الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الأمن الصهيوني: وعي في هشاشة الذات/ بقلم: محمد أبو ظاهر

2018-12-20 09:02:21 AM
الأمن الصهيوني: وعي في هشاشة الذات/ بقلم: محمد أبو ظاهر
محمد أبو ظاهر

 

شكلت حرب 2006 على لبنان قفزة نوعية في تعرية المنظومة الأمنية الإسرائيلية، إذ إن هذه الحرب شكلت ترجمة حرفية لسقوط مقولة الجندي الذي لا يقهر، وقد كان للحرب الأخيرة على غزة دور آخر في إنتاج هذه الصورة الهشة لتلك المنظومة التي تحولت من منظومة المهمات السهلة إلى أسئلة كبرى توضع على أجندتها من قبيل الأسئلة التي تخص وجودها، هذا وإن لم يكن علنا إلا أن التصرفات التي تقوم بها المنظومة تكشف عن وجود تلك الأسئلة، والتي تظهر عبر ملامح مختلفة في الفضاء السلوكي لتلك المنظومة والتي تهدف هذه المقالة إلى رصدها.

بعد سياسة طويلة من الاعتقال والذي كان فيه نوع من استعراض العضلات من قبل مؤسسة الأمن الإسرائيلية؛ يبدو أنها وصلت إلى حقيقة أنها غير قادرة على الحفاظ على هذه الأحكام، فالمؤسسة التي اعتقلت عبد الله البرغوثي صاحب الحكم بالسجن المؤبد سبع وستين مرة والتي اعتقلت إبراهيم حامد صاحب حكم السجن المؤبد أربع وخمسين مرة وغيرهم الكثير، يبدو أنها وصلت معرفة يقينية إلى أنها سترضخ في القريب العاجل إلى صفقات التبادل، فمنذ خريف 2013 يبدو أن المؤسسة الأمنية الصهيونية رفعت شعار جثة ميتة أفضل من أسير سيتم التبادل عليه لاحقا، فالمراقب يجد أن الاغتيالات الميدانية للمقاومين بدأت من محمد عاصي والذي اغتيل في مغارة تخفّى بها ما يقارب العام قبل أن تقوم قوات الاحتلال بتصفيته بتاريخ 22/10/2013 ومن ثم اغتيال معتز وشحة في بيرزيت بتاريخ 27/2/2014 ، وفي ذات السياق جاء اغتيال الشهيد باسل الأعرج في ربيع 2017 والذي يؤكد أن هذه المؤسسة مصرة على نهاية المقاوم بالاغتيال ليس أكثر، وقد شهدت الآونة الأخيرة اغتيال كل من  الشهيد صالح البرغوثي (الإعلان عن اغتياله مؤشر على نية مبيتة) والشهيد أشرف نعالوة، وهذا ما يجعل من هذه السياسة أكثر وضوحا كاستراتيجية لإدارة الذات الأمنية.

أما الملمح الثاني الذي يظهر في هذه التحولات الجذرية فإنه يظهر من خلال مراقبة منصب (وزير الحرب الإسرائيلي)؛ ففي الماضي كان هذا المنصب زانة القفز الأكثر مرونة والأكثر قدرة لنقل أصحابها إلى الأفق السياسي الذي يحلمون به أما في الوقت الحاضر فإن هذا المنصب أصبح محرقة للشخصية السياسية، حيث إنها تخرج من هذا المنصب إلى اختفاء إعلامي وسياسي كبير أو إلى صدارة الصحف في محاكمات بشأن الفساد، فوزارة الحرب التي لم يتولاها أي شخص خارج المؤسسة العسكرية منذ تأسيسها والذي تولاها أفيغدور ليبرمان، والذي لم يتول أي  منصب عسكري داخل مؤسسة الأمن الصهيونية، فهل هذا ما يؤكد على هذا الوعي بالهشاشة التي نقصد؟

في الوجه الثالث والأخير إن تحطيم البنى العنقودية للخلايا التنظيمية فتح شهية تسجيل الانتصار في أجندة المؤسسة الأمنية الصهيونية، إلا أن الوقائع التي سجلتها الأحداث في الآونة الأخيرة أظهرت بنية الفرد الخلية والذي يتطلب من مؤسسة الجيش الصهيوني بذل العديد من الجهود في مطاردة أولئك المقاومين، والذي جعلهم يقفون في باب المستحيل في توقع موقع وشخص الخلية القادمة، والذي كشف عن وجوه جديدة من الهشاشة الأمنية التي تتمثل في الاعتماد على الخوارزميات الرقمية ومراقبة مواقع التواصل الاجتماعي والتي تظل ضربا من الوهم الأمني في كل مرة.