الحدث- ريم ابو لبن
الأقلام الجريئة لم تهادن الواقع وبقيت تبحث عن الحقيقة، حتى الأعين والكاميرات العربية والأجنبية لم تنفك لحظة عن تكرار مشاهد ارتبطت بعملية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي (52 عاماً) في الثاني من أكتوبر الماضي وداخل السفارة السعودية لدى تركيا.
آراء وتصريحات سياسية متعددة ومتضاربة اغتالت "الكلمة" و"الحرية والتعبير"، فيما لاح البعض بتوجيه الشكوك نحو من قتل خاشقجي دون الحاجة للبوح بالمنظومة الإنسانية والعاطفية لدى الصحفي السعودي والذي كان يستعد للزواج من خديجة جنكير.
ذاك السرد الدرامي الإنساني جاء به قرابة 13 شابا من جنسية سورية، لينجزوا فيلماً قصيراً سمي بـ"القنصلية" وبه رحلة لم يستكملها خاشقجي بعد، فيما تمكن المنتج ومخرج الفلم مشعل الفيصل (30 عاماً) والذي يقطن هولندا منذ عام 2008، أن يعكس البعد الإنساني وحالة الحب التي عاشها خاشقجي، فيما وجد نفسه فجأة داخل القنصلية.. ومن ثم قتل لتنتشر روحه بين العالم ويقول كلمته أي كلمة "الحرية" بحسب ما أوضح الفيصل لـ"الحدث".
قال الفيصل: "المشاركون في الفيلم من جنسيات سورية وهذا من محض الصدفة".
أضاف الفيصل وهو من جذور تمتد إلى مدينة (الحسكة) والتي تقع شمال شرق سوريا: "الفيلم يتحدث عن اللحظات الأخيرة لحياة جمال خاشقجي، حين كان يستعد للزواج من خديجة جنكيز، ويستكمل أوراقه الرسمية في القنصلية وفجأة نجده قتل، وعليه فإن الفيلم لا يحمل طابعا سياسياً".
"القنصلية" فيلم روائي قصير من تأليف الكاتب غياث قداح حيث قام بتمثيل دور خاشقجي بجانب سيران خوجه وهي التي تقوم بدور خديجة. وقد عرض قصة درامية ولمدة 5 دقائق، حيث تم تصوير أحداث الفيلم في المدينة الهولندية "اوترخت" وتحديداً في منطقة تدعى (مجمع الشركات)، وهي منطقة مشابه لحرم السفارة السعودية في تركيا بحسب ما أوضح الفيصل، حيث تم تصوير أحداث الفيلم بعد قرابة 21 يوماً من حادثة الاغتيال.
وعن مرحلة إنتاج الفيلم، قال الفيصل: "تم تصوير الفيلم بعد حادثة الاغتيال مباشرة أي بتاريخ 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وعلى مدار يومين، فيما تمكن من انتهائه بعد 15 يوما من عملية المونتاج التلفزيوني، وعليه فقط استغرق إنتاجه قرابة الشهر".
وبالحديث عن سبب العبث بالخط الدرامي الإنساني للقصة دون التطرق للسياسة، قال الفيصل لـ"الحدث": "قد يواجه أي مغترب ما واجهه خاشقجي، وقد يتعرض أي أحد لذات الموقف الخطر ولمجرد قوله للحقيقة، وما يحدث هو تكسير للأعراف الدولية".
وأضاف: " الفيلم لا يحمل رسالة خاشقجي فقط، وإنما رسالة المغترب وأي شخص قد يدلي بكلمة حق في مجتمع يدعي الديمقراطية".
فيما أوضح خلال حديثه بأن ما يلهمه في أفلامه العديدة التي أنجزها هو الوازع والطابع الإنساني، موضحا بأنه يعمل الآن على إنجاز فيلم قصير عن طفلة سورية لاجئة في تركيا، ويعرض في محاور الفيلم الأزمات التي يمر بها اللاجئ في بلد اللجوء.
قال: "الرجوع دائما للإنسان.. وما يجري في سوريا قد أصفه بأوراق مختلطة ولذا لم أتطرق للشأن السوري".
يذكر أن مخرج ومنتج فيلم "القنصلية" هو مشعل الفيصل من أصل سوري، فيما خرج من سوريا بفعل الأزمة السورية وانتقل إلى هولندا، ولم يدرس الإخراج وإنما مارسها واكتسبها بمفرده، غير أن لديه عدة أفلام تطرقت إلى واقع اللاجئين وتتحدث عن تقارب الثقافات ما بين العرب والأجانب، كما عمد على تأسيس شركة (ناس فلم) لمساعدة أصحاب المواهب العرب في هولندا.
ويذكر أن فيلم "القنصلية" قد شارك في عدة مهرجانات عالمية ولم يقتصر الأمر على هولندا والتي تحفظ بطبعها حقوق الإنسان بحسب ما أوضح الفيصل، ولكن الفلم بتفاصيله المثيرة قد انتقل للسينما الغربية في عدة دول ومن بينها الولاية الأمريكية لوس أنجلوس.
قد غادر خاشقجي بلاده محملا بالعرش، ولكن روحه لم تمت بل خرجت لتقول للعالم "لقد قتلتم الحب، والحرية والحقيقة".