الحدث ــ لينا خطاب
لطالما أعتبر الثوب الفلسطيني جزءا من الهوية الفلسطينية التي تعبر عن الشخصية الفلسطينية في كافة حالاتها من مشاعر الحزن إلى الفرح وغيرها. وبعيدا عن أي جدل، هو عبارة عن موروث تاريخي وثقافي وحضاري يؤكد على أحقية وجود الفلسطيني، ما يؤسس للإطاحة بالرواية الصهيونية.
ويحمل التراث أيضا دلالة فلسفية طبقية، تدلل أيضا على التقسيمات المجتمعية، والتي كان للاستعمار يد في تشكيلها، ويمكن قراءة هذه الدلالة من خلال الثوب الفلسطيني، فهناك أنواع من القماش وأشكال من العروق "رسومات التطريز" و التصاميم، تفرق فيها بين من ينتمي لعائلة برجوازية، وبين من ينتمي إلى طبقة عامة الشعب.
ولكن جدلا رافق صعود عضو مجلس النواب الأمريكي رشيدة طليب فلسطينية الأصل بثوبها الفلسطيني إلى المنصة لتتلو قسمها الدستوري في 3 يناير بعد فوزها بمقعد في الكونغرس الأمريكي عن ولاية ميشيغان، وأطلق المؤيدون لخطوة "طليب" حملة دعم على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان (تويت يور ثوب)، أما المعارضون بسبب الموقع السياسي لرشيدة أي في الكونغرس، وكيفية استخدام الثواب في سياق سياسي "في غير محله"، اعتبروا أن هذه الحالة هي تعبير عن حالة من الضياع الجمعي.
انطلقت حملة (تويت يور ثوب) على مواقع التواصل الاجتماعي لدعم رشيدة طليب، من خلال المشاركة في نشر صور لنساء يرتدين أثوابهن، بأشكال مختلفة، والتي تأتي تبعا للتقسيمات الجغرافية الفلسطينية، ولتعبر هذه الصور عن القيمة المعنوية للثوب الفلسطيني، الذي يعطي شعورا بالقوة والفخر، وشاركت العديد من اللاجئات الفلسطينيات أيضا في الحملة كتعبير عن حالة الشعور بالانتماء المستمر عند ارتداء الثوب وهذا الشعور الذي يريد الاحتلال طمسه لدى أي فلسطيني.
وحول الجدل الذي جرى، قال الأستاذ المختص بالإعلام الرقمي عبد اللطيف نجم: "تضامني مع حملة الثوب الفلسطيني تأتي في سياق التضامن مع التراث الفلسطيني من حيث المبدأ، ولكي أكون واضحا جدا، أنا مع أي حملة أو جهد يهدف للتعريف بالقضية الفلسطينية، إن كان من خلال التراث أو غيره، كمختص بالإعلام الرقمي أعي تماماً ما لمثل هذه الحملات من تأثير خاصة من قبل التجمعات العربية والفلسطينية على الغرب".
و أضاف: " أنا لا أستطيع أن أفصل الثوب الفلسطيني عن سياقه السياسي، لذلك أنا احترمت الحملة، ودعوت لأن تكون حملة تعريف بالتراث الفلسطيني وليس حملة تضامن مع رشيدة فقط".
وفي سياق متصل كتبت الروائية والناقدة الأدبية سوسن دراج على صورتها بالثوب الفلسطيني: "هذه لحظة تاريخية للمرأة الفلسطينية، وهذا طريق طويل قطعه الفلسطينيون ليؤكدوا على مكانتهم أمام العالم".
ولم تكن جميع الآراء متفقة حول هذا النوع من الحملات، من خلال سياقين الأول أنه ليس المهم أن تصل المرأة ولكن المهم إلى أين تصل، معتبرين أن المرونة السياسية في الغرب قادرة على استيعاب مختلف الأجناس، ولكن الكونغرس خرجت منه قرارت الحروب، وفي السياق الآخر فإن الثوب لا يمكن فصله عن إطاره السياسي؛ فوصف البعض صورة الكونغرس التي ضمت الفلسطيني والصومالي والهنود الحمر بلباسهم التراثي عبارة عن متحف لقرارات الحروب الأمريكية الإحلالية، ومن هذا المنطلق وبالحديث مع الدكتورة الجامعية وداد البرغوثي، قالت: "علينا أن لا نطيش على شبر من ماء، فالجنسية الفلسطينية والثوب الفلسطيني غير كافيين للتصفيق وإطلاق هذه الحملات الداعمة، صدقا مع احترامي الشديد للثوب الفلسطيني علينا أن نحترمه ونقدسه بإرادتنا وبرغبتنا لا بإيعاز من حامل لجنسية أمريكية وانتماء حزبي أمريكي ".