الحدث- محمد غفري
عام 1972 فوجئت عائلات فلسطينية تقطن في منطقة كرم الجاعوني في حي الشيخ جراح، بقضايا مرفوعة ضدها لدى محاكم الاحتلال من قبل جمعيات استيطانية تطالبهم فيها بإخلاء منازلهم، بادعاء ملكية اليهود للأرض منذ عام 1885.
ومنذ ذلك الوقت بدأت العائلات المقدسية معركة قضائية في المحاكم الإسرائيلية لإثبات حقها في الأرض والبناية السكنية، إلا أن المحكمة الإسرائيلية العليا أقرت بملكية الأرض للجمعيات الاستيطانية، الذين قدموا ورقة مزيفة للمحاكم عام 1972.
قرار إخلاء المنازل
على إثر قرار المحكمة، سلمت ما تسمى "دائرة الاجراء والتنفيذ الإسرائيلية" بداية الشهر الجاري عائلة الصباغ إمراً بإخلاء منازلهم بشكل نهائي حتى تاريخ 23 تشرين الثاني 2019 الجاري.
يقول محمد الصباغ، إن أمراً نهائياً يطالبهم بالإخلاء قد وصلهم يوم الخميس 3 تشرين الثاني الجاري، وأمهلهم مدة عشرين يوماً للإخلاء، أي حتى تاريخ 23 من الشهر الجاري.
وأضاف الصباغ في حوار مع "الحدث"، أنهم فور تسلمهم أمر الإخلاء تواصلوا مع المحامي الخاص بهم، والذي بلغهم أنه سيعمل على تجميد القرار.
محاولة المحامي بتجميد أمر الإخلاء لم تنجح هذه اللحظة، كما أن مطالبة العائلات من خلال طاقم الدفاع بتوسيع لجنة القضاة في المحكمة العليا من ثلاثة قضاء إلى خمسة قضاء قد قوبل بالرفض من قبل رئيسة المحكمة.
هنا ينقل محمد الصباغ عن المحامي الخاص، أنه فور انتهاء مهلة الإخلاء، لن ينفذ الاحتلال الإخلاء بشكل فوري، حيث ستقوم شرطة الاحتلال بالتفاوض مع العائلات للإخلاء الطوعي أو بالقوة.
يؤكد الصباغ، لن نخلي المنازل بشكل طوعي.
عن المنازل وملكية الأرض
يعيش في بناية عائلة الصباغ وفق ما علمت "الحدث" من محمد الصباغ 5 أشقاء، بواقع 32 فرداً، بينهم أطفال وكبار في السن.
وأوضح الصباغ، أنهم يعيشون في البناية منذ عام 1956، بعد تهجيرهم من أراضيهم ومنازلهم في يافا بعد النكبة، حيث بنيت العقارات في المنطقة بناء على اتفاق بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، ووزارة الأشغال العامة والاسكان الأردنية، على أن تنتقل ملكية الأرض للعائلات بعد فترة متفق عليها.
وبحسب مركز معلومات وادي الحلوة، تبلغ مساحة الأرض حوالي 19 دونماً يعيش عليها حوالي 100 عائلة مقدسية بينهم عائلة الصباغ، معظمهم هجروا من الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 ومنهم من يملك العقارات في المناطق التي احتلت عام 1967.
حقيقة الاستيطان في الشيخ جراح
يعتبر حي الشيخ الجراح أكثر الأحياء المقدسية حساسية لموقعه الاستراتيجي، وهو أحد الأحياء المحيطة بالبلدة القديمة في القدس من الجهة الشمالية، ويبعد حوالي 2 كم عن باب العامود وباب الزاهرة، وتمتد إليه أراضي قرية لفتا المُهجّرة، وقد احتل مع احتلال القدس الشرقية عام 1967.
الحي الذي يسكنه أكثر من 4000 فلسطيني، شيد فيه الاحتلال مقرا ًللشرطة، وقاعدة لحرس الحدود، والمجمع الحكومي، وهناك أيضاً وضعت الجمعيات الاستيطانية يدها على عدد من المنازل الفلسطينية تعود لعائلات الغاوي والكرد وحنون، وتم تحويلها بعد طرد أصحابها إلى بؤر استيطانية.
بدأت أطماع الاحتلال الإسرائيلي في هذا الحي بعد احتلال ما تبقى من القدس عام 1967، بادعاءات أن هناك قطعة أرض موجودة في الحي يوجد فيها ما يسمى بقبر "شمعون الصديق"، وأن ملكية الأرض يهودية منذ العام 1885، وهم يطالبون باسترجاع هذه الأرض بادعاء أنهم مالكون لها.
المحامي أحمد الرويضي كان قد صرح في لقاء سابق مع "الحدث"، أنه تم بناء 28 منزلاً للفلسطينيين في هذه الأرض، وذلك بناء على اتفاقية وقعت عام 1956 بين الحكومة الأردنية ووكالة الأونروا ومع السكان، وهم بالأصل كانوا لاجئين في ذلك الوقت، وبموجب الاتفاقية منح هؤلاء السكان حق إقامة المنازل على هذه الأرض، ودفع مبلغ إيجار رمزي لمدة 3 سنوات من تاريخ بناء المنازل، وبعدها يتملكون الأرض في العام 1959، وذلك مقابل التنازل عن بطاقة الإغاثة.
وأضاف الرويضي أن مالك هذه الأرض هو سليمان درويش حجازي، وهو مواطن فلسطيني توفي مؤخراً، ولديه إثباتات أنه صاحب هذه الأرض، وأوراق من الطابو التركي تثبت ملكيته لها، ولديه محاميا موكلا بالدفاع عن القضية حتى اليوم.
وفي حالة استيطانية أخرى في حي الشيخ جراح، كشف المحامي الرويضي أنه في الجهة الغربية من الحي هناك منطقة يطلق عليها "كبانية أم هارون"، تدعي الجمعيات الاستيطانية ملكية 32 منزلاً هناك، وفيها يتم التخطيط لبناء وحدات استيطانية جديدة