الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إخفاء مفبرك لإختطاف (سامي سرحان)

2014-06-19 00:00:00
إخفاء مفبرك لإختطاف (سامي سرحان)
صورة ارشيفية
 
 
 
 
 

إخفاء مفبرك لإختطاف

 

سامي سرحان
 
ليس ثمة حتى الآن ما يؤكد وبعد ستة أيام على الرواية الإسرائيلية أن عملية اختطاف تمت في غوش عتصيون لثلاثة مستوطنين "شبان أو قاصرين أو تلاميذ" على أيدي حركة حماس المتهم الجاهز عند إسرائيل. فلم تتبنى حركة حماس أو غيرها من المنظمات الفلسطينية الرواية الإسرائيلية بل نفت أن تكون أقدمت على فعل ما صرحت به إسرائيل وحملتها مسؤوليته. الثلاثة المعنيون اختفوا وفق الرواية الإسرائيلية دون أن يتضح بعد وفق مصدر عسكري إسرائيلي ما اذا كانت خلية محلية هي التي تقف وراء الحادث في منطقة غوش عتصيون الواقعة بين بيت لحم  والخليل أو خلية تم توجيهها من الخارج.
 
ويفترض الناطق الإسرائيلي بأن الشبان الثلاثة هم على قيد الحياة ويعمل الجيش على إطلاق سراحهم، واللافت أن الرواية الإسرائلية حول اختفاء هؤلاء الثلاثة "مرتبكة"، لكن الرد العسكري الذي رافقها حاسم وشامل وسريع، فالجيش الإسرائيلي بكل قطاعاته وأسلحته من دبابات ومدرعات وطيران ومظليين ونخبة ينفذ عملية واسعة من الدهم والتفتيش والإعتقال وتحطيم المنازل ومحتوياتها وحظر التجول وحصار المدن ووضع الحواجز العسكرية على الطرقات، وفصل محافظات الضفة ومدنها، بعضها عن بعض، إلى درجة التصريح بأنه لن يبقى في الضفة حجر على حجر، حتى يعثر على الثلاثة المختفين "المخطوفين" من مستوطنين.
 
وما يعزز الإعتقاد بأن الحادثة "مفبركة" من أولها الى آخرها رد الفعل الإسرائلي المبالغ فيه إلى درجة فرض عقوبات جماعية على المواطنين مثل منعهم من السفر وحظر التجول والتنقل والاعتقالات الجماعية.
 
فماذا تقصد الحكومة من وراء هذه الحادثة وما الذي تخطط له؟
يقول مصدر عسكري إسرائيلي بارز يعتقد أنه وزير الحرب يعلون "أن انعكاسات بعيدة المدى ستترتب على هذا الحادث، وأن الجيش سيذهب في هذه الحابة حتى النهاية"، وأن عملية الجيش تستهدف كل مستويات حركة حماس وان إمكانية إبعاد كبار مسؤوليها من الضفة ستطرح على الحكومة"
 
وتذكرنا هذه العملية اليوم بالذرائع الإسرائيلية التي ساقتها لاجتياح لبنان في حزيران عام 1982 عندما اتخذ مناحيم بيغين رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك من حادثة إطلاق النار على السفير الإسرائيلي في لندن على أيدي جماعة أبو نضال التي كانت على خلاف حاد مع قيادة أبو عمار ذريعة لغزو لبنان وصولا إلى بيروت حيث قيادة م.ت.ف.
 
وكان أبو عمار رحمه الله يحذرر قبل حادثة السفير بشهور من عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق سماها "الاكورديون"، بحيث تطبق القوات الإسرائيلية وقوات بشير الجميل الانعزالية من الجنوب والشمال على قوات الثورة الفلسطينية، وكان من نتيجة العملية ان غادرت الثورة وقيادتها بيروت في آب 1982، واستقرت في تونس لتعود منها الى الوطن.
لقد وجدت الحكومة الإسرائيلية في الفترة الأخيرة نفسها في عزلة دولية تزداد يوماً بعد يوم بفضل السياسة العقلانية للقيادة الفلسطينية الراغبة حقاً في سلام عادل يقوم على أساس الدولتين. وحمّل المجتمع الدولي بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا إسرائيل مسؤولية فشل المفاوضات ومهمة الوزير جون كيري.
 
وتكرست هذه العزلة عندما تمت المصالحة الفلسطينية وشكلت حكومة التوافق الوطني ورحب العالم بها وبالتزامها بالبرنامج السياسي للرئيس أبو مازن، على غير رغبة من اسرائيل.
وقد امتدت آثار المصالحة إلى حكومة نتنياهو التي دبت الخلافات في صفوفها وباتت مهددة بالإنهيار، لإختلاف التوجهات بين مكوناتها حول ضم المستوطنات الكبرى ومنها تجمع "غوش عصيون" الاستيطاني، وأراضي الضفة المصنفة (ج)، فجاءت فبركة هذه الحادثة لتعيد ترتيب الأوراق الإسرائيلية في ضوء إتهام حماس الشريك في حكومة الوفاق بالوقوف وراء إختفاء المستوطنين الثلاثة ولتخرج لتقول للعالم أنك كنت مخطئاً في الإعتراف بحكومة الوفاق الفلسطينية التي تمارس "الإرهاب".
 
إن إسرائيل عملت على تعميق الإنقسام الفلسطيني وترى فيه مصلحة لها فهي لا ترى ان هناك وحدة سياسية أو جغرافية بين الضفة وغزة، وبالتالي لا تعترف بدولة تشمل الضفة وغزة والقدس وهي اليوم لا تخفي نيتها ترحيل جزء من قيادات وكوادر حماس، عن الضفة وربما إلى غزة أو حتى خارج غزة، لأن حكومة نتنياهو تفكر في انسحاب احادي الجانب من بعض مناطق الضفة وتضم بعض المناطق الأخرىن وعليه فإن الحذر ي هذه المرحلة واجب على القيادة والكوادر والشعب من استغلال حادثة المستوطنين الثلاثة لتذهب حكومة إسرائيل الى نهاية الشوط وتفرض مخططها الذي يقوم على استبعاد حل الدولتين وأيضاً استبعاد حل الدولة الواحدة ثنائية القومية وفض حل الكانتونات في الضفة الذي نشهد بوادره بحصار الخليل في الجنوب وحصار نابلس في الشمال وعزلهمها عن رام الله في الوسط وأريحا في أقصى الشرق.