حديثه لما صرحت به مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي بأن صفقة القرن سوف تنطلق بداية عام 2019، فيما لم تحدد تاريخاً لبدئها أو نهايتها.
قال : "أعتقد بأن نتنياهو وفي الوضع الحالي لن يكن مرتاحا لأي صفقة قد تحدث في ظل تفكك حكومته لأنها حكومة مستوطنين، غير أن ما يطلق عليه الأمريكان (التنازل الإسرائيلي)، هذا تنازل لن تقبل به إسرائيل".
أضاف: " وعليه، أنا لا أعتقد بأن صفقة القرن ستطرح قريباً كما قيل، ولن تجد طريقها إلى التنفيذ دون موافقة السلطة الفلسطينة وجميع الأطراف السياسية ومنها حركة "حماس".
" السكون هو الأفضل"
"المجتمع الدولي غير جاهز لفرض أي حلول، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول فرض حلول إسرائيلية صهيونية، وعليه فلا يوجد مصلحة للعرب أو للفلسطينين بتلك الحلول، والسكون أفضل في هذه المرحلة، ويدعم ذلك وجود عمليات فدائية مسلحة ضد قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين". هذا ما أشار إليه النائب في البرلمان الأردني نبيل الغيشان موضحاً بان صفقة القرن لن تنفذ قريباً.
كما أن اللقاء الأردني الفلسطيني قد تخلله الحديث عن الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب تتعلق بـ المستوطنات ومصادرة الأراضي وصفقة القرن، وكل هذه القضايا يرفضها الأردن بحسب ما ذكر الغيشان.
فيما أوضح بأن استراتيجية الأردن واضحة بما يتعلق بـ إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران مع بعض التعديلات البسيطة، وأن القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، ولا تنازل عن هذا المطلب.
وأضاف : " للأسف الحكومة الإسرائيلية والمجتمع الدولي غير قادرة على الضغط في ذاك المطلب لاسيما وأن الإدارة الأمريكية قد اصبحت منحازة تماماً بل اصبحت البديل والداعم للسياسات الإسرائيلية، وهي ضد حل الدولتين فيما اعلنت بأن القدس عاصمة إسرائيل وعليها تم نقل السفارة".
واستكمل حديثه : " كل هذه القضايا تؤدي إلى إحداث حالة من الارتباك في المشهد الفلسطيني الداخلي، وبالمقابل تحدث حالة ضعف للمشهد العربي بشكل عام. ولم نعد نعلم هل القضية الفلسطينية من أولويات تلك الدول؟"
وعن التحركات في الضفة الغربية، قال النائب الغيشان : " هو رد طبيعي لما يحدث على ارض الواقع من عمليات فدائية في الضفة الغربية، وهي نتاج تراجع ثقة المواطن الفلسطيني بالشرعية الدولية والدول العربية والنظام العربي الجمعي الذي لم يعد يوفر مظلة سياسية أو أمنية أو حتى إنسانية، حتى أن بعض الدول تدعم باستحياء السلطة الفلسطينية".
فيما أوضح الغيشان بأن تلك القضايا العالقة والموقف العربي قد صعد من الوضع الراهن في الأراضي الفلسطينية لاسيما وأن ذاك التصعيد قد اتخذ طابع عسكري، وهو نتاج للظلم الذي يعيشه المجتمع الفلسطيني وحالة "اليأس" من وجود سلام على حد تعبيره ونتيجة لسياسات حكومة " المستوطنين" والمجتمع الدولي وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية.
تلك الممارسات التصعيدية " اللاشرعية" والتي تنتهك الحق الفلسطيني ستزيد من التوتر والاحتقان والعنف، وبهذا فإن ما يهدد الأمن والاستقرار هنا سيهدد أمن واستقرار المملكة الهاشمية.