الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

معارك الأمعاء الخاوية تواجه سلبًا لإنجازاتها بحجة "رفاهية السجون"

ملف الأسرى قيد الاستغلال في الانتخابات الإسرائيلية القادمة

2019-01-07 06:53:33 AM
معارك الأمعاء الخاوية تواجه سلبًا لإنجازاتها بحجة
معارك الأمعاء الخاوية تواجه سلبًا لإنجازاتها بحجة "رفاهية السجون"

الحدث- محمد غفري

بعد نصف عام من العمل، خرجت اللجنة التي شكلها وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال جلعاد أردان، بتوصيات تهدف إلى تقليص ظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين، على نحو وصف الأسرى: "نتعرض اليوم لمستوى ومرحلة جديدة من القمع تهدد حياتنا".

تشكلت لجنة "أردان"، خلال شهر حزيران من العام الماضي، وهي تتألف من مجموعة من الضباط الذين عملوا لسنوات في إدارة مصلحة السجون، وأعضاء في "الكنيست"، كما وتحظى بدعم من حكومة الاحتلال الإسرائيلية.

عملت اللجنة طوال الأشهر الماضية على البحث في ظروف الحياة المعيشية للأسرى داخل السجون، بذريعة أن الأسرى يعيشون في ظروف حياة من الرفاهية.

توصيات لجنة "أردان"

يقول العضو في لجنة إدارة هيئة شؤون الأسرى والمحررين عبد الفتاح دولة، إن اللجنة خرجت بتوصيات تستهدف منجزات الأسرى التي تحققت تاريخياً خلال الإضرابات المفتوحة عن الطعام، وهي منجزات معيشية حسنت بشكل طفيف من ظروف حياة الأسرى، ووفرت بعض الظروف الأفضل لهم.

وأضاف دولة في تصريح لـ"الحدث"، أن هذه المنجزات التي تحققت بالإضرابات هي قضايا إنسانية بسيطة، إلا أن شكل حكومة الاحتلال الحالية من يمين متطرف، تصنف هذه المنجزات كنوع من الرفاهية للأسرى، ويتسابق قادة الاحتلال بالهجوم على الأسرى لسحب هذه المنجزات.

تتمثل توصيات لجنة أردان، التي يسير الاحتلال باتجاه إقرارها، بإلغاء استقلال الأسرى الأمنيين، وإلغاء الفصل بين التنظيمات في السجون، وإلغاء عمل ممثل الأسرى في الأقسام أو ما يعرف بـ "الشاويش".

كما أوصت لجنة "أردان" بتقليص مبلغ "الكنتينة" المخصص لكل أسير، ووقف عمل الطهاة من أقسام الأسرى في المطبخ المركزي، وجعل "الطبيخ" للأسرى في يدي الأسرى المدنيين الجنائييين، على أن يتم منع الطبيخ أيضاً داخل غرف الأسرى بعد سحب أدوات الطبخ، عدا عن توصيات تستهدف تقليل كميات المياه للأسرى بذريعة "وقف هدر المياه".

ومن التوصيات ما يقلص عدد زيارات الأهل لذويهم المعتقلين، وتوصيات أخرى تستهدف التعليم، حيث جرى مصادرة آلاف الكتب من غرف الأسرى خلال الأشهر الماضية.

هل يعيش الأسرى حقاً برفاهية؟

يدعي الاحتلال أن الأسرى الفلسطينيين يعيشون في ظروف من الرفاهية، ولذلك تم تشكيل لجنة "أردان"، بهدف التضييق على الأسرى وانتهاك المزيد من حقوق الحركة الوطنية الأسيرة في سجون الاحتلال.

هنا يستغرب الكاتب المتخصص في قضايا الأسرى وليد الهودلي حديث الاحتلال عن الرفاهية العالية لدى الأسرى، والعمل على تخفيض مستوى الرفاهية.

"الحدث" تواصلت مع الهودلي، الذي شرع يتحدث عن ظروف الحياة الصعبة التي يعاني منها الأسرى الفلسطينيون داخل السجون، بخلاف ما يجري الحديث عنه من رفاهية.

يقول الهودلي، إن بعض الأسرى يتم عزلهم لسنوات طويلة، وبعضهم تم عزله لأكثر من 17 عاماً، وهناك أسرى مرضى يقوم الاحتلال بتجربة أدوية الشركات الإسرائيلية عليهم، وأسرى مرضى يتم إجراء العمليات الجراحية لهم دون تخدير.

وأشار الهودلي إلى رحلة المعاناة الصعبة للأسرى داخل ما تعرف بـ"البوسطة"، فهي عبارة عن صهريج حديد، ترتفع فيه الحرارة صيفاً، وتصل لدرجة البرودة الشديدة شتاء، وتستمر الرحلة داخلها لأكثر من عشر ساعات.

كما تحدث الهودلي، عن طبيعة طعام الأسرى، حيث تعتبر طبخة المقلوبة هي الطبخة الرئيسية كل يوم جمعة، ويحصل الأسرى على قطعة دجاج قد تكون مؤخرة الدجاجة، ولها رائحة نتنة، عدا عن اللحوم المفرزة منذ سنوات، وإلزام الأسرى أحياناً بالأكل الديني في مواسم اليهود، أما الخضار فتكون متعفنة ولا تصلح إلا للإتلاف.

أما عن "الكنتينة" التي تستهدفها لجنة "أردان"، قال الهودلي إن الأسعار فيها مرتفعة وتفرض عليها ضرائب بخلاف القانون.

وتحدث أيضاً عن ظروف الاعتقال الخاصة للأسيرات، فلا تتوفر حتى الفوط الصحية إذا ما حلت الدورة الشهرية للأسيرة، فيما يجري مقارنة الأسرى الأطفال بالكبار من ناحية العزل والتعذيب، دون توفر وسائل ترفيه للأطفال، أو حتى وسائل تعليمية.

"الفورة" غير صحية وساعاتها قليلة، ويتم تفتيش الأسرى وقمعهم بشكل همجي خلال ساعات الليل، والغرف مكتظة بالأسرى، ويتم الطبخ أمام دورة المياه، والزيارة تجري من خلف الزجاج لمدة محددة، هذا ما ذكره الهودلي.

إذاً أين هي هذه الرفاهية؟ هذا التساؤل طرحه الهودلي عبر صفحته على "الفيسبوك".

كيف يمكن المواجهة؟

يرى عبد الفتاح دولة، أن تطبيق الإجراءات الجديدة بعد توصيات لجنة "أردان"، سوف يؤدي إلى وضع كارثي بكل ما تعني الكلمة من معنى، وتحويل السجون إلى زنازين جماعية للعقاب، خالية من أبسط ظروف الحياة المعيشية الكريمة.

وبالتالي طالب دولة بموقف مساند وداعم لمواجهة خطة لجنة "أردان" خارج السجون، على أن يتم تشكيل جبهة وطنية لمواجهة هذه الإجراءات، وتفعيل الحراك الشعبي والرسمي والفصائلي والجماهيري مع الأسرى ودعمهم.

دولة وهو أسير محرر، قال إن المطلوب أيضاً هو تفعيل ملف الأسرى في محكمة الجنايات الدولية، ووضع هذا الملف على الطاولة، ومطالبة محكمة الجنايات الدولية بمحاسبة حكومة الاحتلال على الجرائم بحق الأسرى.

كما وطالب بتغيير لغة التعامل مع المجتمع الدولي، وبشكل خاص مؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات القانونية التي ترى ما يجري للأسرى، وبالتالي إما أن تقوم بدورها، وإما فهي شريكة في هذا الصمت لما يحدث للأسرى.

إعلان حرب وبداية لانتفاضة المعتقلات

ما تقدم به دولة هي مطالبات على الفلسطينيين خارج السجون القيام بها، وبشكل خاص مؤسسات الأسرى كي تتحمل مسؤوليتها لمواجهة لجة "أردان".

أما المواجهة الحقيقية يبدو أنها ستبدأ من داخل السجون، حيث أعلن الأسرى في بيان صحفي وقعت عليه كافة الفصائل، أن هذه الإجراءات هي بمثابة إعلان حرب وبداية لانتفاضة المعتقلات.

وقال الأسرى في بيانهم: "سنخوض غمارها (المعركة) بأيدينا مسلحين بإيماننا ووعينا وثقتنا العالية بالله أولاً، ثم بجماهير شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية وبكل أحرار العالم بأنهم إلى جانبنا".

وأكد الأسرى أنهم لم يحصلوا يوماً على شروط حياة تلامس الحد الأدنى من المعايير الدولية ولا حتى القانون الإسرائيلي.

واعتبروا أن الإعلان عن توصيات لجنة "أردان" يأتي في إطار الدعاية الانتخابية الموجهة من قبل حكومة الاحتلال، وأن استهدافهم يأتي في إطار الحرب الدائمة ضد الشعب الفلسطيني في كل الساحات.

وأكد الأسرى على الوقوف موحدين لصد الهجمة مسلحين بوعي وبوحدة وطنية حقيقية، داعين جماهير شعبنا في كل مكان وقوى العمل الوطني والإسلامي إلى دعم تحركهم ومساندتهم بالفعل على الأرض.

ماذا يريد الأسرى؟

جاءت توصيات لجنة "أردان" لتزيد من الطين بلة على واقع حياة الأسرى الفلسطينيين، فهم يعملون منذ سنوات طويلة على انتزاع حقوقهم عبر معارك الأمعاء الخاوية.

وخاضت الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال 23 إضرابًا جماعيًا منذ عام 1967، كان آخرها إضراب "الحرية والكرامة" الذي بدأ في  في شهر نيسان عام 2017، واستمر لما يزيد عن الأربعين يوماً، عدا عن عشرات الإضرابات التي نفذت بشكل فردي أو جزئي.

تتركز طلبات الأسرى هذه الأيام بتحسين ظروف أَسرهم، مثل تركيب تلفون عمومي في جميع السجون والأقسام بهدف التواصل إنسانياً مع ذويهم، وتحسين ظروف الزيارة، وتحسين ظروف كل ما يتعلق بالملف الطبي، والتجاوب مع احتياجات ومطالب الأسيرات الفلسطينيات، وتحسين ظروف عمليات نقل الأسرى أو ما يسمى بـ"البوسطة"، وإلغاء الاعتقال الإداري، ومطالب حياتية بسيطة أخرى.